الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من خطبتها تشترط السكن بعيدا عن أهلي وأنا ابنهم الوحيد، هل أتركها؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب ملتزم، وأحسب نفسي خلوقا، خطبت فتاة منذ سنة ونصف، أعمل مدرسا، وضعي المادي ليس ميسورا، وأنا وحيد بين ست بنات، وأمي متعلقة بي بشكل كبير.

والدي أخبرني أنه سيساعدني في إعمار منزل لي فوق بيت أهلي، وعندما علمت خطيبتي باﻷمر رفضت رفضا قاطعا لثلاثة أسباب:

أولا: هي بنت مدينة وأنا ابن ريف.
ثانيا: تخاف هي وأهلها من السكن فوق بيت العم.
ثالثا: لا تريد أن تبتعد عن أهلها.

أنا أريد أن أسكن فوق أهلي؛ ﻷبر بأمي وأبي، وأحفظ أخواتي والله الحافظ، حاولت إقناعها بكل الوسائل لكن للأسف لم أفلح، فهل أتركها؟ والحمد لله أني لم أعقد قراني عليها، أنا أحبها وهي تحبني، لكنها رفضت وخيرتني بين تركي مقابل السكن.

أفيدوني سريعا بالله عليكم؛ ﻷن الموضوع لا بد أن يحسم خلال يومين بارك الله فيكم، ووالله أنتم لي كاﻷخ واﻷب والمعلم، غيرتم حياتي كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله أن يرزقك بر والديك بعد طاعتك لربك، وبرهما من طاعة ربنا وربك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

لا شك أن أولى الناس بالرجل أمه، وبر الوالدين في مثل حالتك مقدم، وكنا نتمنى أن نسمع وجهة نظر والديك، مع أننا نؤكد أنهما بحاجة إلى قربك، ورضاهما باب لكل توفيق وخير.

وإذا أصرت الفتاة وأهلها فإننا نميل إلى تركها، ونسأل الله أن يسهل أمرك وأمرها، وأرجو أن تحسن الاعتذار، وأن يكون الفراق بدعاء واحترام وإحسان؛ وذلك لأن طريقتها وأهلها في التفكير لا تشجع على إكمال المشوار، كما أن إظهار هذه الأفكار بهذه الطريقة لا يساعدك على التوفيق بين حقوقها وحقوق والديك وأسرتك، كما أن الانطباع سالب مع غياب روح التضحية من أجل من تحب، وهذا سيفتح أبوابا للتوتر داخل الأسرة، والقلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا ينجبر.

ويؤسفنا أن نقول: إن مثل هذه المطالب يوصلها الشيطان بطريقة خاطئة، مفادها:

1- أنا متكبرة على وضعكم، أنتم من أهل الريف حيث التخلف.
2- لن أعيش معكم، أريد أن أنفرد بزوجي وآخذه منكم وأريد خصوصيتي.
3- أنا ثقافتي من المسلسلات وأتوقع الشر من الحموات.
4- أنا أقدم حبي لأهلي على راحة زوجي.

ونعوذ بالله من شيطان همه أن يزرع العداوة والبغضاء، فاحمد الله الذي أظهر لك هذه الأمور منذ البداية، وأرجو أن يستفيد الجميع مما حصل، والمؤمن لا يلدغ من الجحر الواحد مرتين، ومن هنا فنحن ننصحك بتوضيح هذه الأمور منذ البداية، وقبل أن تتعمق مشاعر الحب، فيجد كل طرف نفسه بين خيارين أحلاهما مر.

وعندما توفق بزوجة تقبل وضعك وترضى بأهلك، فإننا ننصحك بأن تكرمها وتنصفها وتحفظ لها خصوصيتها، فالنجاح والفلاح في التوفيق بين حق الوالدين وحق شريكة العمر، والشريعة التي تدعوك لبر الوالدين هي الشريعة التي تريد منك حسن المعاشرة والإكرام للزوجة، والويل لمن يقصر في هذا أو ذاك، وإذا وجدت المرأة التقدير من زوجها، والدعم المعنوي والإكرام لأهلها نجحت في التعامل مع أهل الزوج وإكرامهم، والشريعة بآدابها تدعوها إلى إكرام واحترام أهل زوجها وخاصة والديه، ومن هنا فالدين ضمانة للفوز والخيرات.

نسعد بتواصلك مع الموقع، ونتمنى أن تدير الأزمة بهدوء، وتتخذ قرارك في ثبات، وأخلص في نيتك وعملك، وانتظر التوفيق والتأييد من الرب المجيد، وصيتنا لك بتقوى الله والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

وفقك الله وسدد خطاك، وثبتك وتولاك، وأعانك وهداك، ولك منا الحب والدعاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً