الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من علاج للأعراض الجسدية الناتجة عن القلق والاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم

أولا: أحمد الله إليكم، وأشكركم جزيلا على هذا القسم الرائع في الشبكة الإسلامية المباركة، وأرجو أن تقرؤوا رسالتي بتمعن، ورجائي الحار أن يكون الرد وافيا وشافيا كما عهدناكم.

منذ 10 سنوات كنت أتناول طعام العشاء، وفجأة أحسست أني غير قادر على البلع، ففحصت نفسي عند طبيب أنف وأذن وحنجرة، فقال لي: لا يوجد عندك شيء، طبعا فحصت بالمنظار، وأنا أيضا لا أحس بأي ألم، لا في المريء، ولا في غيره، ولكن أحس أني غير قادر على البلع، إلا عند تناول المهدئات، فتقل الصعوبة، ولكن شيئا قليلا.

بعدها بعام، وبسبب التوتر الذي أصابني من مشكلة الأكل والإحساس بأني شبه معاق؛ جاءتني نوبة هلع قوية، ثم توالت علي النوبات، ومع الوقت أصبت برهاب الساحة، ورهابات كثيرة جدا، حتى أني صرت أحمل أمراضا نفسية كثيرة جدا.

بدأت العلاج عند الأطباء النفسيينن وتناولت الكثير جدا من مضادات الاكتئاب، وبجرعات عالية، ولفترات طويلة جدا، ومنها السيروكسات 40 ملغ، والانفرانيل حتى 175 ملغ، والسيبرلكس 20 ملغ، والزولوفت 100 ملغ، وغيرها، ولكن دون أي فائدة.

ومنذ 3 أشهر تناولت اموكسيسيلين 1 غراما؛ لتجنب الإصابة بالتهاب بسبب إصابتي بالأنفلونزا العادية؛ فارتحت من كل الأمراض النفسية من اليوم الأول، بنسبة كبيرة جدا تصل إلى 90%، حتى أنني تركت كل الأدوية النفسية في يومين، ثم ذهبت لطبيب المعدة، فقال لي: قد تكون عندك جرثومة المعدة، وأعطاني الدواء دون الكشف عنها، وهو اموكسيسيلين 1 غراما مرتين يوميا، وفلاجيل 500 مرتين، واوميبرازول 20 مرتين، ولمدة 10 أيام.

ارتحت أكثر في الأيام الـ 5 الأولى، وعدت كما كنت سابقا، ولكن بدأ المرض يعود، فرجعت للطبيب، فكتب لي اموكسيسيلين 1 غراما، و (clarithromycin 500) وفلاجيل 500، و (Inexium 20) حبة يوميا.

بعد أسبوع ارتحت بشكل نهائي، ولمدة أسبوع كامل، ثم بدأ المرض يعود تدريجيا، ولما عدت للطبيب قال لي: هذه أدوية الجرثومة، ولا أعرف غيرها.

الآن عادت الحالة أقل بقليل من الأول، وأريد أن أعرف ما الاحتمالات، والمهم إلى أي طبيب أذهب؟ وما الفحوصات التي يجب أن أجريها، وقد تأكدت أن مرضي ليس نفسيا؛ لأنه لا يوجد تاريخ مرضي في العائلة، وأنا عندي شجاعة كبيرة جدا من قبل، ولم أمرض بأي مرض نفسي من قبل، أريد أن أعرف ما العلاج الرباعي، وما العلاج التتابعي؟

سؤال آخر: أعاني من النسيان بشدة، فهل ممكن أن يكون بسبب المهدئات، أم هو نقص فيتامين (b12)؟

الرجاء من الأطباء المحترمين المساعدة قدر الإمكان، كما أرجو أن يكون الرد مفصلا ووافيا، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على تواصلك مع إسلام ويب، ونؤكد لك أننا قد تفحصنا رسالتك بكل دقة، ومن حيث المنظور النفسي أنا أتفق معك، أنت لا تعاني من مرض نفسي حقيقي، لكن هنالك ظاهرة نفسية لا يمكننا تجاهلها، وهو أن ما حدث لك أولاً من شعورٍ مفاجئ بعدم القدرة على البلع، هذا ربما يكون قد تسبب في نوع من القلق النفسي الداخلي، ومن ثم أصبحت تأتيك شيء من المخاوف والوساوس ربما حول البلع، والبلع قطعًا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالجهاز الهضمي، ومن ثم بدأت تأتيك الأعراض التي تحدثت عنها، وجُلَّها متمركز حول الجهاز الهضمي.

ويا -أخي الكريم-: هنالك علاقة وطيدة جدًّا بين القلق النفسي بجميع درجاته وأنواعه, وبين اضطرابات الجهاز الهضمي، هذه العلاقة وثيقة ومعروفة، ومن الأمراض الشائعة والمعروفة بين الناس القولون العصبي، والحقيقة الاسم الصحيح هو القولون العُصابي، أي الذي ينتج من القلق أو مرتبط بالقلق.

فإذن -أخي الكريم-: أنت لست مريضًا نفسيًا، هذا أؤكده لك، لكن هنالك ظاهرة، وهي أن أعراضك في مجملها هي أعراض نفسوجسدية، يتسبب القلق في إثارتها أو زيادتها، وحين تزيد عليك الأعراض الجسدية هي أيضًا تؤدي إلى زيادة في القلق، وموضوع النسيان الذي تحدثت عنه قطعًا التأكد من مستوى فيتامين (ب) مؤشر مهم، لكن أعتقد أنه مرتبط بحالة القلق والأعراض النفسوجسدية التي تعاني منها.

أنا أرى أنك محتاج لأن تكثف التمارين الرياضية، أن تنام مبكرًا، أن تشغل نفسك وتستثمر وقتك بصورة صحيحة، هذا يؤدي إلى صرف الانتباه عن هذه الأعراض، وأنصحك أيضًا ألا تُكثر التردد على الأطباء، التزم بطبيب واحد كطبيب الأسرة (مثلاً) أو الطبيب الباطني، وراجعه مرة كل أربعة أو ستة أشهر (مثلاً) من أجل إجراء الفحوصات الروتينية والدورية، والمهم هو أن تسعى أن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية -كما ذكرت لك- تتطلب ممارسة الرياضة، النوم المبكر، حسن إدارة الوقت، الغذاء المتوازن، تطوير المهارات، الحرص على العبادات، الترفيه على النفس بما هو طيب وجميل، التطور المعرفي من خلال القراءة والاطلاع.

هذا -يا أخي- يعطي الإنسان حياة صحية جيدة متوازنة، فأنا أنصحك بذلك.

من الناحية النفسية: لا أرى أنك محتاج لمضادات الاكتئاب، لكن ليس هنالك ما يمنع، إذا تناولت دواءً بسيطًا مضادًا للقلق، ويُعرف أنه يُفيد كثيرًا في أعراض الجهاز الهضمي، هذا الدواء هو (دوجماتيل) والذي يعرف علميًا باسم (سلبرايد) الجرعة المطلوبة في حالتك جرعة صغيرة، وهي خمسون مليجرامًا، تتناولها ليلاً لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعلها خمسين مليجرامًا -أي كبسولة واحدة- تناولها صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وسوف يفيدك أيضًا أحد الأخوة الأطباء المختصين في الأمراض الباطنية ببعض المعلومات الإرشادية التي أسأل الله أن ينفعك بها، وكل عام وأنتم بخير.
__________________________________________
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.

وتليها إجابة الدكتور محمد حمودة استشاري أول باطنية وروماتيزم.
__________________________________________

لقد أجابك الأخ الدكتور: محمد عبد العليم عن الشق النفسي للسؤال, وقد طمأنك ولله الحمد.

وبالنسبة للأدوية لعلاج الجرثومة اللولبية في المعدة؛ فإنه يجب التأكد من أن الجرثومة موجودة، ولعلاجها أنت تناولت مرتين العلاج، دون أن يتم إجراء أي تحليل لك أو منظار، فقد تكون الآلام التي تشكو منها هي ليست من جرثومة المعدة، وللتأكد من وجود الجرثومة في المعدة يتم تحليل البراز للجرثومة، أو يتم عمل تحليل النفس (braeth test) وبعد العلاج يتم أيضا إجراء تحليل البراز مرة أخرى، فإن كان التحليل إيجابيا، ثم أصبح سلبيا بعد العلاج؛ فإن هذا يعني الاستجابة للعلاج، أما إن استمر التحليل ايجابيا؛ فإنه يعني أن الجرثومة لم تستجب للعلاج، وقد يتم اللجوء إلى العلاج الرباعي.

إن الأعراض عندك قد خفت بشكل كبير عن الأول -ولله الحمد-، ولذا يجب أن تقوم بالإرشادات التي شرحها لك الدكتور محمد عبد العليم، ويفضل عدم تناول أي دواء غير الدواء الذي وصفه لك الدكتور محمد عبد العليم، ويجب أن تراقب الوضع، فأنت قلت إن الأعراض تخف عليك عندما تتناول الأدوية المهدئة.

عافاك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً