الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش قلقًا وخوفًا وضغوطات نفسية وعصبية.. هل الـ( سولوتيك ) مناسب لي؟

السؤال

الدكتور الفاضل/ محمد عبد العليم .. حفظه الله.

مشكلتي بدأت قبل شهور ثمانية، حين نقلت زوجتي للمشفى، وتم الاشتباه بإصابتها بمرض خطير في القلب، وخلال عشرة أيام من المراجعات والفحوصات للأطباء تبين أن الأمر عارض لا غير، لكن خلال هذه الفترة عشنا قلقًا وخوفًا كبيرين، وضغوطات نفسية وعصبية في غاية الشدة، كل ذلك زال بعد التأكد من سلامتها، لكن لسوء الحظ يبدو أن هذه الفترة العصيبة وما رافقها من ضغط قد استثار ما في داخلي من نقاط ضعف، أو اضطرابات كامنة.

فبعد أيام قليلة بدأت تتسلل إلى عقلي فكرة أن زوجتي ستصاب بمرض خطير، وبدأ عقلي يتعامل مع هذه الفكرة كأمر واقع لا محالة، فيرسم سيناريوهات مرعبة، ليدفعني للعيش في بحر من الخوف والقلق والهم والحزن، واستمرت هذه الفكرة لأكثر من شهرين، عانيت فيها الكثير، قبل أن تبدأ بالضعف التدريجي، ثم الانسحاب، لكن لسوء الحظ حلت مكانها فكرة أخرى، وهي الخوف الشديد من الموت، وساهمت هذه الفكرة في جلب المزيد من الخوف والقلق والضيق والحزن، وكنت أصل إلى قمة المعاناة حين أشارك في تشييع جنازة، أو القيام بواجب العزاء.

وتدريجيا بدأ الأثر النفسي لهذه الفكرة بالضعف، وبدأت تغادر لكن أيضًا وللأسف لتحل محلها فكرة جديدة، لا تقل عنها سوءًا، وهكذا عشت خلال هذه الأشهر وكأني أقلب فصولاً متتابعة من كتاب، لا يحمل بين أسطره سوى القلق والخوف والهم والحزن.

من قبيل الشرح الدقيق للحالة أقول: إن هذه الأفكار أشبه بموجات البحر، فتارة تكون مطبقة مسببة ألمًا وضيقًا لأيام عدة، ثم تنفرج حتى تصبح في حدود دنيا بالكاد أشعر بها لعدة أيام حتى أني لأظن أن الأمر قد انتهى، ولكنها لا تلبث لتعود إلى القمة من جديد وهكذا.

كذلك أنا أعلم إنها في النهاية أفكار زائفة، وأنها أفكار ذات مصدر داخلي، وأحاول كثيرًا تجاهلها وصرف الانتباه عنها، لكن في أحيان كثيرة أشعر بالمعاناة نتيجة الأثر الذي تتركه داخليًا، وحتى هذا الأثر أفكر كثيرًا أنني أستطيع التعايش معه، ولكني أخشى من تحول الأعراض إلى مرض عضوي مزمن.

أخيرًا دكتوري العزيز: فقد نصحني صديق لي صيدلاني، بدواء أعتقد أن اسمه ( سولوتيك )، لكني فضلت التريث لاستشارتك، فهل هو الدواء المناسب لحالتي؟ وكم جرعته ومدة علاجه إن كان كذلك؟ أم تنصح بدواء آخر، فما هو؟ وأيضا كم هي جرعته ومدة علاجه؟

أرجو المعذرة على طول الرسالة، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك أخي على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى العافية لزوجتك، والحمد الله تعالى هي بخير.

أيها الأخ الكريم: من الواضح أن شخصيتك تتمتع بسمات العطف والوجدانية والحساسية، وهذا جعلك بالطبع عرضةً لما يمكن أن نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، وكما تفضلت وذكرت هذه الأعراض تتغير وتتبدل وتنخفض وترتفع مثل الموج، حسب ما عبرت أنت عن ذلك بوضوح شديد.

لا نعتبر حالتك مرضاً، هي مجرد ظاهرة، وأنت مطالب بتجاهل هذه الأفكار بقدر المستطاع، وعليك أن تحرص على الدعاء والأذكار خاصة أذكار المناسبات وأذكار الصباح والمساء، هذه تدعم ثبات الإنسان وتعطيه حافزًا قويًا جداً لتجاوز الخوف والقلق والوسوسة، وفي ذات الوقت أصرف انتباهك من خلال اجتهادك في دروب الحياة ومجاهداتها، اسع لأن تكون متميزاً في عملك وفي تواصلك الاجتماعي.

تطوير المهارات دائماً يُبعد تفكير الإنسان عن المخاوف، وكذلك الوساوس بدرجة كبيرة جداً.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أنا أرى أنك محتاج لعلاجٍ دوائي. عقار (سولوتيك) الذي ذكرته أعتقد أنه هو الدواء الذي يسمى (زولبيدن)، وهو دواء يساعد كثيراً في النوم، لكن ربما لا يساعد بصفةً أساسية في علاج قلق المخاوف الوساوسي، ولمزيد من التأكد يمكنك أن ترسل الاسم العلمي لهذا الدواء.

ومن ناحيتي أقول لك أن الدواء المضمون والممتاز والفاعل لعلاج حالتك هو عقار (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجارياً (زولفت) أو (لسترال) وربما يكون له مسميات أخرى حسب مصدر إنتاجه.

الجرعة هي أن تبدأ بحبة واحدة، تتناولها ليلاً، وقوة الحبة خمسين مليغرامًا، تناولها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين يومياً - أي مائة مليغرام - واستمر عليها لمدة شهرين، المائة مليغرام يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة مساًء، أو بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً.

بعد انقضاء فترة الشهرين ارجع مرة أخرى إلى حبة واحدة كجرعة وقائية، أو جرعة من أجل الاستمرارية، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك أجعلها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا دواء متميز لعلاج المخاوف الوساسية، وهو سليم جدًّا، له بعض الآثار الجانبية البسيطة: ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً عند المعاشرة الزوجية، لكن ليس له تبيعات سلبية على الذكورة، أو الإنجاب، الدواء أيضاً قد يفتح الشهية للطعام عند بعض الناس لدرجة بسيطة، وبخلاف ذلك فهو دواء متميز جداً.

أسأل الله لك العافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً