الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بنوبة هلع وكأني سأفقد عقلي بعد إحدى السفرات.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرًا على ما تبذلونه من جهد في موقعكم الكريم.

مشكلتي بدأت في سنة 2008، حيث شعرت بضيق واختناق في الطائرة قبل إقلاعها، وبدأت المخاوف تزداد حينما أفكر بأني سأكون عالقًا داخل الطائرة حتى أصل إلى البلد الآخر، وجاءتني نوبات هلع قوية، وعندما رجعت من السفر حدث معي نفس الشيء في الطائرة، عاودت السفر بعد الحادثة بأسبوعين، وبدأت أقلق قبل السفر إلى أن انتابتني نوبات الخوف والهلع في المطار، وبعدها بأسبوعين أيضًا سافرت مرة ثالثة، وهناك حدثت لي أقوى نوبة هلع حتى كدت أن أجن.

حين رجعت لم أركب الطائرة لمدة سنة، حتى أنني لم أكن أستطيع النظر إليها وتنتابني نوبات الهلع من سماع اسمها، بعدها زاد الخوف من الأماكن البعيدة، أو الأماكن المزدحمة بالسيارات.

وصف لي الدكتور النفسي (سبرالكس) و(فافرين)، حتى وصلت لجرعة 20 مليجرام (سبرالكس) و 300 مليجرام (فافرين)، تحسنت بعدها، وصرت لا أجد مشكلة من زحمة السير، حتى -الحمد لله- شفيت شفاءً تامًا منها، وشفيت بنسبة 90 % من الأماكن البعيدة، وبدأت أسافر بنفسي، ولكن قبل السفر أخاف وأقلق قليلًا، وأحيانًا تنتابني نوبات الهلع، وأحيانًا أسافر ولا يحدث شيء إطلاقًا، وبعد 4 سنوات تم تخفيض الجرعة، والآن آخذ 10 مليجرام (سبرالكس) فقط.

الآن استجد عندي أمر، وهو أني عندما أكون مسافرًا أفكر بأني سأفقد عقلي، وعندما أرجع من السفر أكون خائفًا من السفر؛ حتى لا أُجنّ في أي بلد أسافر إليها، وتفاقم المرض، حيث أصبحت هنا أخاف من كل شيء حولي، وأفكر أنه قد يفقدني عقلي، مثلًا أخاف النظر أحيانًا إلى الناس، أو السيارات، أو البنيان، أو سماع الأصوات العادية، مع ذلك لم أوقف حياتي بالجلوس في المنزل.

أحيانًا أُصبحُ في تحسن وأمسي في خوف من كل شيء، وأحيانًا أُصبحُ في خوف من كل شيء وأمسي في تحسن دون خوف، وأحيانًا أخاف، وأحيانًا لا أخاف.

الرجاء مساعدتي في حل مشكلتي، وكيفية التخلص من هذه المخاوف والأفكار، وأخاف أن يتفاقم المرض إلى مرض وجداني أو انفصام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي الكريم: الخوف من ركوب الطائرات هو واحد من المخاوف الشائعة جداً، وهذا الخوف له مكونات معينة:

أولاً: يوجد قلق توقعي استباقي، بمعنى: أن الإنسان يقلق ويتوتر حول مجرد ذكر اسم الطائرة.

الأمر الثاني: هو الضيق من أن يكون الإنسان عالقاً داخل الطائرة، وهذا ربما يكون فيه نوع من الخوف من الأماكن الضيقة، وأنه لا منفذ للإنسان أن يخرج من المكان الذي هو فيه.

المكون الثالث: هو الخوف من حوادث الطائرات.

أيها الفاضل الكريم: خير وسيلة لعلاج المخاوف هي: تحقيرها ومواجهتها، وأن يتيقن الإنسان أنه ليس بأقل من الآخرين، أو أضعف منهم، ويجب أن لا يكون هنالك قلق استباقي افتراضي.

لا تحاور نفسك حول الأمر، لا توجد لنفسك المبررات، القرار واضح: قل لنفسك: هذه مخاوف حقيرة لن أعطيها أي اهتمام، أنا سوف أسافر بالطائرة، أنا في حفظ الله، وفي رعاية الله، وهكذا، يجب أن تغذي نفسك بفكر مخالف تماماً للفكر السلبي الاستباقي، أنت ذكرت شيئًا بسيطًا، لكنه مهم، وهو: أنك حتى لا تريد أن تسمع عن الطائرات، وهذه إشكالية كبيرة، على العكس تماماً: أحد وسائل العلاج هي: ما نسميه بالتعرض أو التعريض التدريجي، ففي حالتك من المفترض أن تقرأ عن الطائرات؛ كيف بدأت هذه الطائرات، الاكتشاف العظيم الذي قام به الأخوان (رايت)، وتقرأ كثيراً عن عمل الطائرات، وكيف أنها من أعظم المخترعات الإنسانية والبشرية، وهكذا، وتكثر من الذهاب إلى المطارات، ومقابلة المسافرين من الأهل وخلافه.

إذاً هذا التعريض المستمر يجعلك أكثر ألفة لمصدر خوفك، هذا مهم جداً -أخي الكريم-، وأريدك أن تخطط للسفر بالطائرة، على أن تقوم بثلاث رحلات متوالية، هذا قد يكون صعبًا بعض الشيء من الناحية العملية، لكنك بما أنك تعيش في قطر، مثلاً: قرر أن تذهب إلى العمرة عن طريق الطائرة، ثم تقوم بزيارة لدولتي الإمارات والبحرين، فهذه الرحلات المتتابعة تؤدي في حد ذاتها إلى نوع من التعريض النفسي الإيجابي.

الأمر الثاني أخي الكريم: هو أن تطبق تمارين الاسترخاء، احرص على تمارين الاسترخاء حرصاً شديداً، هذه التمارين مفيدة، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم( 2136015)، إن طبقتها -أخي الكريم- بصورة إيجابية، هذا سوف يفيدك، عقار (سبرالكس) ممتاز، تناوله بجرعة 10 مليجرام كاف جداً، لكن أعتقد أنك لو دعمته بعقار مثل (إندرال)، هذا سوف يفيدك كثيراً، (الإندرال) علمًا أنه لا يُسمح به في حالات وجود ربو.

النقطة الأخرى: مهمة جداً، وهي أن تصرف انتباهك تماماً عن كل الذي تعاني منه، واستثمر وقتك بصورة صحيحة: فيما يخص مجالك العملي، فيما يخص التواصل الاجتماعي والاكتساب المعرفي، والحرص على العبادات، وتطوير الذات، هذا كله -أخي- نوع من صرف الانتباه عن مشكلة المخاوف، وإن قدمت نفسك لقسم الطب النفسي سوف تجد إن شاء الله تعالى- كل الاهتمام والرعاية المطلوبة.

أخي الكريم: حالتك لا علاقة لها بمرض الفصام أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، فأرجو ألا توسوس حول هذا الموضوع.

ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً