الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأثرت جدا بوفاة ابن عمتي وتغيرت حياتي، فهل هذا طبيعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما توفي ابن عمتي، لا أعلم ما الذي أصابني؟ فقد أصبحت كثيرة البكاء في وقت الليل خاصة، وفي دورة المياه - أعزكم الله -، ولم أكف عن البكاء، والشاهد على ذلك وسادتي التي ابتلت بالدموع، وجدران دورة المياه التي سمعت أنيني، لقد أصبحت لا أنام إلا بعد رحلة طويلة من البكاء.

أما الآن أصبحت لا أبكي إلا مرة واحدة في الأسبوع؛ وذلك لأنني أحاول جاهدة إشغال نفسي عن التفكير به.

محاولة نسيانه صعبة جداً، ولكنني أحاول، أعلم أن ما يحدث لي ليس طبيعياً، لقد تغيرت عدة أمور في حياتي، فقد مضت سنتان على وفاته، ولا زلت أبكي وكأنه للتو قد توفي.

علماً بأنه في العقد الثاني من عمره، أريد أن أعرف فقط ما الذي يحدث لي؟ وهل ما أعانيه يعتبر أمراً طبيعياً؟

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يرحم ابن عمتك، وأمواتنا، وأموات المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا لما صاروا إليه، وأن لا يحرمنا أجرهم، ولا يفتنا بعدهم، وأن يغفر لنا ولهم.


لا يخفى عليك أن دمع العين وحزن القلب لا شيء فيه، وقد دمعت عينا رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، فقال له سعد بن عبادة: وأنت يا رسول الله، فقال: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء).

ومن المهم أن يعبر الإنسان عن حزنه، وليس الأمر كما يفعل بعض الناس حين يمنعوا الحزين عن البكاء ولو بالدموع، فيترتب على ذلك خلل واضطراب نفسي.

وحق لك أن تحزني على من مات، وهو في ريعان شبابه، ولكن الاستمرار في البكاء، وفي الخفاء، قد يكون سببه أنك لم تفرغي شحنات الحزن في وقتها، وربما منعك الحياء من ذلك، وربما وربما...الخ.

وقد يكون سبب البكاء، هو فقد عزيز على النفس، فهو لا يغيب عن الذاكرة، وقد يكون البكاء خوفاً من المصير، وقد وقد...الخ، وليس هناك إشكال، طالما ابتعدت عن الاعتراض على قضاء الله وقدره، ولم تشقي جيباً، ولم تلطمي خداً، ولم ترددي دعوى الجاهلية ونياحتها على الأموات.

وليس هناك داع للانزعاج؛ لأن الأمور تسير في طريق النسيان، والمهم هو الدعاء له، وللأموات، ولنفسك، والتصدق له، والاستغفار، وغير ذلك من الأعمال، كالعمرة والحج.

وهذه وصيتنا لك: بتقوى الله، ثم بالاتعاظ بمن مضى، والدعاء والصبر، فالعاقبة للصابرين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً