الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب وحزن شديدين، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم
أشكركم على هذا الموقع الرائع.

أنا شاب عمري 32 سنة، أعاني من اكتئاب وحزن شديدين، بسبب ظروف وقعت لي في الماضي، وأثرت علي بصورة كبيرة في جميع مناحي الحياة، الشخصية, الثقة بالنفس, الدراسة,...الخ.

منذ صباي كنت إنسانا ذا طموح، وكانت لدي أهداف أن أكون أفضل مما أنا عليه اليوم، كبقية الناس.

كنت أدرس وأساعد والدي في عمله، ورغم ذلك دائما تكال لي الشتائم والإهانات، وكان دوما يتدخل في دراستي بشكل مدمر، وذلك عن طريق التحفيز الكاذب في المراحل المهمة في حياة أي تلميذ، أو آخر الأطوار الدراسية، حين تجتهد وتحقق النجاح سوف أفعل لك كذا وكذا، ولكن دوما كنت أصدم حتى الكلمة يستخسرها علي، صمت قاتل، كأن الذي يقال لي قبل أسبوع أو أيام كله كذب، ولم يكن هذا مرة وحدة بل ذلك أسلوبه معي.

كنت أحب هوايات معينة، لكني أجده يحقر ذلك الشيء ليصرفه عني، وصل بي الحال لكره الدراسة، لم يعد لي ذلك الشيء الذي سوف أحقق به أهدافي، المهم النتيجة وليس الاستيعاب والفهم، تحصيلي العلمي ضعيف.

رغم أني أكملت دراستي منذ 7 سنوات في مجال الهندسة الكهربائية لكن لم أتقدم لأي وظيفة بسبب الخوف والفشل، وبالرغم من ذلك لم أستسلم لهذا الأمر، بل حاولت أن أجد الحلول من خلال زيارة طبيب نفسي منذ 10 سنوات تقريبا، فصرف لي دواء مضادا للاكتئاب (انفرنيل) بعد مدة أحسست بنشوة لم أحس بها في حياتي، لكن لم أستمر على العلاج بسبب الظروف، فلا مال ولا دعم من العائلة؛ لأنهم يروني في حالة جيدة وأنا على عكس ذلك.

خلال تلك الفترة تأتيني أوقات أتضايق فيها من حالتي، وأبحث عن طبيب آخر كون الطبيب الأول غير مكان عمله، وأعطاني نفس الدواء، ولم يعط أي نتيجة معي!

مرة تضايقت كثيرا فأقدمت على تناول جرعة كبيرة من الدواء، أنا أعاني من احتقار للذات وتهميشها بشكل كبير، وتلعثم وبطء في الكلام، وعزلة تامة عن المجتمع، وشعور بالحزن وعدم الاستمتاع بأي شيء، وعدم الالتزام بالصلاة، وعدم الثقة بالنفس والخوف، وممارسة العادة السرية بشكل رهيب، والتردد في اتخاذ القرارات، وخمول شديد.

أنا مدرك أن عملا كبيرا ينتظرني كي أتغير إلى الأفضل، فأرجو من فضيلتكم أن ترشدوني بعد الله عز وجل، إلى أن أجتاز هذه المحنة التي أرقتني.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khezazna حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل أنت لديك مزاج اكتئابي، وربما يكون المردود التربوي السلبي الذي مررت به في حياتك في مرحلة التطور الارتقائي الأولي قد أثر عليك، لكن لا أريدك أبدًا أن تحمل ضغينة ضد والدك.

الآباء - أيها الفاضل الكريم – كثيرًا ما يجتهدون في تربية أبنائهم، لكن تكون مناهجهم خاطئة، والدك لا شك أنه يحبك، هذا أمر أكيد لا شك فيه، وكان جهده أن يراك أفضل منه، لكن يظهر أن الأمور من الناحية المنهجية لم تكن صحيحة.

أيها الفاضل الكريم: أريدك أن لا تنظر لهذه التجربة - حتى وإن كانت سلبية من وجهة نظرك – بقتامة شديدة، لا تنظر إليها باسودادية، المهم في الحياة هو الآن والمستقبل، كيف أنت الآن؟ ماذا تريد أن تعمل الآن؟ والإجابة واضحة جدًّا: يجب أن تعيش الحياة بقوة وبجدية وبتحفيز ذاتي، وهذا يأتي من خلال: أن تضع لنفسك أهدافًا، أن تكون مفيدًا لنفسك ولغيرك، وأن تكون صارمًا مع ذاتك في الهفوات والمخالفات والسقطات مثل: ممارسة العادة السرية، وعدم الالتزام بالصلاة، هذه مصيبة كبيرة أخي الكريم، هذا الأمر ليس له علاقة بالطب النفسي، هذا أمر قيمي شخصي انضباطي، لكن قطعًا عائده النفسي سيكون عظيمًا حين يغيّر الإنسان نفسه في هذه المدارات والمسالك.

أخي الكريم: التزم بالصلاة، الصلاة هي عماد الدين، الصلاة أول ما يُسأل عنه يوم القيامة، إن صلحتْ صلح بقية العمل، لا مجادلة في هذا الأمر، لا مساومة أبدًا.

قرار الصلاة – الصلاة مع الجماعة – هذا يجب أن تلتزم به، والعادة السرية لا خير فيها، أقدِم على الزواج، قال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله والله واسع عليم}.

فيا أخي الكريم: لا يمكن للإنسان أن يتصدى لهفوات نفسه وسقاطتها وفي ذات الوقت يتمتع بصحة نفسية سليمة، هذا لا يمكن أبدًا، لا يمكن أن تجتمع الأشياء النظيفة والقاذورات في نفس المكوّن، هذا لا يمكن، والنقيضات لا تلتقي على المستوى الفكري في حياة الإنسان.

أخي الكريم: نق نفسك، أزل الشوائب، وعش حياتك بقوة، هذا هو الذي أنصحك به، ضع خططًا نحو المستقبل، خططًا آنية، وخططًا بعيدة المدى، وسوف تصل إلى مبتغاك بإذن الله تعالى.

التواصل الاجتماعي المفيد ضروري، يقوي من الصحة النفسية والمهارات، حسن إدارة الوقت، وحسن إدارة الحياة، صلة الرحم، بر الوالدين، تطوير المهارات عن طريق اكتساب المعرفة... هذا كله سوف يطور كثيرًا من صحتك النفسية.

الرياضة لابد أن يكون لها حيز كبير في حياتك، هي تنشط الأجساد، وتنشط العقول، وتحسِّن الأفكار، وتُزيل الشوائب النفسية السلبية.

أخي الكريم: ربما تستفيد من عقار مثل: (الأنفرانيل) هذا لا بأس به أبدًا، يمكن أن يصفه لك أي طبيب – ليس من الضروري أن يكون طبيبًا نفسيًا – وإن كنت تريد أن تنتقل لأحد الأدوية الحديثة فقطعًا البروزاك هو الأفضل؛ لأنه بالفعل يحسِّن المزاج ويُجدد الطاقات النفسية والجسدية، وليس له آثار انسحابية.

البروزاك يعرف علميًا باسم (فلوكستين) والجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم، تتناولها لمدة شهرين، ثم تجعلها كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول هذا الدواء.

نحن الآن يا أخي في منتصف شهر رمضان، هذه الأيام أسأل الله تعالى المغفرة والرحمة والعتق من النيران، بالفعل هو موسم الخيرات الذي يجب أن نرتوي منه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر nourhan

    اشعربك لانى مثلك اعانى من الاكتئاب والحزن بياكل فيا بجدوكل ما قاله الدكتور صح بس انا مش قادره احاول حتى اعمل جزء من الى الدكتور بيقوله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً