الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي إحساس بقصر في التنفس وأعاني من ضيقة وكتمة، فما سببها؟

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله خير الجزاء على جهدكم المبارك.

أنا رجل بعمر 20 سنة, تعرضت منذ شهرين لحالة أثرت على حياتي, حين بدأت أحس أن نفسي أصبح قصيرا، بمعنى أنه تغير، وبدأت أحس أنه أصبح أقصر من الماضي.

بدأت هذه الحالة بينما كنت مستلقياً على سريري أتابع أفلاما, فبدأت أحس أني مكتوم، وأني لا أشعر بارتياح إذا تنفست, وأصبح كل تفكيري في تنفسي، لدرجة أنه أصبح إراديا بالنسبة لي, ثم تيقنت أن هنالك شيئا ما في صدري، إما مرض أو غيره.

أصبح يأتيني خفقان له نوعان, إما ضربات سريعة أو ضربات بطيئة ولكن قوية! وأنا إنسان أقلق كثيرا، حيث إني تعرضت للضغوطات في السنة التحضيرية بالجامعة، لأنها كانت سنة مصيرية لدخول التخصص، وربع الطلاب فقط يدخلون التخصص.

كنت أقلق تجاه هذا الموضوع كثيرا, المهم أني ذهبت للطوارئ وكان هناك طبيب صدر فحص نسبة الاكسجين وضغط الدم ومعدل ضربات القلب، وجدها كلها سليمة وممتازة ولله الحمد, ثم وضع سماعته على صدري وقال لي: تنفس ببطء ثم تنفس عميقا، وقال: إن صدري سليم، ولا يوجد هناك أي مشكلة بتاتا, رغم أني أشعر بضيق وقصر في نفسي, ثم ارتحت قليلا وذهبت للمنزل، وبعدها بيومين أزعجتني هذه الكتمة والحالة النفسية, فذهبت إلى طبيب قلب طالبا إياه أن يفعل كل شيء بوسعه لتحديد المشكلة, فقام بعمل أشعة صدر وقال: إن كل شيء سليم, وعمل تخطيط قلب، وقال: إنه ممتاز ولله الحمد, وعمل لي جهاز ايكو, وقال: إن قلبي سليم وطبيعي، ولا يوجد أي علة لدي!

علما أن لدي ارتجاعا بسيطا في الصمام الرئوي، أعرفه منذ القدم، لأنه أتاني في عمر الثانية، ولم يكتشفوه إلا بالصدفة في عمر الرابعة عشرة, ولم يؤثر علي أبدا ولله الحمد, بل كنت شخصا رياضيا وأتمرن وألعب الكرة ولا شيء يعيقني والحمد لله.

ارتحت قليلا بعد كلامه، وذهبت للمنزل, ثم عادت الكرة باليوم التالي، وأصبحت يائسا من حالتي وتعبت كثيرا، وأتعبني التفكير في أن هذا المرض لم يكتشفه أحد أو أن الأطباء لم يخبرونني بما لدي، وأنهم يكذبون علي لئلا يخيفونني!

بعدما طغى علي اليأس والوسوسة المستمرة والوهن والضعف, ذهبت إلى الرياض عند زوج خالتي وهو بروفيسور واستشاري في الطب الباطني وأمراض الصدر, ووضع سماعته على صدري وقام بالفحص وفحص أيضا بطني والغدة الدرقية، وللعلم أنه لديه تحليل للدم، وقال: إن كل شيء سليم وطبيعي 100% ولله الحمد, فقال أخيرا إن هذا قد أتى تبعا لانخفاض هرمون السيراتونين، ووصف لي علاج سيبرالكس, رغم أني أشعر بتحسن قليلا الحمد لله.

هذا الكابوس أصبح جل تفكيري، وأتعبني وسبب لي اكتئابا وشعورا بدنو الأجل، وأن هذا المرض لن يشفى أبدا! فقصر النفس والكتمة وضيق الصدر، ومحاولة التثاؤب الغير مجدية، والتثاؤب القصير، أتعبتني بشكل لا يصدق، فهي معي طول اليوم، وقد تخف أحيانا في فترة الظهر والمغرب, وتشتد عند النوم والاستيقاظ، لدرجة أحس أني سأفقد عقلي!

في الفترة الأخيرة أصبحت تأتيني آلام في صدري، وجوانب صدري، وأصبح يأتيني ألم شديد في جوانب ظهري عند محاولتي لأخذ نفس عميق، لدرجة أني أحس أنه في رئتي!

أرجوكم طمئنوني وساعدوني، فقد انقلبت حياتي 180 درجة، وأجلت الدراسة، وبدأت أحس بالتعب والوهن أينما كنت!

هل إذا كان هذا العامل نفسيا يجعلني أستيقظ من نومي مرعوبا ومختنقا؟ وهل يوجد شيء اسمه قصر نفس؟ بمعنى أن نفسي يقصر، ولا أحس بالراحة أبدا.

ساعدوني وطمئنوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ريان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أقول لك بكل ثقة وأمانة علمية: إنك لا تعاني من أي علة عضوية، والذي تعاني منه هو نوع من القلق النفسي، أدى إلى هذه الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها، وحين ينشغل الناس بالقلب وأمراض القلب وتظهر عندهم أعراض القلق والتوتر وشعور بغازات في البطن أو ضيق في النفس تتجسم الفكرة وتتضخم وتنمو وتتشعب، وأقصد بذلك فكرة أن الإنسان مريض بعلة قلبية أو شيء مشابه لذلك.

زوج خالتك – جزاه الله خيرًا – قام بكل الواجب وطمأنك، والذي أعجبني فيه أنه قد وصف لك أحد الأدوية المضادة للقلق والوسواس والاكتئاب، ولم يحتج لأن يحولك إلى طبيب نفسي، لأن قناعاته كانت واضحة جدًّا بأن الحالة نفسية.

إذًا يجب أن نتفق على هذا أنك تعاني من قلق وتوتر نفسي أدى إلى توتر عضلي، موضوع ارتجاع الصمامات بسيطة كانت أو شديدة ليس أمرًا طبيًّا مزعجًا، لأنها علة حميدة، وعشرة إلى خمسة عشر بالمائة من الناس لديهم هذا التغير التكويني، فاطمئن أيها الفاضل الكريم، انطلق من خلال ترتيب جديد لحياتك، كن مثابرًا في دراستك، ابحث نحو التميز، وسِّع من علاقاتك الاجتماعية الراشدة، اهتم بأمر دينك، ومارس الرياضة، ونظم الوقت، وتمارين الاسترخاء مهمة جدًّا.

ما وصفته بقصر النفس: هذا ليس علة طبية، إنما هو ناتج الاحتقان النفسي وليس أكثر من ذلك، ويعرف أن تمارين الاسترخاء هنا مفيدة جدًّا، فيمكن أن تتطلع على أي برنامج على الإنترنت أو تتواصل مع أخصائي نفسي، أو ترجع لاستشارة إسلام ويب والتي تحت رقم (2136015) وسوف تجد فيها الاسترشاد الواضح لكيفية تطبيق هذه التمارين.

بالنسبة للعلاج الدوائي: السبرالكس دواء راقي جدًّا وممتاز جدًّا، لكن يجب أن تعطيه الفرصة ليتم البناء الكيميائي.

جرعة عشرة مليجرام سوف تكون كافية جدًّا بالنسبة لك، وتحتاج أن تتناولها يوميًا لمدة ستة أشهر، بعد ذلك اجعلها نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا من وجهة نظري، لكن إذا الأخ الاستشاري زوج خالتك رأى غير ذلك فأرجو أن تتبع نصيحته.

أريدك أيضًا أن تدعم السبرالكس بعقار آخر يعرف باسم (فلوناكسول) واسمه العلمي (فلوبنتكسول) دواء لطيف وبسيط جدًّا يساعد في الاسترخاءات العضلية الناتجة من التوترات النفسية، والجرعة هي حبة واحدة في الصباح، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناولها بانتظام يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناولها.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأمنياتي لك بالتوفيق وكامل الصحة والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، ولنا جميعًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا ليبيا

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حالتي نفسك بالضبط
    اتمنى تكون تحسنت وتطمني
    الحمد لله على كل حال .

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً