الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا مصابة بالوسواس، فكيف أتصرف في مثل هذه الحالات؟

السؤال

السلام عليكم

أنا مصابة بالوسواس، وأريد أن أعرف الحكم في هذه الحالة، وكيف أتصرف في مثل هذه الحالات؟

كنت أستحم وغلبني البول فبلت، وأرضية الحمام فوقها ماء، فوصل البول إلى أماكن أخرى غير موضع الاستحمام، وكان بقربي وعاء الاستحمام، فنظفت جسمي بماء كثير، وأظن أن ذلك الماء طهر موضع الاستحمام؛ لأنني صببت على جسمي مراراً وتكراراً، وحتى على الأرض قربي، لكن الأماكن المحيطة بي أظن أن بعضها لم يطهر، أما وعاء الاستحمام فقد كان بالقرب مني، فظننت أن أسفله طهر، لكثرة الماء المصبوب على جسمي وعلى موضع استحمامي.

بعد الاستحمام وضعت إناء الاستحمام في مكان آخر من الحمام، ولا أدري إن كان البول قد وصل إليه أم لا؟ مع احتمال إمكانية وصوله إليه؛ لأن الأرضية مسطحة، واحتمال وصول ماء الشطف إليه أيضاً، ولكنني لست متأكدة من نجاسته ولا من طهارته، فأردت بعد الاستحمام صب الماء على كل أرضية الحمام، بما في ذلك الأماكن المحيطة والتي تحققت من وصول البول إليها، لكن حدث معي أمر طارئ؛ فأمرت أختي ألا تلمس ما في الحمام حتى أقوم بتنظيفه هو وأسفل الوعاء الموضوع على أرضية الحمام، دون أن أخبرها بأمر النجاسة؛ لأنني خجلت.

قامت أختي بأخذ هذا الوعاء وهو مبلول من الأسفل على الأرجح، وقامت بتسخين الماء فيه، ولم أستطع إخبارها بإمكانية نجاسته من الأسفل؛ لأن أهلي يعلمون أني مصابة بالوسواس.

ما أقوله يسبب لي الإحراج حتى ولو كان صحيحاً، المهم قامت بتسخين الماء في ذلك الوعاء على الموقد، فخفت من تنجس شباك الموقد؛ لوضعها ذلك الوعاء عليه، خصوصاً أننا نستعمل ذلك الشباك -أحياناً- لشوي بعض الطعام، وذلك الشباك به طبقة دهون؛ لأننا عادة نمسح الموقد دون الشباك أثناء التنظيف، كما أن المقلاة بها طبقة دهون من الخارج ومن الداخل في الأعلى، لا تزول بالغسل، فأصبحت أخاف من تنجسها بوضعها على شباك الموقد، وإن احتمل أنه حصل ذلك فيستحيل تطهيرها؛ لأن طبقة الدهون لا تزول، وبذلك أصبحت أخاف أشد الخوف من إمكانية تنجس الطعام المطهو في المقلاة، أو المشوي على الشباك.

هل أحكم بطهارة الوعاء رغم أنني لم أقم بتطهيره، مع إمكانية تنجسه على ما ذكرت؟ أو أحكم أنه إن كان بالقرب مني وإن تنجس فقد طهر بجريان الماء الذي (شطفت) به نفسي أسفله، مع إمكانية بقاء بعض المناطق المحيطة بي، والتي قد لا يصلها الماء متنجسة؟

كذلك المكان المبلول بماء الاستحمام والذي وضعته عليه بعد ذلك أحكم بطهارته؛ لأنني لم أجزم بوصول البول إليه، رغم إمكانية ذلك، ومعها أيضاً إمكانية وصول ماء الشطف إليه وهو طهور، وبذلك يمكن تطهيره وإن لم أنو ذلك، وبهذا فقط أحكم بعدم انتقال النجاسة إلى الموقد وإلى الطعام وفمي وسائر أغراضي، وأنتهي من هذا الجحيم، أم أحكم بنجاسته وفي هذه الحالة ماذا علي فعله تحديداً؟

أرجو إجابتي -جزاكم الله خيراً-؛ لأن الوسواس أرهقني، وكلما عزمت على تركه كله تظهر لي مسائل كهذه.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك عاجل العافية والشفاء.

لا شك -أيتها الأخت العزيزة– أنك قد بلغ بك الوسواس مبلغًا عظيمًا، ولا سبيل لك للتخلص من هذه الوساوس وإراحة نفسك من عنائها وشرِّ وبالها إلا بالأخذ بالأسباب الشرعية التي جعلها الله عز وجل دواءً وشفاءً من هذا الداء، ومن ذلك التداوي بالأدوية الحسِّية.

ومما جعله الله عز وجل دواء للوسوسة أمرين عظيمين أرشد إليهما النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله عن الموسوس: (فليستعذ بالله، ولينتهِ).

فعلاجك: هو الانتهاء عن الاسترسال مع هذه الوساوس، والإعراض عنها بالكلية، فلا تعملي بمقتضاها، ولا تلتفتي إليها، فإذا رأى الشيطان منك الإصرار على سلوك هذا الطريق، والثبات عليه فإنه سييأس منك، وسيتحول عنك.

ووسواس الطهارة القضاء عليه سهل يسير، وذلك بأن تعلمي علمًا يقينيًا جازمًا أن الأصل في الأشياء الطهارة، وأنه لا يُحكم بتنجس شيء إلا إذا تيقنا وصول النجاسة إليه، يقينًا جازمًا كتيقننا من وجود الشمس في النهار، يقينيًا يستطيع الإنسان أن يحلف عليه، وما لم يحصل هذا اليقين فإن الأشياء طاهرة، فآنيتك وملابسك وغير ذلك الأصل فيها الطهارة، فلا تتزحزحي عن هذا الأصل، ولا تتحولي عنه إلا بيقين آخر، وإذا علمت هذا؛ علمت أن كل هذه الوسوسة التي كنت تعانين منها لا محل لها.

إن التخلص منها سهل يسير، ومما يعينك على ذلك أن تُدركي يقينًا أن الله تعالى لا يرضى منك هذا الاحتياط الذي يحاول الشيطان أن يُقنعك به، ويزين لك أنه من الدين، وأنك تهتمين بدينك وبطهارتك، فكل هذا مصدره الشيطان، والله تعالى لا يرضى باتباع خطوات الشيطان، قال سبحانه: {يا أيهَا الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

اعقدي العزم على عدم الالتفات لهذه الوساوس، واستعيذي بالله منها، وابقي على الأصل في طهارة الأشياء، وإذا ثبتّ على هذا وصبرت فإن الله تعالى سينصرك على هذه الوساوس، وستزول عنك.

نسأل الله تعالى لك عاجل العافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً