الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النجاح والتفوق في الدراسة وكيفية الوصول لهما

السؤال

السلام عليكم.

بعد طول تفكير، وقراءة كل الاستشارات النفسية أخذت قرارا بأن أرسل إليكم استشارتي، وأود أن تفيدوني.

كنت في الماضي من أفضل طلاب دفعتي، وهذا منذ عام، رجوت من الله أن يدخلني كلية الطب، والله ما دخلتها طمعا في اللقب أو الشهرة، ولكن لأني رأيت الناس الفقراء كيف يعانون، رجوت من الله أن أدخلها لأساعد المرضى الفقراء، وأرضي ربي.

الحمد لله، دخلت الكلية، ولكن نتيجتي كانت سيئة، حيث رسبت في مادتين، وامتحنتهما مرة أخرى، والحمد لله نتيجتي كانت بامتياز في المادتين، ولكن لن تضاف لشهادة التخرج، فحزن لذلك والداي.

والله ما حزنت على نفسي بقدر حزني على والدي، أنا حاليا في السنة الثانية في الكلية، اجتهدت في الفصل الدراسي الأول إلى حد ما، ودرجاتي في أعمال السنة كانت جيدة إلى حد ما، وأصبحت خائفا من أن يحدث مثل ما حدث لي في أثناء العام الماضي، وأصبح الخزن جزءا أساسيا في حياتي.

لا أريد أن يحزن والداي مرة أخرى بسببي، وكنت ملتزما بالصلاة في أوقاتها، أما الآن فأنا مقصر، وكنت مجتهدا، وأحس أني فقدت اجتهادي.

بقيت خائفا من الامتحانات أو الدرجات، أو أي شيء، لأني أعاني من صعوبة، حيث أني أضيع وقتا كثيرا، وأهرب من فكرة الدراسة، ولكن لا جدوى من الهروب.

كيف ألتزم وأجتهد وأرضي ربي؟ أدهشدني صاحبي، قال لي: كان صاحبي ناصحا للناس، أما الآن فالناس ناصحون لصديقي! كل أصدقاء دفعتي متفوقون في الدراسة، وأريد أن أكون مثلهم، أنا لا أغار من أحد، فهل هذه مشكلة؟ لقد أصبحت إنسانا سلبيا، لا إجابة له لا هدف له في الحياة.

علما أني أقرأ القرآن، حيث ختمت في الفصل الدراسي الأول 3 مرات، وإن شاء الله أختم كذلك في الفصل الدراسي الثاني.

أرجوكم أعطوني الدافع، لا أريد أن يحزن والداي مرة أخرى بسببي بعد أن رسمت البسمة على وجوههم.

رجاء أفيدوني، جزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن التميز العلمي له مذاقه الخاص، وأن المؤمن القوي يقينًا خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وكلما كان الإنسان يتمتع بشيء من التميز في أي ناحية من نواحي حياته فإنه سيضفي السعادة على نفسه وعلى من حوله.

لذلك أكرمك الله تبارك وتعالى بهذا التفوق العلمي، حتى استطعت أن تدخل كلية الطب، والذي دفعك إلى ذلك بعد فضل الله، إنما هو رحمتك بالفقراء والمساكين، ورغبتك أيضًا في إسعاد والديك جزاك الله خيرًا على هذا الشعور الطيب الرائع.

إلا أن الشيطان – لعنه الله – كان حريصًا كل الحرص على ألا يجعلك تنجح في مشروعك هذا، فبدأ يُدخل عليك هذه الشبهات التي بدأت تُضعف مستواك العلمي، والتي جعلتك أيضًا في موضع لا تُحسد عليه، فهذه المواد التي تخلفت فيها كما ذكرت حتى وإن حصلت فيها على درجة امتياز لم تُضاف إلى مجموعك في نهاية التخرج، ومعنى ذلك أنك قد تُحرم من أن تكون مدرسًا بالجامعة، وهذا مما لا شك فيه أمر عظيم.

أقول لك: ينبغي عليك أن تعلم أن هذا التغير الذي حدث في حياتك له أسبابه ودواعيه، وهذه الأسباب قد تكون منك أنت، لأن الله تبارك وتعالى أخبرنا بأن العبد هو الوحيد المسؤول عن تصرفاته وسلوكه، فقد قال سبحانه وتعالى: {قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسَّاها}، فنحن في الغالب هذه التصرفات مردها إلينا، نوع من الخمول أو الكسل أو التراخي أو أحيانًا بعد الإعجاب أو الغرور، يترتب عليه حرمان العبد من شيء عظيم كان بين يديه، فيصبح صعب المنال أو من المتعذر الوصول إليه.

إلا أني أقول: عليك أن تنظر في نفسك، وأن تبحث في الأسباب التي أدت إلى هذا التكاسل، في الأسباب المادية المحسوسة الملموسة، هل هناك صداقات غير حسنة تقضي معها معظم وقتك؟ هل هناك أشياء تفعلها من المعاصي السرية التي حالت بينك وبين توفيق الله تعالى لك؟ هل هناك أشياء أنت تعلمها عن نفسك - كتقصيرك في الصلاة كما ذكرت - أدى بصورة غير مباشرة إلى إضعاف مستواك العلمي؟ لأني لا أستبعد (حقيقة) أن يكون تقصيرك في الصلاة من آثاره هذا التخاذل الذي تعاني أنت منه الآن.

لذا فإني أقول لك – ولدي أحمد – ينبغي عليك أن تراجع حساباتك بدقة، لأن هذا مطلوب، وكما ورد في كلام أمير المؤمنين عمر - رضي الله تعالى عنه – (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)، وكما ذكر الإمام أحمد بأن الإنسان العاقل لا بد له من أربع ساعات يوميًا، ومنها ساعة يحاسب فيها نفسه.

اجلس مع نفسك وقل ما هي أسباب هذا الضعف وهذا التكاسل، وعدم الرغبة في المذاكرة؟ خذ معك ورقة وقلمًا واكتب الأسباب كلها، ثم بعد ذلك حاول أن تتخلص منها، لأنه لن يغير أحمد إلا أحمد، ولن يجعل أحمد طبيبًا أو أستاذًا جامعيًا إلا أحمد شخصيًا، فثق وتأكد أن هذه القضية لا يمكن لأحد أن يساعدك فيها بحال من الأحوال.

الأمر الثاني: أتمنى - بارك الله فيك – أن تحاول أن ترقي نفسك رقية شرعية، لاحتمال أن هناك من يحسدك، قد لا يكون من زملائك في الكلية، لأنهم من أمثالك من المتميزين، ولكن قد يكون بعض الأقارب، بعض الأصدقاء، بعض الجيران، الذين رأوا فيك هذا التميز وأنك ستُصبح طبيبًا وأبناؤهم لم يصلوا إلى ذلك، وقد يحسد الإنسان نفسه – ولدي أحمد – وقد يحسده والده أيضًا.

إذًا الحسد ليس معناه أنه أمر صعب ومستحيل، وإنما قد يحسد الإنسان نفسه، فعليك بالرقية الشرعية في أسرع وقت، لاحتمال أن هناك عينًا قد أصابتك أدت بك إلى هذا التكاسل وهذا التراخي وهذا الفتور عن المذاكرة والدراسة والتميز.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يوفقك الله لتحقيق أمنيتك التي تُسعد بها والديك.

اطلب من والديك الدعاء لك، حافظ على الصلوات في جماعة، وأوصيك بأذكار الصباح والمساء كعينك، لا تقصر فيها، لأنها التي تحفظك من كيد الشيطان، وأبشر - بإذن الله تعالى – بتميز أفضل مما كنت عليه.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ارسطو

    بارك اللة فيكم واللة انتم عم تفيدونا كتير

  • مصر انا اه

    انت انسان ركثر من رائع

  • الجزائر أسيل

    عليك بالاجتهاد وأن لا تخاف من أي شيئ لكي تفرح والاك أرجو لك التوفيق

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً