الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنزع الغل وحب الانتقام من نفسي؟

السؤال

السلام عليكم..

اشتريت شيئا من رجل, فوجدته يعاملني معاملة سيئة, وكأنه يمن علي بأني جئت واشتريت منه، فكيف أخرج هذا الغل مني, وأشعر بعزة النفس؟ فأنا لم أسئ إليه، وأنا كل يوم فجرًا أمر أمامه.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خلاد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك أخي الفاضل في موقعك إسلام ويب, وإنه ليسرنا تواصلك معنا, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك من كل مكروه, وأن يقدر لك الخير حيث كان, وأن يرضيك به.

وبخصوص ما سألت عنه، فاعلم أخي الحبيب أن الغل معناه العداوةُ والحِقدُ الكامن, وقد أشار القرآن إلى نزع هذا الصفة الذميمة من أهل الجنة فقال: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} وبالنسبة لك أنت وقفت في موقف أوذيت بسببه فلست إن شاء الله ممن يحمل الحقد أو الغل على المسلمين, عافانا الله وإياك من ذلك.

أما حب الانتصار للنفس الموجود في قلبك, والذي يتمدد طولا وعرضا كلما مررت على البائع، فاعلم أن الخاطر ما دام لم ينتج أثرا فأنت في دائرة العفو, ولا إثم عليك إن شاء الله, لكن بالطبع هذا الشعور سيؤذيك أنت؛ لأنه يشعرك أنك قد أهنت وتريد الانتصار لنفسك, مع أن البائع أخي الحبيب قد يكون جاهلا, ولا يقصد أو لا يدري وقع الكلمة, أو طبيعته خشنة, أو اعتبرك في عمر ولده, فحدث لك هكذا, المهم تستطيع أن تجد عذرا, وأن تحلم عليه, وأن تكظم غيظك, وأن تعفو عنه, وأن تصفح لتجد الأجر من الله.

والحلم: هو ضبط النفس عن هيجان الغضب، والكظم: الحبس والسد، فكظم الغيظ يرادف الحلم، والعفو: ترك عقوبة الذنب، والصفح: ترك التثريب واللوم عليه, والمراد مما سبق: أن تحلم عند الغضب حتى لا تترتب الآثار التي يقتضيها الغضب من العقوبة بالقول أو الفعل، وهذه الملكة من أفضل الأخلاق وأشرف الملكات، والحليم هو صاحب هذه الملكة، وكذا الكاظم, وأنت الآن في اختبار عملي, فإن أحسنت أخي الحبيب تجاوز تلك المرحة ملتمسا الأجر فقد هديت وكفيت.

وتذكر ما ورد من نصوص في معنى الخلق العظيم, ومنها على سبيل المثال:
قوله تعالى في وصف المتقين: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، وقد أمر الله صراحة في عدة آيات كقوله: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم) وقوله: (خذ العفو) وقوله: (فاصفح الصفح الجميل) وقوله: (ادفع بالتي هي أحسن السيّئة)، وقوله: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقّاها إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم)، (وما يلقّاها) أي: وما يعطي ويبذل هذه السجية، أي: مقابلة الإساءة بالإحسان إلا ذو حظ من الإيمان وفضائل الإنسان.

وكذلك قوله: (وإذا ما غضبوا هم يغفرون)، و(فمن عفى وأصلح فأجره على الله)، و(لمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور)، وقوله:(فاصفح عنهم وقل سلام)، و(قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) إلى غير ذلك.

ومما ورد: أن من خير أخلاق الدنيا والآخرة ومكارمها: أن تعفو عمن ظلمك وتحلم إذا جهل عليك.

نسأل الله أن يبارك فيك, وأن يجعل الجنة مقامك, والحلم عنوانك, والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً