الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب شاباً وأهله غير موافقين عليّ، ماذا أعمل؟

السؤال

مشكلتي بدأت قبل خمس سنوات، حين أحببتُ شاباً يكبرني بعامين، وأنا أعلم مُسبقاً حكم الحب، وكل هذه الأمور، ولكن وقع الخطأ، ولم أجد منه مفراً.

ما يحدثُ الآن أننا للأسف من مجتمعين مختلفين تماماً، لا يجمعنا شيء سوى أننا مسلمين، وقد حاولنا أن نرتبط، إلا أن رد أهله أتى بالتسويف أو التأجيل، خصوصاً لكوني في مجتمعهم أُعتبر أقل من المستوى، وأعترف أن الفكرة هذه لوحدها تقتلني، وتجعلني أشعرُ بدونيتي، رغم أني فتاةٌ متوسطةُ الجمال، وذكية، وجامعية، وقد فعلتُ الكثير من الإنجازات في حياتي.

أحياناً تمرُّ بي حالاتٌ أريد أن أتركه، إلا أن إلحاحه الشديد في بقاء العلاقة، ومحاولاته البائسة مع أهله تجعلني أتراجع عن قراري فأحيانا الأمر يتخطى قدرته فهو البكر ووالده محكوم عليه بالسجن 15 عاما، ودائما مشغولون بموضوع الأب دون موضوع زواجنا، وأيضاً كوني تربيتُ في بيئةٍ جافّةٍ عاطفياً تجعلني أحتاجُ إليه بشدة في الكثير من الأزمات النفسية والعائلية، وهو إنسان متفهم، ويحتويني بكل مشاكلي وهمومي، وأخشى أن أتركه فيشغلني الفراغ بشيءٍ آخر، أو خطئأ آخر، علماً أنه طيب جداً معي، رغم أننا لا نلتقي إلا نادراً، أو بالأصح ما أقصده أنه شاب أخلاقه عالية، وطيب القلب، ولا أعلم ماذا علي أن أفعل الآن بعد مضي كل هذا الوقت؟ وكيف لي أن أنسى؟ وهل من دواء يشفي القلوب المريضة بالحب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ إحساس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا -بابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله لك التوفيق والسعادة والإيمان، وأن يعمر قلبك بحب ربك لتصلح لك الأحوال، وأن يعينك على طاعته إنه الكبير المتعال.

لاشك أن أكبر دواء لعلاج القلوب المريضة بالحب التافه هو عمارتها بحب الوهاب الرزاق، ثم بحب رسوله الذي جاءنا بهداه، والانطلاق بعد ذلك من قاعدة الحب لله لحب كل ما يحبه -سبحانه ويرضاه-، واعلمي أن الله غيور على قلب عبده وأمته، ومن أحب غير الله عُذِّبَ بمحبوبة، ومن أحب مع الله رد عليه؛ لأن العظيم أغنى الشركاء عن الشرك، وقد مدح أولياءه بقوله:{ والذين آمنوا أشد حباً لله}، فتوبي إلى الله من هذه العلاقة التي بدأت في الخفاء، وتمددت في ميادين المعاصي الظلماء، وابتعدي عن الشاب حتى توضع العلاقة في إطارها الشرعي الذي يرضى الله.

ونتمنى أن لا تضيعي وقتك في الانتظار، واستغفري مما سبق من التواصل واحمدي من نجاك من الأخطار، واشغلي نفسك بذكر الواحد القهار، ونتمنى أن لا تعالجي جفاء الأهل بالارتماء في شباك الشباب، وتذكري أن فيهم ذئاب، كما أن علاقة الفتاة بالشباب لا بد أن تحتكم إلى أنوار السنة وقواعد الكتاب.

ونحن نوصيك بأن تتركي الشاب لله، واعلمي أن من تركت شيئاً لله عوضها الله خيراً، وأقبلي على ربك، واشتغلي بعبادته وذكره، وإذا كان في الشاب خيرا فسوف يأتيك الله به، ولا تقبلي به ولا بغيره إلا إذا كانوا من أهل الدين والأخلاق، وطرقوا على أوليائك الأبواب، وقابلوا أهلك الأحباب برفقة أهاليهم.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وندعوك إلى التوقف فورا حتى لا يضيع الوقت عليك وعليه، ونحن نقدر صعوبة الوضع؛ لكننا نوقن أن الأصعب والأخطر هو الاستمرار في هذه العلاقة الذي لها غطاءً شرعيا وليس لها مستقبلا.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، ووفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً