الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوسي في الانتصاب جعلتني أظن في الله سوءا..فهل من حل؟

السؤال

السلام عليكم.

سؤالي اليوم له عدة جوانب نفسية وعضوية وروحانية.

أنا بعد مدة ضعف الانتصاب السابقة عدت إلى طبيعتي, وحدث في صباح يوم الخميس الماضي أني -والعياذ بالله- قلت: أنا أتحدى الله أن تستمر القوة الجنسية لدي, من يأسي أنها ستستمر, ثم بعدها بثوانٍ استغفرت الله كثيراً, وشعرت بخنقة وضيق نفس, ثم خلدت إلى نوم طويل, يصل إلى 11 ساعة, واستيقظت بصعوبة, وإذ بي أجد أني ضعيف جنسياً.

عدت إلى التفكير في موضوع التحدي, واستغفرت الله كثيراً, وأنا على جنب, ونفسيتي بحالة سيئة, وشهدت الشهادتين, وأنا لا أستطيع ترك العادة السرية, علماً بأن التحدي كان في لحظة كنت فيها غير مدرك, فما رأي الطب في ذلك؟

اليوم شعرت بالتحسن حتى قذفت, فكان القذف ضعيفاً, وأشعر بألم في القضيب عند الانتصاب, والمني كان قليلاً, وأشعر ببرودة في منطقة العانة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد مجدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك أخي الحبيب في موقعك إسلام ويب, ونسأل الله الكريم أن يبارك في عمرك, وأن يحفظك من كل مكروه.

وبخصوص ما سألت عنه أخي الحبيب؛ فإننا نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:

أولا: ما حاك في صدرك مما لم ترتضه لنفسك, ولم تعتقده؛ اعلم أنه من الشيطان, ولن يصيبك منه أذى فلا تهتم به، ولا نريد كذلك أن تختبر ربك، فإن هذا مدخل من مداخل الشيطان يفتحه عليك، وكلما أتاك استعذ بالله منه, وغير محل تفكيرك, أو مكانك, أو قم وتوضأ, وصلِّ لله ركعتين, حتى يذهب الله عنك هذا الأمر.

ثانيا: أول ما ينبغي أن تعلمه أن ما فعلته من ممارسة العادة السرية معصية وذنب، وأنك من غير قصد جعلت الله أهون الناظرين إليك، لكن هذا لا يعني نهاية الطريق, بل إن باب التوبة مفتوح فلا تظن أن الله لن يقبل الله توبتك, وقد فعلت ما فعلت، فالله كريم غفور رحيم, وهو القائل جل شأنه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ).

فانظر -بارك الله فيك- كيف هي رحمة الله, حتى مع من أسرف في الذنوب, لكنه عاد إلى الله تائبا نادما، بشره الله بالمغفرة متى ما كان صادقا في توبته، ولعلك تلحظ في صيغة النداء أن الله نسب العاصي إلى نفسه فقال: (يَا عِبَادِيَ) ثم قال: (الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ) أي: أكثروا في الخطايا، (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) لا تيأسوا من رحمة الله، ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) أي: إنه يغفر الذنوب جميعاً عظمت أم صغرت، كثرت أم قلت.

فبادر بالتوبة إلى الله، وأقبل على ربك، لتخرج إلى الطمأنينة والسكينة, ألا تريد طمأنينة القلب؟ إنها ها هنا في التوبة، ألا تريد فرحة الروح وسعادتها؟ إنها هنا في التوبة، ألا تريد أن تعيش قرير العين سعيدا في دينك سعيدا في دنياك؟ إنها ها هنا في الإنابة إلى الله، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، بل زاد فضل الله وكرمه حين يبدل السيئات والموبقات إلى حسنات كريمات فاضلات، قال الله جل وعلا: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).

ثالثا: اعلم أن التغيير قائم، وتستطع بعد توفيق الله أن تكون صالحا بعيدا عن هذا الإثم، فإياك أن يزرع الشيطان فيك اليأس، واعلم أنك قادر على التغيير، وأن أخطر ما يواجهه الشيطان منك أن يوهمك بعدم القدرة على مقاومة شهوتك، فاحذر خطواته، وثق في الله أخي الحبيب.

رابعا: اعلم أن الشهوة لا تموت بالعادة السرية، بل تزيد اشتعالا بها، وإننا ندعوك أن تدخل على موقعنا لتقرأ عن أضرارها وإدمانها، وكيف أن بعض الناس لم يستطيعوا بعد إذ تمكنت منهم أن يتخلصوا عنها حتى بعد الزواج، فأدرك نفسك سريعا أخي الحبيب.

خامسا: إننا ندعوك حتى تتغلب على هذه الشهوة أن تقوم بعدة أمور:

1- زيادة التدين عن طريق الصلاة (الفرائض والنوافل) والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل، واعلم أن الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة قال الله تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)، فكل من اتبع الشهوة يعلم قطعا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس كل من اتبع الصلاة, وحافظ عليها, وأدّاها كما أمره الله؛ أعانه الله على شهوته.

2- اجتهد في الإكثار من الصيام, فقد قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".

3- ابتعد عن الفراغ عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم, أو المذاكرة, أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة, المهم أن لا تسلم نفسك للفراغ مطلقا, وأن تتجنب البقاء وحدك فترات طويلة.

4- ابتعد عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلم أن المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام, أو السماعية عن طريق المحادثات, أو أيَّا من تلك الوسائل لا تطفئ الشهوة, بل تزيدها سعارا.

5- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة, فإن المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهد في التعرف على إخوة صالحين, واجتهد أن تقضي معهم أوقاتا أكثر في الطاعة والعبادة, والعمل المجتمعي.

6- تجنب أخي الحبيب أن تجلس وحدك مطلقا، ولا تذهب إلى حاسوبك إلا والباب مفتوح تماما، ولا تخلد إلى النوم إلا وأنت مرهق تماما.

7- كثرة الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك, وأن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه والله المستعان.

نسأل الله أن يغفر لك, وأن يسترك في الدنيا والآخرة.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

لا يوجد صوتيات مرتبطة

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات