الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حضرت ذات مرة دفن جنازة، ومن يومها أصبت بالخوف من الموت.

السؤال

السلام عليكم

أشكركم على موقعكم ونفع الله بكم الأمة الإسلامية.

أنا شاب في العشرين من عمري، ذهبت ذات يوم إلى جنازة ورأيت كيفية دفن الميت، ومنذ ذلك اليوم وأنا أفكر في الموت وأخاف جدا من موت الفجأة، ومن القبر، لدرجة أني من كثرة التفكير أصبحت مجهول الطباع، كيف سأموت ولماذا ومتى، وماهو مصيري وكيف ستكون الحياة بعد الموت؟ ولازمتني هذه الأفكار، وعند تفكري في مستقبلي هناك شيء بداخلي يقول لي أنك ستموت فلماذا الدراسة والزواج والعمل؟

كما أنني أصبحت أعاني أوجاعا في قلبي، وعند زيارتي لطبيب القلب وجدت أن قلبي سليم؛ علماً وأنني بحثت في موقعكم فوجدت أنكم تنصحون بتناول السبراليكس، إلا أن اسم هذا الدواء غير موجود بتونس.

أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي هذه، والتي أشعر وكأنها ستقضي على حياتي.

وجزاكم الله ألف خير، وفرج همكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الفاضل: أنت لست مريضًا، والأدوية يجب ألا تأخذ الأسبقية في علاج حالتك، حالتك هي حالة تفاعل إنساني وجداني عادي جدًا، وعلاجك -أخي الكريم- بسيط جدًا، الذي استقبلته من كتلة نفسية سلوكية كان عاليا ومركزًا، حضور الجنائز ليس بالسهل لمن يعرف ويقدر هذا الموقف، وحين ينزل الميت في القبر لا شك أن هذا موقف مهيب لمن يدركه أيضا، تفاعلك هو تفاعل إنساني عادي جدًا في ذاك الموقف، بل هو يناسب الموقف، والذي حدث لك هو تذكر الموت، وحتمية الموت وألا فرار منه، وأن الكيِّس يجب أن يعمل لما بعد الموت، وأن العبد إذا فرح بلقاء الله فرح الله بلقائه، هذه المبادئ الفكرية التي يجب أن تستند عليها في مقاومتك لهذه المخاوف.

والخطوة الثانية عليك بالتعريض، ومنها الاستجابة السلبية، وهذا مفهوم سلوكي، في هذه الحالة تعرض نفسك من خلال المشي في الجنائز، وهو مهم ( من مشى في جنازة، وصلى عليها فله قيراط) والقيراط مثل جبل أحد، ومن بقى حتى شهد دفنها له قيراط آخر من الأجر، ما أعظمك يا دين الإسلام، هذه الخيرات والحسنات توزع علينا بأعمال بسيطة، فكن من الحاضرين للجنائز، وتذكر لحظة الموت والدعاء للميت حين تدعو له، وتأمل أخي تلك الكلمات الجميلة، وأنا أتوقف عندها كثيرا، وأتمعن فيها، فهذا ينبغي أن يكون منهجك، ويجب أن يكون لك تطبع جميل في هذا، ولا تجزع ولا تفزع فأمر الموت أمر حتمي.

الاسترسال الذي أتاك حول الموت هو فكر سلبي، كن حريصا على أذكار الصباح والمساء، وهذه الأذكار على وجه الخصوص حين تقرأها كن متدبرًا لها، مثل: (باسمك اللهم ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين).

هذا المنهج هو الذي ينبغي أن تنتهجه، وعش حياتك بصورة طيبة وصحية، واحرص على صلاتك في المسجد، لا أريد أن أقول لك كن مكبلا في الخوف من الموت، فالحياة نفسها هي وسيلة للموت والخاتمة الطيبة، وأسأل الله تعالى أن يحسن عاقبتك وعاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجعل عيشتنا عيشة هنيئة، وميتتنا ميتة رضية.

العلاج الدوائي لا أرى أنك بحاجة إليه، ولكن لا مانع أن تتناول شيئا يهدئ نفسك قليلاً، والزيروكسات دواء جيد، تناوله بجرعة 10 مليجرام أي نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.

وانظر علاج الخوف من الموت سلوكيا: (261797 - 272262 - 263284 - 278081).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً