الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف أن يتوقف قلبي وأنا أمارس الرياضة، هل هذا مرض نفسي أم ماذا؟

السؤال

حياكم الله تعالى، وأشكركم جزيل الشكر على الموقع.

مشكلتي كالآتي: أنا شاب أبلغ من العمر 23 سنة، أعاني على فترات متفاوتة من القلق النفسي، والتوتر والقلق، وكذا الوسواس القهري، عانيت -أيضاً- من نوبات الفزع والهلع الليلية والنهارية، حيث أستيقظ مفزوعاً، وخفقان قوي في قلبي، ذهبت لطبيب مختص (بالإيكو) ومشهود بكفاءته عند الجميع، فعمل لي إيكو للقلب، وجميع جسمي، وأكد لي عدم وجود أي شيء، لكني أبقى دائماً في شك وأتحسس قلبي، حتى إذا أحسست بضربة زائدة، أو تسارع رجعت لنفس الطبيب، ويفحص قلبي بالإيكو، ويؤكد لي مرةً أخرى أن ما أحسه نفسي فقط.

نصحني أيضا الطبيب بممارسة الرياضة، لكن بسبب وسواسي أخاف أن يتوقف قلبي وأنا أمارسها، علماً أني كنت رياضياً، ولا أكترث لهذا سابقاً، وبالفعل رجعت للرياضة، وحين أمارسها تجدني أتحسس قلبي هل الدقات منتظمة أم لا؟ فأحس مثلاً أن هناك تسارع حين آخذ نفساً عميقاً، وتباطؤاً حين القيام بتمارين وأنا مستلقٍ على ظهري، وهذا يقلقني، ومرة وأنا أمارس رياضة حمل بعض الأوزان أحسست بدوخة وغثيان، فرجعت لنفس الطبيب وقال لي: إن المكان الذي مارست فيه الرياضة به نقص في الأوكسجين، وكان المكان هو غرفتي، وبها نافذة كبيرة شيئاً ما، فشككت في كلام الطبيب.

وسواسي معي دائماً لا يفارقني، حيث إنه في الماضي كنت أنقطع عن الرياضة، وفجأةً كلفني أبي أن أحمل شيئاً يزن 70 كيلو غراماً معه من الأسفل حتى الطابق الرابع، فأحسست بدوخة، وظل قلبي يضرب بشدة، ولم يرجع لإيقاعه إلا بعد أكثر من نصف ساعة، فخفت كثيراً؛ لأنني قمت بهذا الفعل سابقاً وحصل معي نفس الشيء، ولم أكن أكترث من قبل -كما قلت- والآن أخاف أن يؤثر ذلك الماضي -حيث قمت بمجهود فجأة بعد انقطاع- على قلبي في المستقبل.

مرات أثناء الرياضة أحس بنقص في الأوكسجين أو بعد ممارستها، وكذلك غثيان، علماً أني أمارسها الآن في غرفتي فقط، وكنت أمارس حمل بعض الأوزان، والآن أمارس تمارين لشد البطن والذراع، وكذا تمارين الاستطالة، ولدي بلغم في حلقي لا أخرجه أبداً منذ الطفولة، وجهة من الأنف لا تعمل جيداً، وتكون -غالباً- مسدودة، وضغطي (14/9)، أنا أتناول الثوم يومياً لإنزاله إلى (13/8)، ونسبة السكر في الدم أقل من (80 mg)، وتحليل الكولسترول العام (1.79 g)، هل كل ما أعاني منه نفسي فقط أم شيء آخر؟ ولماذا يموت الرياضيون فجأةً، وهم في كامل الصحة؟ لأن هذا يخيفني كثيراً، ويجعلني أنقطع عن الرياضة، أو أمارسها والوسواس يقول لي: إن قلبك سيتوقف.

من فضلكم هل أستمر في هذه الرياضة أم لا، هل أزور طبيباً آخر غير الذي أزور، وما حقيقة النقص في الهواء، والاختناق الذي أحس به؟

وجزاكم الله كل خير عني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرض الهلع (panic disorder)، هو حالة من الخوف الشديد، وضيق التنفس، والخوف الشديد من الموت، أو الخوف من الإصابة بمرض معين مثل توقف القلب، وبالتالي الموت، وهي حالة نفسية تنتاب المريض نتيجة لتعرضه لحادث مرعب، أو مؤلم، وهذه التجربة تؤدي إلى خلل في وظائف هرمون مهم جدّاً موجود في المخ لتوصيل الإشارات العصبية، وهو هرمون (السيروتينين)، ويصاحب ذلك الشعور خفقان كبير على مستوى القلب، ورغبة في التقيؤ، وإحساس شديد بالحرارة أو البرودة التي تكتسح الجسم، وفي بعض الأحيان يكون ذلك مصحوباً بدوار، ويتخلل كل هذه الأعراض هلع شديد، وانطباع لدى المريض بأن الموت يقترب منه، وبأن مكروهاً سوف يلحق به.

من المعروف أن عضلة القلب تقوى مع النشاط الزائد، وليس العكس، وكلما زاد النشاط البدني قويت عضلات القلب، ونجد العامل أو الفلاح يعمل طوال النهار دون كلل أو ملل، عكس الجالسين على المكاتب دون حركة، ومن المعلوم أن نبض الرياضيين بعد فترة من التدريب يقل، ويصل إلى 60 ضربةً في الدقيقة، حتى مع الجهد الزائد، عكس النبض العادي، وهو في المتوسط 72 ضربةً في الدقيقة، ويصل إلى قرب 90 ضربة في الدقيقة مع الجهد الرياضي، ثم يعود بعد نصف ساعة إلى الوضع السابق، والقلب عضلة تعمل ذاتياً من خلال (pace maker) أو مصدر ذاتي للكهرباء في الأذين الأيمن، ولا يمكن أن تتوقف عن العمل إلا في حالة إصابة القلب بالأمراض المزمنة -وهذه قصة أخرى- والموت المفاجئ في الغالب، يتم تشخيصه لاحقاً بوجود جلطات مخية، أو عيوب خلقية في شرايين المخ، ولكن ليس بسبب الرياضة في حد ذاتها.

نوبات الهلع هذه تتعلق أولاً وأساساً بأسباب نفسية، وغالباً ما تظهر لأول مرة بعد حادثة بعينها، أو إحباط يعيشه الشخص، ولذلك -وكما ذكرت- فإن العلاج المعرفي أي: معرفة طبيعة الحالة، والقراءة عنها مع التفكير الإيجابي يساعد كثيراً في علاج تلك الحالة، مع تناول قرص واحد يومياً من دواء (سبراليكس cebralex 20 mg) لمدة لا تقل عن 6 أشهر للتخفيف من حدة نوبات الهلع وعلاجها تماماً.

نقص شرب الماء والسوائل، بالإضافة إلى نقص فيتامين (د) والأنيميا يساعد على هبوط الدورة الدموية، وهذا الهبوط يؤدي إلى حالة الدوار والدوخة عند القيام المفاجئ من وضع الرقاد، أو وضع الجلوس، ولذلك يجب قياس الضغط، وفي حالة هبوطه يجب تناول السوائل والمخللات لرفع نسبة الضغط إلى القيم المطلوبة، وهي قريبة من 120/ 80 أو أقل قليلاً.

يمكنك تناول حبوب (ferose F) مرتين يومياً لتقوية الدم، مع تناول كبسولة فيتامين (د) الأسبوعية (50000) وحدة دولية لمدة 4 أشهر، مع التغذية الجيدة، ولا مانع من تناول كبسولات (رويال جيلي)، وكبسولات (أوميجا3) واحدة يومياً من كل نوع لتقوية المناعة، وإمداد الجسم بما يحتاجه من الفيتامينات، والأملاح المعدنية، مع ممارسة الرياضة، مثل: المشي، والركض الذي يحسن من الحالة المزاجية، والنفسية، مع التعود على الورد القرآني اليومي، والالتزام بمواعيد الصلاة، والأذكار، وأداء الواجبات المطلوبة، وبر الوالدين، ورضاهما كذلك، فإن الصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن، والذكر عموماً كعوامل للتغلب على المشاكل النفسية عموماً، وتحقيق التناغم الداخلي من الأهمية بمكان، يقول الله -عز وجل-: ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب) صدق الله العظيم.

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن محمد العبدالله

    لك روحو الله يوفقكن ويحميكن ويكتر من امثالكن طمنتو قلبي انا ما طرحت السؤال بس عم تجيني نفس الحالات وفقدت الأمل من اني ارجع لوضعي الطبيعي وحاليا وانا عم اكتب هالتعليق كنت معدي بهالازمة حلو كتير بهالحالة انك تقرأ تجاوب مماثلة والاحلى انك تشوف اجابة مكتملة كنت محتاج اسمع تطمين بقوة القلب وتطمين بانه ما بيوقف لحاله من غير سبب وتطمين انو ارتفاع النبض نتيجة المجهود والرياضة امر طبيعي يزيد من قوة القلب
    السلام عليكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً