الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من أفكار ونوبات هلع متسلطة وقلق وتوتر، فما تشخيصكم؟

السؤال

السلام عليكم

شكرا لكل المجهودات التي تقدمونها، وأنا متابع لكم، قبل فترة أصابتني نوبات الهلع والفزع، وأفكار متسلطة، وقلق وتوتر نفسي، وألم في عضلة الصدر اليسرى مع الذراع، عملت كشفا وقلبي سليم؛ لأني حسبته ألما في القلب، ولا أعلم حقيقة الأفكار هل هي وساوس أم مجرد عصاب ما بعد الصدمة؟

لأنه في نفس الفترة التي أصبت فيها بهذه الأعراض كنت أمر بصدمة، علما بأن الأفكار -هذه المتسلطة- تخص الصدمة أو الحادثة بشكل خاص وأشياء أخرى بشكل عام، وهي أشياء شاذة، مثل أني مريض عقلي، وأني مصاب بمرض خطير –والحمد لله- تخلصت من نوبات الخوف والفزع والقلق بدرجة كبيرة من التوتر والقلق وألم عضلة الصدر بقراءة القرآن، وإشغال وملء وقت الفراغ فيما يفيد، وركزت على تمارين الاسترخاء العميق والرياضة بشكل عام، إذاً هل أنا مصاب بوسواس؟

مع العلم أني -ولله الحمد- أستطيع السيطرة على هذه الأفكار بصرف النظر عنها بالتمام، هل أنا في طريق سليم؟ وبماذا تنصحونني؟ وهل أستخدم علاجات الحبوب أم حالتي جيدة لا تحتاج؟ علما بأني لا زلت صغيرا في السن، وعمري 20 سنة.

وأريد أن أضيف شيئا: أنا لم أكن لأصلي وأقرأ القرآن، وأقترب إلى ربي لولا هذا الشيء أو هذه المحن التي مرت عليّ، أنا لست حزينا، بالعكس؛ لأنه لولا هذا البلاء لما كنت حافظت على أوامر ربي.

وشيء آخر: هو أني الآن أحس بإحساس داخلي رائع أحسه مثل الطمأنينة والراحة الداخلية، وتزاداد عندما أصلي وأقرأ القرآن والأذكار، فما هو هذا الإحساس؟

وشكراً لكم وآسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الجميل في رسالتك أنك تعرف الداء وقد عرفت الدواء، فأنت قطعت دابر هذا القلق والتوترات من خلال توجهك الإيجابي وإصرارك على التخلص من الأعراض، وممارستك للرياضة، والاسترخاء المتعمق، وفوق ذلك حرصك على الصلاة وقراءة القرآن والأذكار والعمل بها.

إذًا أنت الآن وصلت إلى جرعة علاجية وتركيبة سليمة جدًّا، أريدك أن تستمر عليها. إحساسك الجميل بالراحة والطمأنينة الداخلية والذي يزداد حين تصلي وتقرأ القرآن والأذكار، هذا يدل أنك الحمد لله تعالى قد انتقلت أو في طريقك نحو النفس المطمئنة. الإنسان له ثلاث نفوس: نفس أمّارة بالسوء، ونفس لوّامة، ونفس مطمئنة. الذي يظهر لي أن نفسك اللوّامة كانت راقية وطيبة ورقيقة، لذا جعلتك أكثر حرصًا في أمور دينك مما أدخلك على بوابة النفس المطمئنة، وهذا أمر طيب وجميل.

أيها الفاضل الكريم: ما تبقى لديك من أعراض هي أعراض وسواسية، لا نقول أنك مصاب بالوسواس القهري بمعاييره التشخيصية المعروفة، إنما هو نوع من الظاهرة الوسواسية، وجُهدك العلاجي محترم وممتاز.

وبالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أفضل أن تتناول جرعة بسيطة من الدواء ولفترة قصيرة، وأفضل دواء يساعدك هو عقار (فافرين) والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) وأنت تحتاج أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا فقط، وهي أصغر جرعة من هذا الدواء، تناولها ليلاً لمدة شهرين ونصف، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ واحدٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

وفي ذات الوقت استمر في نفس تطبيق برامجك السلوكية والمعرفية الإيجابية، فقد ساعدتك كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً