الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بارتباك واحمرار وجهي عندما ينتبه الناس لكلامي.. أريد نصيحتكم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً على هذا الموقع، أسأل الله العظيم أن يجعله في ميزان حسناتكم

أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة، أعاني من الخجل بعض الشيء, فمثلاً عند الحضور إلى مكان مغلق مكتظ بالناس أشعر بالضيق الشديد، أو في المناسبات الاجتماعية مثل: حفلات الزواج أو العزائم الخاصة، ومع ذلك هذا لا يردعني أن أحضر، ففي كل مناسبة أشعر بالضيق قبل الدخول، وهذا يزيد إصراري على الحضور، ولكن بعد تردد بسيط, الأمر يقلقني؛ لأني شخص اجتماعي، وأكوّن صداقات جيّدة مع أقاربي، أو الناس الغرباء الذي أقابلهم لأول مرة، فأنا ألعب الكرة، وأختلط بجميع البشر، ولا أعاني من هذا، أعاني من الخجل عند تسليط الضوء علي! فمثلاً عندما أبدأ بالكلام، ويكون كلامي محلّ انتباه الجميع، فلا أريد أن أطيل الكلام؛ لأن ذلك يجعل وجهي يزيد احمراراً وأحس بارتباك.

السنة التي مضت طلب منّي المدرّب في الكلية التقنية أن أشرح له طريقة عمل برنامج أمام زملائي، فكان في البداية سهل أن أقوم، وكانت عندي الثقة بعض الشيء بأني قادر على فعل ما طُلب مني, عندما بدأت الشرح بدأ الكلام يخرج مني بسرعة، وتلعثمت، ومن ثم بدأ كلامي يتقطّع، وصدري يخفق بسرعة، ومع ذلك استمريت إلى أن انتهيت, طبعاً لم يعجب المدرب، ولم آخذ درجات بسببها، وبعد هذه الحادثة بأيام تجنّبت إلقاء كلمة عن نفسي في صف اللغة الإنجليزية؛ لأنني أعلم بأنه سيتكرر ما فعلته من قبل، وخسرت -أيضاً- درجات نزّلت من معدلي! ذلك لا يعجبني إطلاقاً وحاولت أن أحسّن من نفسي، ولكن إلى الآن بلا فائدة! ولأكون صريحاً أنا قلق من الآن بأن يتكرر طلب مني التحدث أمام زملائي؛ لأنه صعب بالنسبة لي!

أعاني من مشكلة أخرى: فأنا أقلل من نفسي وأقارن الآخرين بي، وأنا أعلم بأن ذلك غير صحيح، وحاولت مراراً بأن أتوقف عن ذلك، ولكن بلا فائدة، وأفكّر دائماً بأن خجلي ممكن أن يصبح حاجزاً لحياتي المستقبلية، وفي الزواج على وجه الخصوص، فأنا دائم التفكير كيف لي أن أعطي زوجتي حقوقها كاملة، وأنا بهذا الخجل! مع إدراكي الكامل بأني أختلف تماماً عن شخصيتي الآن، فأنا مدرك لحالتي، وجميع من حولي من الأهل والأصدقاء يعتقدون بأن آرائي ونظرتي للأمور مختلفة بشكل إيجابي طبعاً، وثقافتي مميّزة.

أريد نصائحكم بشدّة، وكيف لي أن أتخلّص من هذه الهموم المزعجة، وإعطائي العلاج المناسب لحالتي.

ولكم منّي خالص الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا لا أرى أنك مُصاب برهاب اجتماعي حقيقي، الذي تعاني منه أعتقد أنك تعاني من الخجل البسيط، -وإن شاء الله-، وفي ذات الوقت أنت تحمل شخصية وسمات ما نسميه (التسلط الرقابي للذات) يعني: أنت تحاول أن تكون منضبطاً في أدائك الاجتماعي مدققاً في ذلك، وهذا قطعاً يُشكّل عِبئاً نفسياً كبيراً عليك مما يجعلك تحس بشيء من عدم الارتياح، ومحاولة التخلص من الموقف بأسهل فرصة ممكنة.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن تكون أكثر ثقة في مقدراتك، هذا هو الأمر الأول.

الأمر الثاني: لا تراقب نفسك كثيراً عند أدائك، فأنت -الحمد لله- مقتدر فكرياً واجتماعياً ونفسياً، وتعاملك بتلقائية مع المواقف هذا هو الذي يفيدك كثيراً.

الجأ -أيضاً- إلى تطبيقات عملية، ممارستك للرياضة الجماعية مهمة جدّاً، الأمر الثاني هو: حين تكون ذاهباً إلى مناسبة اجتماعية حاول أن تحضر بعض المواضيع التي يمكن أن تطرقها على الآخرين متى ما كان ذلك مناسباً.

أمر آخر هو: أن تثبت المهارات الاجتماعية المعروفة، من ضبط حركة الأيادي، لغة الجسد، النظر إلى محدّثك في وجهه بصورة حذقة ولبقة، واعلم – أيها الفاضل الكريم – أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، هذه كلها إضافات اجتماعية ممتازة جدّاً.

يمكنك -أيضاً- أن تعمل نوعاً من السيناريوهات في المنزل، هذا السيناريو يتمثل في أن تتصور نفسك في موقع اجتماعي كبير ومُهيب، وطُلب منك أن تتحدث في موضوع معين، عش هذا الخيال، وقم بالفعل بالتحدث كأنك تخاطب هذا الجمع من الناس، وقم بتسجيل أو تصوير نفسك، وأنت في هذا الموقف، ثم بعد ذلك استمع أو انظر إلى ما قمت بتسجيله وتصويره، هذه الطريقة حتى وإن كانت مضحكة، لكنها مفيدة جدّاً.

تمارين الاسترخاء ضرورية بالنسبة لك، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتستفيد من التطبيقات الواردة فيها.

حضور المحاضرات، والجلوس في الصفوف الأُوَل، والصلاة مع الجماعة في الصف الأَوَّل -كما نذكر دائماً-، الانخراط في أي عمل خيري أو اجتماعي، هذه كلها تبني نوعاً من المقدرة والمهارات، والممارسة النفسية الإيجابية، والتي تجعلك تتخلص مما أنت فيه.

مشاركاتك الإيجابية داخل الأسرة مهمة جدّاً، حتى وإن كنت تحس بالاطمئنان وعدم الخجل – وهذا جيد – لكن يجب أن تبرز ذاتك وتكون بالفعل عضواً فاعلاً في الأسرة، هذا له تبعات إيجابية جدّاً عليك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا أراه ضروريّاً في حالتك، لكن ليس هنالك ما يمنع أن تتناول عقار (لسترال) لفترة قصيرة، وبجرعة بسيطة، اللسترال يسمى (سيرترالين) والجرعة المطلوبة هي خمسة وعشرون مليجراماً –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراماً– تناولها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوماً بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

ولعلاج الخجل واحمرار الوجه سلوكيًا طالع الاستشارات التالية: (267019 - 1193 - 280445 - 278063).

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً