الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلمت حلمًا شعرت بعده بأن نهايتي قد اقتربت.. ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ فترة حلمت حلمًا لا أذكر تفاصيله جيدًا، ولا أذكر فيه سوى أنني استيقظت منه، وكان حينها تاريخ في ذهني هو 21-7-2014 الذي لم يأت بعد، فقلت سريعًا إذن هذا هو تاريخ موتي، ومن حينها قلبت حياتي تمامًا، فرحتي لا تكتمل، فبمجرد التفكير في هذا اليوم أشعر بإحباط شديد، وعدم الرغبة في فعل أي شيء، بل وصل الأمر إلى التخاذل في دراستي؛ لأني أعلم أن تاريخ وفاتي اقترب وكل شيء سيصبح لا قيمة له، فهل هذا صحيح أم وسواس من الشيطان؟

علما بأني لا أصلي بانتظام، وبعيد عن الله بنسبة 70٪.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يقْدُر لك الخير حيثما كان، وأن يرزقك الرضا به، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل - فحقيقة هذا الذي حدث معك إنما هو نوع من وسواس الشيطان، ولا علاقة له بالواقع والحقيقة أبدًا؛ لأنه (أولاً): كونك رأيت رؤىً أو حلمًا أو رؤية ولم تذكر تفاصيلها، فهذا يدل على أنها كانت من الشيطان؛ لأن من علامات الرؤيا أنك لا تنسى أي جزء من تفاصيلها وأحداثها، هذه علامة من علامات الرؤيا الصادقة.
والأمر الثاني: أن تكون رسالة محددة بيِّنة واضحة تتعلق بأمرٍ معين ليست لعدة أمور.
والأمر الثالث: أن تكون قصيرة.

أما كونك أنك قمت من النوم، ولا تذكر تفاصيل هذا الحلم، فهذا معناه أن هذا حلم (فعلاً) من الشيطان، وأنه لا علاقة له بالواقع، ولا بالحقيقة مطلقًا، ولكن الشيطان استغل هذه الفرصة ليُفسد عليك حياتك، الشيطان استغل هذه الفرصة ليُوصلك إلى هذه الحالة التي أنت عليها، رغم أنك – ولله الحمد – مسلمٌ، وقطعًا تقرأ كلام الله تبارك وتعالى، وتعيش في بيئة مسلمة، وتعلم أن ما قدَّره الله فهو كائن، وأن الله تبارك وتعالى هو الذي اختصَّ نفسه بعلم لحظات وفاة الناس، وأنه حقيقةً يكاد يكون في حكم المستحيل أن يعلم أحد موعد موته بذاته أو من نفسه، أو حتى عن طريق رؤىً، خاصة وأنك لا زلت شابًا صغيرًا.

الأمر الثاني: أنك مقصِّر أيضًا، يعني قد يكون بعض الملتزمين، وأصحاب الصلاح، والديانة، وقيام الليل قد يرى مثل هذه الأشياء في صور مختلفة - إن كان ممكنًا أن يحدث – ولكن أن يكون الإنسان مقصِّرًا وبعيدًا عن الله بنسبة سبعين بالمائة، وصلاته ضعيفة، معنى ذلك أن نسبة صدق الرؤيا عندك تكاد تكون قليلة؛ لأن الرؤيا تعبِّر عن حال الرائي، فإذا كان الرائي صاحب صلاح، وصاحب ديانة، وصاحب استقامة فإن رؤاه عادة تكون صادقة، أما إذا كان رجلاً مفرطًّا في حق الله تعالى فمعظم الذي يراه في المنامات إنما هي عبارة عن أحلام شيطانية ووساوس شيطانية، ولا تمتّ إلى الواقع بصلة كبيرة.

لذا أقول لك: لا تلتفت لهذا الكلام، ولكن هذه رسالة ينبغي عليك أن تقف أمامها طويلاً، من أنك سيأتي يوم قطعًا سيتوفاك الله تعالى فماذا قدَّمتَ لهذا اليوم؟ وكم أتمنى أن تكون قد استفدت (فعلاً) من هذه الرؤيا في تقوية علاقتك مع الله تبارك وتعالى، ومحافظتك على الصلاة في أوقاتها، وبُعدك عن الحرام، وقُربك من الله جل وعلا، وبذلك توظِّف هذا الحدث - حتى وإن كان من الشيطان – أتمنى أن تكون قد وظَّفته توظيفًا جيدًا في تحسين علاقتك مع الله تبارك وتعالى واستقامتك على منهج الله، وإلا فهو مجرد وساوس شيطانية، لا علاقة له بالواقع، ولا تشغل بالك به.

كم أتمنى -حتى لا يتكرر لديك هذا الأمر- أن تلتزم بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم – في النوم، بأن تحرص أن تنام على طهارة – أقصد على وضوء – وأن تقرأ أذكار النوم، وأن تنام على شقك الأيمن، وأن تظل تذكر الله تبارك وتعالى حتى تغيب عن الوعي أو حتى تدخل في النوم العميق، فإنك في مثل هذه الحالة تحفظ نفسك من أن يعتدي عليك الشيطان، وأنت نائم؛ لأن هذه الوساوس هو نوع من الاعتداء؛ لأن الشيطان عندما يراك قد أسلمت الروح لباريها وفقدت السيطرة على نفسك يأتي ليعبث بك، فكونك قد نمت على السُّنَّة والتزمتَ هدي النبي - صلى الله عليه وسلم – وقرأت آية الكرسي، فستكون محصَّنًا - بإذن الله تعالى – من اعتداء الشيطان عليك أو من أن ترى أشياء مزعجة أو مروّعة.

عليك بطاعة الله تعالى، والحرص على تنفيذ أوامره، والابتعاد عمَّا لا يُرضيه تعالى، وأبشر بكل خير في الدنيا والآخرة.

وفقك الله لطاعته ورضاه، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر حرف نون

    شكرا لك يا أحمد

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً