الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغضب كثيرا وأدقق في صغائر الأشياء، وأخشى على بناتي من ذلك!

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه، وجعله في ميزان حسناتكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة، معلم رياضيات في المرحلة الثانوية، متزوج ولدي بنتان -أصلحهما الله-.

منذ وقت وأنا أفكر بجدية بعرض حالتي على أخصائي نفسي، أنا إنسان عصبي سريع الانفعال، أغلب أيامي مزاجي سيء، من كثرة عصبيتي في البيت أصبحت ابنتي الصغيرة وهي في الروضة عصبية، تصرخ باستمرار، مع العلم بأن العصبية موجودة في عائلتي: أبي، وإخوتي.

أدقق في أشياء صغيرة في بيتي، مع أني في عملي محبوب من طلابي، وكثير منهم يتواصل معي بعد تخرجهم، لكن يلحظون علي العصبية ليس بشكل مستمر ولكن إن صادفني موقف قبلها.

وبسبب مواقف حدثت أمامي في بيتي لبناتي؛ من ضربات في الرأس وغيرها، أصبحت أخاف عليهن بشكل مستغرب، فدائما أذكر والدتهن بالاهتمام بهن وعدم الانشغال بشيء آخر، لا أحتمل أي خطأ في بيتي أصرخ وأحاول تفريغ الحالة التي تنتابني بالكلام واللوم.

قبل ستة أشهر انتابني ألم في قلبي، وعملت الفحوصات، واكتشفت أن معي عدم انتظام في دقات القلب، واستعملت دواء كونكورد 2.5 mg مرة واحدة، يصيبني أحيانا ارتعاش في جسمي، خصوصا في القدم.

من الأسباب التي منعتني من مراجعة الطبيب هي عدم الرغبة في الدواء النفسي إذا لزم الأمر؛ لاعتقادي بأنها تصبح ضرورة بعد استخدامها بشكل مستمر.

شاكر ومقدر لكم جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي يظهر لي أن شخصيتك تحمل بعض سمات القلق والتوتر الداخلي، لذا تظهر لديك هذه العصبية، والعصبية دائمًا تكون مرتبطة بفورات ونوبات من الغضب.

أيها الفاضل الكريم: أنت توجّه غضبك نحو أسرتك، وهذا أمر مفهوم من الناحية السلوكية، يعتمد على خاصية نفسية دفاعية تسمى بالإسقاط، أي أنك تسقط غضبك وانفعالاتك السلبية على من هم تحت سيطرتك، ولا أقصد بالسيطرة السيطرة المتعنفة، إنما هي سيطرة الزوج على بيته، وهذه الظواهر معروفة جدًّا.

أخِي الكريم: إن شاءَ الله أنت بخير، والحالة بسيطة، وبالتدرج يمكن أن تُعالج، وخطوات العلاج كالآتي:

أولاً: حاول أن تكون معبرًا عن ذاتك؛ لأن التعبير عن الذات يفتح منافذ النفس، ويفتح أحباسها، ومن هنا يحدث ما يسمى بالتفريغ النفسي، وأفضل وسيلة هي أن نعبر عن ذواتنا أولا بأول، وفي حدود الذوق والاحترام ومكارم الأخلاق.

ثانيًا: تذكر دائمًا أن غضبك وانفعالك في وجوه الآخرين يسبب لهم الكثير من الأذى، فضع نفسك في مكان هؤلاء، إذا غضب أحد في وجهك فهذا أمر غير مقبول، ولا بد أن تتجنب هذه الفورات من الغضب؛ لأن الطيبين من أمثالك غالبًا ما يحسون بالذنب ويأتيهم شعور بالأسف الشديد حين تهدأ نفوسهم.

ثالثًا: ممارسة الرياضة وكذلك تمارين الاسترخاء تعتبر من العوامل الرئيسية جدًّا لإذابة نوبات الغضب والانفال السلبي، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) نراها بسيطة وجيدة ومفيدة، فأرجو الاطلاع عليها والعمل بما فيها.

رابعًا: عليك بتدارس ما نصحنا به الرسول - صلى الله عليه وسلم – حول كيفية أن نواجه الغضب، إدارة الغضب فن من الفنون السلوكية التي علمنا إياها رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم – ومن جربها وجد فيها خيرًا كثيرًا، ومن جربها لمرة أو لمرتين أصبح لا يحتاج لأن يجربها؛ لأن الغضب حين يأتيه في بداياته يتذكر ما نصح به الرسول - صلى الله عليه وسلم – وهذا يكفي تمامًا لإجهاض نوبات الغضب والانفعال السلبي.

أيها الفاضل الكريم: حين تحس ببدايات الانفعالات العصبية الأولى استغفر، غيّر وضعك، إن كنت جالسًا فقم، وإن كنت واقفًا فاجلس، واتفل ثلاثًا على شقك الأيسر، وهذا من أجمل أنواع صرف الانتباه، ويا حبذا لو توضأت لتُطفئ نار الغضب.

هذا كله مفيد ومجرب، وأرجو أن تطلع في أحد كتب الأذكار على كيفية ممارسة هذا العلاج النبوي.

خامسًا: عليك بالتوسع في تطوير مهاراتك الاجتماعية والمهنية، هذا فيه خير كبير لك.

سادسًا: اسعَ دائمًا لبر والديك، أحياءً كانوا أم أمواتا، فهذا فيه خير عظيم لترويض النفس وتأديبها.

ولمزيد من العلاج السلوكي راجع: (276143 - 268830 - 226699 - 268701).

العلاج الدوائي: أنت على الكونكور وهو دواء جيد، وأعتقد أنك لست في حاجة لدواء نفسي قوي، فقط تناول الـ (فلوناكسول) والذي يعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول) بجرعة نصف مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً