الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الموت يخيفني ولا أستطيع ممارسة حياتي، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

قبل البدء بطرح مشكلتي أود أن أشكركم على ما تقدمونه من استشارات ونصائح، وأسأل الله أن يوفقكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 27 عاماً، ولله الحمد ملتزم، وأطيع الله وأخافه في السر والعلن، وأعاني من مشكلة، وهي وسواس الموت، أو اقتراب الأجل، يخيفني لدرجة كبيرة، بحيث لا أستطيع أن أمارس حياتي بشكل طبيعي.

بداية المشكلة كنت أتصفح داخل شبكة الانترنت، وأحببت أن أوسع نطاق معرفتي في الدين، لكن المشكلة بدأت عندما قرأت عن الموت واقتراب الأجل، وذلك لقصص قرأتها إن الله تعالى يرزق كل إنسان بإرسال إشارات له تدل على اقتراب أجله؛ كي يستعد، سواء كان كافراً أم مسلماً، وكان هناك أمثلة أعدها الكاتب، ومنذ ذلك الحين انقلبت حياتي رأساً على عقب، وتعبت نفسياً.

إذا خرجت من المنزل ورأيت سيارة نقل الموتى أتذكر ما قرأته في ذلك الكتاب، وأقول في نفسي: هذه علامة اقتراب أجلي، وإذا شاهدت التلفاز، وكان هناك مشهد موت أو شخص توفي، أقول تارة في نفسي: اقترب أجلي، وهذه علامة، وإذا تصفحت الانترنت وكانت هناك كلمة، أو مشهد يحتوي على الموت، أقول: اقترب أجلي.

منذ ذلك الحين وأنا مرهق نفسياً، ولم أعد أحتمل ما يمر علي من أفكار، لدرجة أني صرت أتجنب الكثير؛ خوفاً من تلك الأفكار، وأصبحت لا أبالي بمستقبلي؛ نتيجة تلك الأفكار، وأصبح القلق والخوف يتملكني طيلة الوقت.

أتمنى أن تساندوني بتوجيهاتكم، شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لديك بعض الهشاشة النفسية، مما يجعلك قابلاً للقلق والوسوسة والمخاوف، وقطعًا ما اطلعتَ عليه في الإنترنت حول الموت هو الذي أثار عندك هذه المخاوف الوسواسية، وأنا أقول لك أيها الفاضل الكريم: تأثرك هذا ناتج من البناء النفسي لشخصيتك، وعليه يجب أن تكون إنسانًا منفتحًا، وقويًّا وصامدًا، وذا همّة عالية، وأنت مُدرك لحقيقة الموت، الموت آتٍ ولا شك في ذلك، والإنسان يسأل الله تعالى أن يطيل عمره في عمل الخير والصلاح، ويسأل الله تعالى أن يحسن خاتمته، (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه)، وأن تجتهد في أمر دينك، وفي عبادتك، وأن تسعى لتعيش حياة طيبة وهانئة وقوية.

أما الموت فلا أحد منا يستطيع أبدًا أن يتحكم فيه، الخوف منه لا يزيد في أعمارنا، ولا ينقصها لحظة واحدة، الخوف من الموت يجب أن يكون حافزًا ومحفزًا للإنسان من أجل أن يعمل ما هو صالح، وتعيش حياتك بقوة، وبنفع لك ولغيرك، وتسعى لآخرتك، هذه هي المفاهيم التي يجب أن تزود نفسك بها أيها الفاضل الكريم.

لا أعتقد أن المعلومة التي قرأتها كلها دقيقة حول أن الإنسان يعرف إشارات موته وشيء من هذا القبيل، قال تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمري ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً} وقال صلى الله عليه وسلم: (خمس لا يعلمهنَّ إلا الله) ثم قرأ: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت} وقال الله تعالى: {لكل أمَّة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}، وللفائدة راجع العلاج السلوكي حول الخوف من الموت: (261797 - 272262 - 263284 - 278081).

هذا أمر حاسم ومحسوم، ولا داعي أبدًا للإنسان أن يوسوس حوله، احرص على الأذكار، احرص على الصلاة في وقتها، ساعد الآخرين، تواصل اجتماعيًا، مارس الرياضة، استمتع بهواياتك الجميلة الطيبة والمباحة، طوّر من ذاتك، طوّر من مهاراتك... هذه هي الطريقة الصحيحة التي تُخرج نفسك من هذه المخاوف الوسواسية أيها الفاضل الكريم.

أما إذا كانت درجة القلق والخوف فوق طاقتك فهي بالفعل مرضية، وهنا يمكن أن تتناول دواءً بسيطًا مثل الـ (فافرين) والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) تناوله بجرعة صغيرة جدًّا، وهي خمسون مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسون مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا ابوفهد

    أسال الله ان يشفيني ويشفي كل مريض وان يرزقكم ويوفقكم على هذه النصائح وشكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً