الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يثيرني في المرأة إلا منظرها وهي تدخن، هل هذا شذوذ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

في البداية أود أن أشكركم على جهودكم المتواصلة في خدمة الإسلام وعلى اهتمامكم بنا.

أبلغ من العمر 18 سنة، منذ 5 سنوات تقريباً كان مشهد أي فتاة مدخنة يثيرني بشدة، وأعلم أن منظر البنت المدخنة غير مقبول في مجتمعنا، ونادرًا ما يشاهد، وكما تعلمون بأنه غير مثير جنسيًا، فلماذا يثيرني؟ هل هذا شذوذ؟

أحيانا أفكر في التدخين؛ لأنني أظن أنه يثيرني لاعتقادي باطنيًا بأن التدخين عمل ممنوع، وكل ممنوع مرغوب، فلذلك شهوتي أصبحت مركزة فقط على البنت المدخنة، لكني أتراجع لعلمي بأنه محرم، وخوفي من الإدمان، وكرهي لرائحته.

إلى الآن لا شيء يثيرني في جسم المرأة إلا هذا المنظر، وعندما أشاهده أصبح في حالة هيجان جنسي حتى أنني بدأت أفكر هل بعد الزواج سأصبح طبيعيا؟

أيضا بحثت في الإنترنت عن هذه المشكلة، فوجدت متزوجين يريدون زوجاتهم أن يدخن معهم، وهذا يثيرهم أيضا.

لماذا أعاني من هذه المشكلة؟ وكيف أتخلص من هذا النمط؟

شكرًا جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل بهذا السؤال.
كم هي صعبة حياة الشباب هذه الأيام، وخاصة مع كثرة المغريات من حولهم، فهم محاطون بالكثير من الأشكال، والألوان، والروائح، والتصرفات، والممنوعات.

وبالنسبة لهذه الإثارة الجنسية، فمن الصعب تحديد سببها بشكل دقيق، فهل هو -ما ذكرته في سؤالك- بأن رؤية المرأة وهي تدخن يجعلها تبدو وكأنها تتجاوز الممنوعات اجتماعيا، وكأنها تتمرد على أعراف المجتمع، حيث ما زال تدخين المرأة ولعهد قريب أمر غير منتشر بشكل واسع؟

ومن ناحية مدرسة التحليل النفسي لا شك أن السيجارة قد ترمز لما يشابهها من الأعضاء الجنسية، وهذه الإثارة الجنسية من رؤية المرأة تمسك بالسيجارة ليست عندك فقط، فالكثير من الرجال يشعرون بهذا، إلا أنهم قد لا يتحدثون عن هذا الأمر.

ولكن اطمئن فأولا هذا لا يشير إلى انحراف، وإن كان يشير لشيء من قوة الرغبة الجنسية، بحيث أن أمرا كهذا يثير، وهي حالة ستخف بشكل طبيعي مع تقدم السنين، والمهم هنا أن لا يدعوك هذا لتبدأ بالتدخين، فالضرر كل الضرر في هذا، وما أظنك ستفعل، فعليه أن تنتبه لمثل هذه الصور الذهنية والخيالات التي قد ترافق رؤية المرأة المدخنة، وأن لا يدعوك هذا لأي ممارسة لا ترضاها.

افتح المجال لنفسك لتمارس الأنشطة المختلفة الدينية، والفكرية، والرياضية، والترفيهية..؛ بحيث تعطي نفسك مجالات واسعة من الاهتمامات والهوايات المفيدة والنافعة، مما يمكن أن يصرفك عن غيرها من العادات والممارسات القليلة الفائدة.

وإذا كانت هذه الإثارة الجنسية تشغل بالك، فهناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها الآن، لتخفف من هذا الأمر، ومنها على سبيل المثال وليس للحصر:

• الابتعاد قدر الإمكان عن المثيرات الجنسية كأماكن تتوقع أن يتواجد فيها النساء المدخنات.

• الابتعاد قدر الإمكان عن التفكير في أمور البنات والأفكار المثيرة للغريزة الجنسية.

• محاولة شغل النفس بالأعمال والأنشطة التي يمكن أن تخفف من بعض الشهوة كالرياضة والمشي.

• التقليل من الأطعمة الكثيرة البهارات؛ لأنها مما يثير الجملة العصبية.

• التقليل من المنبهات كالقهوة والشاي، والاستعاضة عنها بشرب المهدئات كالنعناع والأعشاب المهدئة الأخرى.

• الإكثار من تلاوة القرآن، فهذا يساعدنا على أخذ تفكيرنا لأماكن أخرى غير الرغبة والشهوة الجنسية.

حفظك الله من كل سوء، ويسر لك للخير.
++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. مأمون مبيض استشاري الطب النفسي، وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++++++++++++
نرحب بك ابننا الفاضل، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمرٍ يُرضيه، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونشكر للطبيب المختص – الدكتور مأمون – وهو من الكفاءات العلمية الكبرى، نشكر له هذه الإجابة الجميلة الرائعة، ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان ينبغي أن يتجنب ما يُغضب مالك الأكوان، وأن الشيطان يزين الشر، والشر في أصله قبيح، فالسيجارة قبيحة في منظرها، قبيحة بضررها، قبيحة برائحتها، قبيحة بالأموال التي تضيعها، قبيحة بالهواء الطلق الذي تُفسده، ومع ذلك فإن الشيطان يُغري بعض الناس لتناول هذه السيجارة أو التشوق لها عبر – بكل أسف – ما يُطرح في وسائل الإعلام، فقد مرت سنوات – بكل أسف – كان الإعلام فيها يُظهر ما يُسمى (بطل) – وهو لا يستحق هذه التسمية – وهو على الشاشة في أكمل هيئة، وأحسن زينة، ودخان السجائر يتصاعد من فمه، ويخرج من مناخيره وأنفه، مما أثر على كثير من أنماط التفكير عند الشباب، وعند الفتيات.

لكنا نريد للعقلاء من أمثالك أن يكون هواهم تبعًا لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم – وأن يكون ميلهم إلى ما يُرضي الله وإلى ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ونحب أن نؤكد لك أيضًا أن هذه الأشياء (التخيلات) إذا صدق الإنسان نفسه وتمادى فيها فإنها تكوّن مثل هذه التصورات التي لا يسندها علم، ولا يسندها عقل، ولا تسندها الأشياء المألوفة بين الناس.

حاول دائمًا أن تتذكر الصورة السيئة في المرأة الخارجة عن القيود الاجتماعية، والقواعد الشرعية، ومثلها ينبغي أن يُجتنب، لا أن يُحب أو يميل إليه الإنسان.

ونتمنى كما قال الطبيب أن تشغل نفسك بالخيرات، وأن تكثر من التوجه إلى رب الأرض والسموات، واعلم أن الإنسان ينبغي أن يُصحح أفكاره، وخير ما نصحح به أفكارنا والتصورات هو هذا الدين العظيم الذي ما ترك خيرًا إلا دلَّ عليه، ولا ترك شرًّا إلا وحذرنا ونهانا منه، وبعث الله فينا نبيًّا يُحل لنا الطيبات ويُحرم علينا الخبائث، ويجمع أهل السجائر قبل غيرهم أن السجائر من الخبائث، ومن الأمور المكروهة، وكذلك رسولنا ينهى عن الضرر والضرار، وكل ذلك متحقق في السجائر.

نسأل الله تعالى أن يعصمك من الزلل، وأن يردك إلى الحق ردًّا جميلاً، ولا أظن أن هناك داعي للانزعاج، ولكن ينبغي أن تغيّر التصور الذهني الذي عندك، وعندها ستتغير التأثيرات الأخرى التي تحدث، ونسأل الله أن يحفظك ويسددك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً