الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحياة الزوجية كقطار مسرع لا يتوقف عند المحطات الصغيرة

السؤال

السلام عليكم

أنا سيدة متزوجة، أحب زوجي جداً، لكنني أخطئ في حقه كثيراً، بالخروج أحياناً من المنزل بدون إذنه، وإهمال تنفيذ أوامره، أقسم بالله أن هذا ليس عمدا، إلا أنني كثيرة النسيان، فأنسى ما يطلبه مني وأفعل عكسه، وأحياناً بسبب أن ما يطلبه مني لا يستحق الاهتمام من وجهة نظري.

في البداية كان يغضب مني بسبب ذلك، ونتشاجر قليلاً، ولكنه سرعان ما يسامحني، وأشهد أنه بالفعل قد تحملني وتحمل الكثير من أخطائي في حقه، أما الآن فقد تطور الأمر بيننا، لأن الشجار أصبح يومياً -تقريباً- بسبب موضوعات لا تستحق الذكر، أعترف أنها جميعاً بسبب عدم تنفيذ ما يأمرني به، ولكنها أمور بالفعل تافهة، ويضخم الأمور، ويقول: إنه فقد الثقة في أن أقوم بتنفيذ أوامره، وأنه عندما يطلب مني شيئاً فإنه متأكد من عدم تنفيذي له.

أعترف أيضاً أن هذا يحدث بالفعل، لأنني أنسى ما يطلبه مني، أو لا أفهم ما يريد، فأفعل عكسه أحياناً، أؤكد لكم أنني أحاول إصلاح أخطائي وتنفيذ ما يطلبه مني، ولكنني في بعض الأحيان لا أستطيع للأسباب التي ذكرتها.

المهم أنه أصبح عصبيا جداً، والمشاكل بيننا في ازدياد، حتى إنني لم أعد أطيقه أو أطيق العيش معه، رغم حبي له، وأفكر جدياً في الانفصال عنه، وأحس أنه أيضاً يفكر في الانفصال عني، رغم أنه لم يصرح لي بذلك.

أرسلت رسالتي أطلب منكم توجيه النصح له، بالمحافظة على بيته والكف عن المشاكل، وأن يتحملني، فأنا لازلت أحبه، ولكنني بالفعل لم أعد أطيق المشاكل بيننا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونشكر لك الاعتراف بحق الزوج والاعتراف بهذا التقصير، ونتمنى أن تعلني له هذا الأمر، لأن هذا مما سيخفف من هذه الأمور، ونعتقد أن السعادة الأسرية والزوجية لا تتحقق إلا إذا قام كل طرف بما عليه.

وأرجو أن يعلم الجميع أن أفضل الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، وأن الزوجة عندما تحسن لزوجها تؤجر عند الله، وأن الزوج إذا أحسن لزوجته يؤجر عند الله تبارك وتعالى، فاجعلوا السباق بينكم في كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى، واعلموا أن الأفضل عند الله هو الأحسن لصاحبه، ونؤكد أن هذه الحياة لا يمكن أن تستمر إلا بصبر على الجراحات ونسيان المرارات، ولا بد أن ندرك أن وجود الإنسان مع زوجته في بيته لا بد أن يجد أشياء تضايقه أو تضايق الطرف الآخر، وإذا لم يتحمل الإنسان زوجته أو لم تتحمل الزوجة زوجها فمن سيتحمل كل طرف؟! لذلك نتمنى استحضار هذه المعاني، قال أبو الدرداء لزوجته رضي الله عنهما: (إذا غضبت فرضيني، وإذا غضبت رضيتك وإلا لن نصطحب).

إذاً هذه الحياة تقوم على الفضل، ولا تنسوا الفضل بينكم، وتقوم على الإحسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو القائل: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (والله إني لأكره أن أطالب زوجتي بكل حقوقي خشية أن تطالبني بكل حقوقها).

إذاً هي المعاني لا بد أن يستحضرها الإنسان، وإذا كان الإنسان يواجه صعوبات فإن عليه أن يسامح إذاً، ويتجاوز عن الأخطاء الصغيرة، فالحياة الزوجية قطار مسرع، والقطار المسرع لا يقف عند المحطات الصغيرة، وحتى المشكلات التي تحدث لابد أن تعالج في إطار الحياة الزوجية بما فيها من سياج المودة والرحمة، والحرص على الإحسان.

نسأل الله أن يعينكم على الخير، وأن يديم بينكم السداد والرشاد، ونتمنى أن يظهر هذا الاعتذار وهذه الرغبة في الاستمرار، وتحولي ذلك إلى برنامج عملي، فمما تصلح به البيوت التعاون على البر والتقوى قال العظيم سبحانه: (وأصلحنا له زوجه) ماذا كانوا يفعلون؟ (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين).

نسأل الله أن يديم بينكم الوئام والتوفيق والسداد وهو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً