الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بوسواس في المواضيع التعبدية والدينية، وهذا يقيدني كثيرا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أود أن أشكركم على جهودكم العظيمة التي تبذلونها في هذا الموقع، وأسأل الله أن يباركها وأن يجعلها في موازين حسناتكم.

أنا فتاة في السادسة والعشرين من عمري، أدرس حاليا مرحلة الماجستير في تخصص الأحياء، أستطيع القول بأنني ناجحة، وكل من أعرفهم يقولون عني هذا أيضا -ولله الحمد-، لكن لدي مشكلة تضايقني كثيرا، بالتأكيد هي وسواس قهري.

أنا إنسانة -ولله الحمد- ملتزمة بأداء فروضي الدينية، وأحاول جاهدة أن أؤديها خير أداء، هذا الوسواس الذي أعاني منه منذ خمس سنوات أصابني فقط في الأمور الدينية والتعبدية، فأصبح القيام بالوضوء والصلاة والصيام في نظري هما كبيرا، إضافة إلى أني لم أعد أستطع أن أحافظ على وضوئي فترات أطول، بعد أن كنت أصلي عدة فروض بوضوء واحد! فمثلا أصبحت لا أستطيع أبدا أن أصلي في مكان عام أو أمام أحد.

وبالنسبة للصيام فإنني أبصق كثيرا أثناء الوضوء، وأحاول تجنب الماء، ومن سابع المستحيلات أن أستحم وأنا صائمة، والأمثلة تطول..؛ ونتيجة لذلك رفضت العديد من الخطاب، لأنني أخشى من عواقب هذا الوسواس على حياتي المستقبلية.

قرأت في موقعكم عن دواء بروزاك وعن مدى فاعليته، فقررت استخدامه ولكني آثرت أن أستشيركم قبل ذلك؛ لأنني أخشى أنه يسبب النعاس والكسل مم يتعارض مع دراستي، ولأني مضطرة لأخذه دون الذهاب لطبيب نفسي، فهذا الأمر مستحيل الحدوث لدى عائلتي.

ما أريد أن تعرفه دكتورنا الفاضل، هو أن تأثير الوسواس على حياتي لم يتعد الجانب الديني -ولله الحمد-، فأنا كما ذكرت سابقا ناجحة في حياتي الدراسية والأسرية، وأقوم بجميع أمور المنزل بشكل طبيعي.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عايدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشكلتك -إن شاء الله تعالى- بسيطة جدًّا، الوساوس القهرية من هذا النوع والتي يمكن محتواها محتوى ديني، بالطبع مؤلمة جدًّا للنفس خاصة للنفس المؤمنة النقية الطيبة، والشيطان – عليه لعنة الله – يحاول أن يصرف المسلم حيال عبادته، لكن -إن شاء الله تعالى- بقوة الإرادة ونفوذها يستطيع الإنسان أن يقهر هذا النوع من الوسواس القهري.

هذا الوسواس ليس ضعفًا في شخصيتك - أيتها الفاضلة الكريمة - أو ضعفًا في إيمانك، على العكس تمامًا - إن شاء الله تعالى -، الوسواس محتوياته الفكرية دائمًا تكون حول أمور حساسة كأمر الدين.

العلاج الدوائي مهم وهو مطلوب، وبفضل من الله تعالى نجاحه فاعل جدًّا في طرد هذا الوسواس، لكن يجب أن يُدعم العلاج الدوائي أيضًا بالعلاج السلوكي، والذي يظهر في رفض هذه الوساوس، وعدم تحليلها، وعدم مناقشتها، إنما الإغلاق عليها، وتجاهلها تجاهلاً تامًا، والقيام بفعل الضد، أي ما هو ضد ما تدعو إليه الوساوس، فأقدمي على صلاتك بحماس، وعلى صيامك، ولا ترفضي الزواج أبدًا، اسألي الله تعالى أن يهب لك الزوج الصالح، نظمي وقتك، خذي وقتا كافيًا من الراحة، نامي مبكرًا، ركزي على الدراسة في فترة الصباح المبكر، حيث إن الذاكرة والتركيز لدى الإنسان يكون في أحسن حالاته.

أما العلاج الدوائي، أقول لك أن البروزاك هو من أفضلها، ومن أسلمها، ولا يؤدي إلى النعاس أو التكاسل، على العكس تمامًا كثيرًا ما يزيد الطاقات الجسدية والنفسية، كما أنه لا يؤثر على الهرمونات النسوية، ولا يسبب الإدمان طبعًا.

الجرعة هي أن تبدئي بكبسولة واحدة (عشرون مليجرامًا) يتم تناولها بعد الأكل، تستمري عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها كبسولين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – يمكنك تناولها كجرعة واحدة، وهذه هذه الجرعة العلاجية والتي يجب أن تستمري عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ واحد، ثم توقفي عن تناول الدواء.

لا بد أن تستمري على الجرعة العلاجية كما نصحناك بها ووصفناها، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً