الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تقبل الغيرة الشديدة سببا للطلاق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

هل تصلح الغيرة الشديدة عند المرأة أن تكون مانعًا للرجل من التعدد؟ وكيف نفهم قصة زواج أم سلمة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما قالت أنها شديدة الغيرة ولم يقل لها رسول الله أن هذا السبب مثلا غير كاف، أو قال لها مثلا اتق الله أو شيئاً من هذا القبيل، بل أنه لم يتزوجها إلا بعد أن أذهب الله غيرتها بدعائه لها، فكأن النبي اهتم بهذا السبب ولم يقلل من شأنه، وكذلك لم يتزوج عليها الصحابي أبو سلمة -رضي الله عنه-.

وسؤالي ليس عن الغيرة العادية، بل عن الغيرة الشديدة التي لا تتحملها المرأة بحال، وإذا تزوج رجل على امرأة بهذه الغيرة الشديدة، هل يحق لها طلب الطلاق لوقوع ضرر نفسي فوق احتمالها مما يؤثر على واجبها تجاه بيتها وزوجها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دعاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الكريمة- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، الذي كان يحتاج إلى وقفات طويلة، لكنا سنحاول أن نختصر.

ونحب أن نؤكد أن الغيرة مطلوبة في الرجل وفي المرأة، ولا يتصور وجود حب بدون غيرة، والغيرة التي سألت أم سلمة أن يزيلها هي الغيرة الزائدة، أما الغيرة الطبيعية فهي باقية في أم سلمة وفي غيرها من النساء.

والنساء لا شك يختلفنَ في هذه المسألة، والرجل عليه أن يحتمل غيرة المرأة، ولا يؤاخذها بهذه الغيرة كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم – مع عائشة ومع غيرها من أمهات المؤمنين، فالنبي - عليه الصلاة والسلام – اعترف بالغيرة، وتحمل نتائجها مهما كانت النتائج، طالما كانت الأذية منصبّة نحو الزوج، لكنه رفضها عندما تجاوزت الحدود، فتحولت إلى غيبة، وتحولت إلى انتقاص من الأخريات، عندها تدخل صاحب الرسالة ليقيم الحق والعدل، ليرد الحقوق إلى أهلها والأمور إلى نصابها.

ولكن في هدي النبي - صلى الله عليه وسلم – نموذجاً رائعًا في احتمال الغيرة وفي تقدير المرأة الغيِّرة، وهذا ما ينبغي أن يعيه الزوج.
إن المرأة التي تغار تحب زوجها، بل ربما كان حبًّا زائدًا، فإذا أحسن التعامل مع هذه الغيرة وتجاوز عنها وحاول أن يلطف الأمر وحاول أن يبتعد عن كل ما يثير غيرة زوجته، فإنه بذلك يقترب من هدي رسولنا - عليه صلاة الله وسلامه - .

ومن حق المرأة - إذا كانت غيرتها شديدة الضرر – من حقها أن تخرج من حياة الرجل، لكننا لا نشجع هذه المسألة، بقدر ما نشجع الرجل إلى أن يقدر الغيرة ويُقيم العدل.

إن الغيرة موجودة، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم – لكن السلف عدلوا جدًّا بين زوجاتهم، والغيرة منها ما هو ممدوح، وهو ما كان في ريبة، بأن تُشاهد أمورًا واضحة، ومنها ما هو مذموم، وهو الشكوك والغيرة المرضية الزائدة.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعين الأزواج أيضًا على فهم طبيعة المرأة كما فهمها النبي - صلى الله عليه وسلم – عندما دخل على أُمِّنا عائشة فوجدها متغيرة، هذا التغير ربما تقضم أظفارها، تغير الوجه، تزداد حركتها في البيت، تُهاجم زوجها وتبدأ بالكلام، فعليه أن يُباسط ويُلاطف ويستخدم الوضوح، يستخدم الشرح، ويُظهر لها المشاعر النبيلة، ويُدرك أهداف هذه الغيرة، وهي نبيلة، بل هي دليل على شدة حبها لزوجها، فإذا قدَّر الرجل هذه المعاني فإنه يَسْعد ويُسْعد.

والمرأة تستفيد من هذه الغيرة وتستفيد من التعدد أيضًا في إبراز ما عندها، وأيضًا في تجديد عواطفها ومشاعرها، وللغيرة آثار إيجابية، كما أن للتعدد فوائد مجتمعية، ونسأل الله لنا ولكنَّ التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً