الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أكره التجمعات والأماكن العالية ويغلب عليّ التفكير السلبي.. أريد علاجًا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 17 عامًا، أعاني من توتر وقلق، لا أدري ما سببه، وأيضًا قبل أن أخرج لمكان ما يأتيني توتر، أفكر كثيرًا، ودائمًا أفكر قبل خروجي، دائمًا أفكر تفكيرًا سلبيًا لأشخاص في حياتي، وحتى من الأصدقاء وأيضًا كثرة الشك فيهم، وتأتيني هذه الأمور بكثرة عند النوم، والاستيقاظ من النوم، وكذلك الخجل إذا تكلمت أمام أشخاص كثر، وحتى إذا كنت في المدرسة، أو في الفصل.

أكره التجمعات مثل: الفسحة، أو الأعراس، أو المناسبات، علمًا بأني كنت أمارس العادة السرية، وتركتها منذ 4 أشهر، وكذلك أخاف من الأماكن العالية.

لا أستطيع زيارة طبيب نفسي لظروفي، وأرجو وصف علاج دوائي لحالتي.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل عام وأنتم بخير.

أيها الفاضل الكريم: المخاوف جُلُّها مكتسبة في مرحلة الطفولة المتأخرة، ونوعية المخاوف التي تعاني منها هي مخاوف عادية جدًّا، كثيرًا ما تكون مرتبطة أيضًا بمرحلتك العمرية، لكني أعتقد أنك حساس حول الأمر، وأنك تنظر لهذا القلق الذي يعتريك عند المواجهات بشيء من الحساسية المفرطة، فلا تكن حساسًا حول الأمر، أنت مثلك مثل الشباب الآخرين، لديك طاقات نفسية وجسدية ممتازة جدًّا، أهم شيء للتخلص من هذا التوتر هو أن تُكثر من الموجهات، حين تبدأ بالمواجهات سوف تحس بشيء من القلق في بداية الأمر، لكن بعد ذلك سوف ينخفض مستوى هذا القلق تمامًا.

أريدك أن تتخذ خطوات عملية جدًّا:
أولاً: يجب أن تكون الصلوات في المسجد، مع الجماعة، وفي الصف الأول، هذا من أعظم أنواع المواجهات الاجتماعية السليمة والصحيحة، والتي -إن شاء الله تعالى- يُكتب لك فيها الأجر العظيم، وفي ذات الوقت تتخلص من مخاوفك.

وأريدك حين تكون في المسجد أن تتصور أنك أنت الذي تصلي بالناس، أنك أنت الإمام، هو بشر وأنت بشر، فعش هذا النوع من الخيال، هذا تعريض ممتاز جدًّا.

أريدك أيضًا أن تثبت برنامجًا رياضيًا بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، تخرج مع زملائك، تمارس أي نوع من الرياضة: كرة القدم، التنس، أي شيء يجعلك تتفاعل وتختلط مع الآخرين.

النقطة الثالثة هي: أن تبحث عن أي نشاط اجتماعي أو ثقافي، انضمامٍ لأحد الجمعيات المدرسية، أو لجان اجتماعية، والذهاب لحلقات القرآن حتى ولو مرة في الأسبوع، هذا نوع من التعرض الاجتماعي السليم والصحيح جدًّا.

رابعًا: كن ذو فعالية داخل المنزل، اسع دائمًا لبر والديك، قدم اقتراحات جديدة لترتيب أمور الأسرة وإسعادها، كن نشطًا، رتب غرفتك بصورة جيدة، وكذلك ملابسك ... إلخ، هذه أمور بسيطة جدًّا، لكنها ترفع كثيرًا من الكفاءة الاجتماعية عند الناس.

أنا سعيد بالطبع أن أسمع أنك توقفت عن ممارسة العادة السرية، وهذا إنجاز كبير.

الخوف من الأماكن العالية والمرتفعة هو أيضًا أحد أنواع المخاوف المعروفة جدًّا والكثيرة، وللتخلص منها أن تتخيل نفسك أنك في الطابق العشرين، أو الثلاثين في أحد الأبراج، وتقوم بالنظر إلى الأرض، تخيل هؤلاء العمال الذين نشاهدهم ينظفون زجاج هذه الأبراج من الخارج، عش هذا الخيال بدقة وتمعن وتفكر، هذا نوع من التعريض نسميه التعرض في الخيال.

وأريدك في ذات الوقت أن تذهب يوميًا وتصعد في أحد العمارات، وابدأ بالطابق الأول، وبعد أن تقف على حافة البلكونة لهذا الطابق وانظر إلى الأرض لمدة خمس دقائق، ثم بعد ذلك اذهب للطابق الثاني، وقم بنفس الشيء، ثم الثالث، وهكذا.

طبق هذه التمارين يوميًا لمدة أسبوع، وسوف تجد أن قلق المرتفعات أو خوف المرتفعات قد انخفض عندك كثيرًا، المهم هو التطبيق، والمواجهة، والتجنب إذا كان ذُهنيًّا، أو معرفيًّا أو فعليًّا يقوي المخاوف ويزيد منها، أما المواجهة والإقدام والإصرار والتحدي على مستوى الخيال، وعلى مستوى الواقع هي العلاج الأساسي لمثل هذه الحالات.

اتبع الخطوات العملية التي ذكرتها لك، -وإن شاء الله تعالى- سوف تجد ما تسعى له.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيًرا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً