الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني خوفًا وقلقًا من المرض والسفر بعدما أخبرني بإصابتي بالخوارج القلبية.. فما علاجي؟

السؤال

السلام عليكم
أنا شاب عمري 21 سنة، فحصني الطبيب، وقال لي: إن عندك صوت لغط في القلب، طبعًا تقبّلت الأمر، وذهبت لطبيب قلب، وعملت (ايكو) للقلب، وقال: إني سليم، وارتحت، وبعد فترة كنت -أحيانًا- أحس بألمٍ في الصدر، فصار عندي شك، لكن حياتي طبيعية، ولا أخاف من هذا الألم.

بدأت أقرأ في النت عن أعراض القلب، وقرأت أن من الأعراض ضيق التنفس، من هنا بدأت المشكلة، صرت أتخيل أن عندي ضيقًا، إذا طلعت وخرجت من البيت، صرت أتنفس بزيادة، وصار عندي تنمّل في اليدين، وإذا رجعت البيت يزول التنمل.

بعد ذلك -الحمد لله- قرأت أن سبب التنمّل زيادة التنفس، وصرت أتنفس بشكل عادي، وحُلّتْ المشكلة، لكن في أحد الأيام، وأنا في صلاة الجمعة، صار عندي خوف، وقلبي يدق، لكني تحملته إلى أن خرجت، وصار عندي خوف إذا ذهبت خارج البيت بعيدًا عن المنزل.

أنا أعاني من الأعراض، وهي خوف وتسارع دقات القلب، وأحيانًا أحس بعدم الراحة، وثقل بالرأس، أنا عندي خفقان من قبل، وأخاف من السفر وحيدًا، خاصة بعد النوبة التي حصلت لي، سابقًا كان السفر بالنسبة لي أمرا عاديا، أذهب إلى المريخ، ما عندي مشكلة لكن الآن الخوف سيطر عليّ!

أعاني من هذه المشكلة منذ عدة أشهر، من بداية 2014، الآن -الحمد لله- حالتي مستقرة، ولكنّ نوبة الهلع هذه خربت الدراسة والاعتماد على نفسي، أنا أدرس طب أسنان، وخائف هذه السنة من العملي.

أريد علاجًا لحالتي، حتى أستطيع أشتغل، أنا كنت إنسانًا إيجابيًّا جدًّا، الآن تغيّر الحال، هناك القليل من الإيجابية، لكن أحس أن حياتي تغيرت، صرت سلبيًّا، أريد علاجًا لحالتي، لكني خائف من الأعراض الجانبية، أنا الآن أخرج، لكن خروجي قريب من البيت، وأخاف ألا أرجع البيت؛ لأني لا أرتاح إلا في البيت، لا أستطيع أن أسافر بعيدًا وحدي، ولا أقدر على الذهب لطبيب نفسي.

أرجو أن يتمّ علاجي من نوبة الهلع هذه على أيديكم -إن شاء الله-، وأن أرجع للحياة على طبيعتها.

شكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فكما تفضلت وذكرت، بدأتْ حالتك في صوت اللغط أو ما يُعرف بالخوارج القلبية، وهي حالة -في معظم الأحيان- طبيعية وفسيولوجية، وتأتي في أوقات التعب أو الجهد الجسدي أو القلق النفسي، كما أن الإكثار من شرب الشاي والقهوة قد يأتي بها، وبعد ذلك بدأت الأعراض تتطور عندك، وأصبح القلق يهيمن عليك، وحدث لك نوع من التماهي المرَضيّ، أي أصبحت الأعراض تفصّل حسب ما أنت خائف منه، وهي الذبحات القلبية مثلاً، تطور الأمر، وأصبح لديك ما نسميه بقلق المخاوف، ومخاوفك أخذت منحى معينًا، وهو ما نسميه برهاب الساحة، أي الخوف من الخروج وافتقاد أمان البيت، ولديك أعراض نفسية جسدية، حالتك بسيطة جداً -أيها الفاضل الكريم- أرجو أن تطمئن، وأرجو ألّا تتشكّك وألّا توسوس حول الأمر، لا أرى أبداً دليلًا على أن لديك أي علة عضوية، الحالة نفسية في المقام الأول.

المطلوب منك الآتي:
أولاً: أن تجعل نمط حياتك قائماً على الاسترخاء، الاسترخاء في كل شيء: في تفكيرك، في جسدك، في طريقتك لإدارة وقتك، وحتى تصل إلى ذلك: عليك بالنوم المبكر، وعليك بتطبيق تمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة تحت الرقم (2136015)، فيها الكثير من الإرشاد المفيد جداً، لتطبيق هذه التمارين على نمط علمي صحيح، وعليك أن تمارس أي نوع من الرياضة، وتجنّب النوم النهاري، ونظّم وقتك، خاصة فيما يتعلق بدراستك، إذاً هذه هي النقطة الأولى، وهي نقطة هامة جداً.

النقطة الثانية: هي أن تجبر نفسك على أن تخترق مخاوفك، ما تخاف منه قم باقتحامه، وافعل ضده، اخرج من البيت، اقرأ، قل: بسم الله توكلت على الله، زود نفسك بشيء من الطمأنينة، وحقّر فكرة الخوف، لا بد أن تبدّل مشاعرك، ولا بد أن يكون فكرك فكراً ثاقباً وقويًّا لرفض هذا الخوف.

ثالثاً: أنا أفضّل أن تقابل الطبيب، أي طبيب، طبيب المركز الصحي أو غيره؛ ليقوم بفحصك فحصاً إكلينيكياً شاملاً، حتى تطمئن.

رابعاً: لا تكثر من شرب الشاي والقهوة، ولا تأكل الشيكولاته أيضاً؛ لأنها مثيرة في بعض الأحيان للخوارج القلبية الفسيولوجية الحميدة البسيطة، لكنها تسبب القلق لمن هو وسواسي وقلق.

النقطة الأخيرة: نعم، أنت ستستفيد كثيراً من أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، و(الزولفت) أو (الاسترال)، والذي يعرف باسم (سيرترالين)، دواء مثالي جداً، الجرعة المطلوبة هي نصف حبة 25 مليجراما، يتم تناولها ليلاً لمدة 10 أيام، بعد ذلك تجعلها حبة كاملة ليلاً، لمدة 6 أشهر، ثم نصف حبة ليلاً، لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم، لمدة شهرا آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، يضاف إليه عقار بسيط جداً، يعرف باسم (إندرال)، واسمه العلمي (بروبرانول)، جرعته هي أن تتناوله 10 مليجرام صباحًا ومساءً، لمدة شهر، ثم 10 مليجرام، صباحاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله، (الإندرال) دواء لطيف جداً، ويقلّل من الإثارة الفسيولوجية التي تؤدي إلى الشعور بالضربات والضيق في الصدر وضيق التنفس أو الرعشة، إن وجدت هذا الدواء، فإنه لا يعطى للذين يعانون من مرض الربو.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد،ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً