الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجرت أصدقائي بسبب معاناتي من الخجل الاجتماعي.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في الرابعة والعشرين من العمر، من مصر، أعاني منذ الصغر من الخجل، وازدادت الحالة منذ الثانوية، وأصبحت أعاني من الخجل الاجتماعي والانطوائية والعزلة عن الناس؛ مما حرمني من المشاركة مع أقراني, ولا أصحاب لي منذ فترة طويلة، وسنوات عديدة.

حاليًا لا أتواصل إلا مع عدة أصدقاء منذ الثانوية، أنهيت الفترة الجامعية بصديقين لا أتواصل معهم الآن, لا أملك الثقة بالنفس, أخاف من المواجهة، وأواجه صعوبة في التحدث مع الناس، وأشعر برهبة شديدة، وخفقان القلب عندما أتحدث وسط جموع، ولا أحب أن يلتفت إلي الناس، وحتى أني أتجنب أي مشاركات، ولو بسيطة سواء في العمل، أو مع الجيران، أو أي مكان, لا أستطيع أن أجلس في سكون، يجب أن أحرك رجلي أو أصابعي وهكذا.

كلامي قليل جدًا مع أسرتي، أمي وأخواتي، ولا أزور أي من أقربائي، وحتى إن حكمت الظروف وقمنا بزيارة لا أتكلم إطلاقاً.

في إحدى المرات في الجامعة كان هناك اختبار عملي، أي يناقشني الدكتور في بحث ما, فلم أذهب لذلك الامتحان.

أعاني من النسيان الشديد، وضعف الذاكرة والتبلد العقلي، وبطء شديد في التفكير، وعدم القدرة على الاستنتاج، لا أتذكر يومًا شعرت فيه أني في كامل تركيزي، كثيرًا ما تصفني أمي وبعض الناس بالتوهان.

فمثلاً أنا أسير في شارع من البيت إلى الجامعة لمدة 5 سنوات، وحينما يسألني شخص ما على محطة معينة، لا أستطيع أن أحدد هل فاتت أو لا؟ أو كم بقي من الوقت لنصل إليها؟

لا أتخيل نفسي إطلاقا أقود سيارة؛ لأنني لن أحفظ الطرق إطلاقًا، ولن أستطيع التصرف إن حدثت مشكلة.

لا أستطيع أن أسرد الأحداث التي عشتها، حينما أشاهد فيلمًا وثائقيًا أو ما شابه لا أستطيع أن أسرد الأحداث، أعاني من الشعور بالخمول والإعياء، وعدم القدرة على تحمل المجهود البدني، والنوم لفترات طويلة, أميل إلى الاكتئاب والحزن أيام الأعياد؛ لأني أستشعر أنه ليس هناك من يسأل عني, أحس بخنقة وضيق، ولا أشعر بالسعادة مطلقا، ولا يوجد لدي أي رغبة، أو دافع للقيام بأي شيء.

الآن أنهيت الفترة الجامعية، وحصلت على بكالوريوس الهندسة بتقدير مقبول، وأنهيت فترة التجنيد، وأنا الآن مطالب بالبحث عن عمل، وعن زوجة المستقبل، لا أتخيل نفسي في مقابلة عمل، وحتى أني أشعر أنني لم أتعلم شئيا، ولا أتخيل نفسي أبحث عن زوجة، وما يعقبها من مقابلات وهكذا.

فى النهاية لكي أكتب هذه الشكوى قرأت مواضيع كثيرة، وأخذت منها copy paste ما يتطابق معي، وأخذت أدقق فيها، وأعدل لوقت كبير؛ لأني لا أستطيع التعبير عن نفسي بالقدر الكافي، وأشعر أن هناك شيئا ناقصًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على الكتابة إلينا بهذه الأسئلة على هذا الموقع.
أولا: أريد أن أهنئك، أنك وبالرغم من كل هذه الأمور، فقد استطعت أن تدرس الجامعة، وتتخرج مهندسًا، ومن ثم تكمل خدمة الجندية، فهنيئا لك.

أريد أن أطمئنك أن من المواضيع التي تكثر الكتابة إلينا فيها هي موضوع الارتباك أمام الآخرين، وصعوبات الحديث معهم وصعوبات المواجهة.

ثانيا: فبالنسبة لموضوع الارتباك أمام الناس؛ فإنه لأمر طبيعي أن يشعر الإنسان ببعض الارتباك عند الحديث عندما يكون وسط جمع من الناس، وخاصة إذا كانوا أكبر منه في العمر، أو في المكانة الاجتماعية. وإذا اشتدت أعراض الارتباك أمام الناس، فالغالب أنها تطور للحالة، ثم تصل إلى حالة من الرهاب الاجتماعي.

ومن الواضح أن هذا الرهاب عندك قد وصل لشكل أشد من المعتاد، مما أثر على عدة جوانب من حياتك الاجتماعية وغيرها، وخاصة أنك مقبل الآن على عدة تحديات جديدة من البحث عن العمل، ومن ثم الخطبة والزواج... فكيف العمل؟

لعلاج الرهاب الاجتماعي، فالأفضل هو العلاج المعرفي السلوكي، وذلك عن طريق عدم تجنب اللقاء بالآخرين لتجنب الشعور بالخوف والارتباك، وإنما على العكس اقتحام هذه المواقف والحديث مع الناس، ويمكن أن تكون البداية بمجرد التواجد مع عدد قليل من الناس، ومن ثم الحديث لفترة قصيرة مع هذه المجموعة الصغيرة من الناس، وحتى تطمئن للحديث معهم، وما هو إلا وقت قصير حتى تجد أن هذا الخوف قد خفّ أو اختفى، فهذا العلاج السلوكي هو الأفضل في مثل هذه الحالات.

ويمكن عادة أن يشرف على هذه المعالجة أخصائي نفسي يتابع معك تطور الحالة، وإذا طالت المعاناة، فيمكنك الاستعانة بأحد الأخصائيين النفسيين ممن يمكن أن يضع لك برنامجا علاجيا، ويتابع معك هذا العلاج.

ويمكن للطبيب النفسي أيضا أن يصف لك أحد الأدوية التي تساعد عادة على تجاوز مثل هذه الأعراض، والتي يمكن حتى أن تدعم تأثير العلاج السلوكي.

وهناك عدد جيد من الأدوية المفيدة، ومنها دواء "باروكستين" وهو في جرعة 20 ملغ، وإن كان عادة نبدأ بنصف الحبة (10 ملغ) لأسبوع تقريبا، ومن ثم الجرعة الكاملة 20 ملغ مرة واحدة في المساء، وننصح عادة باستعمال الدواء لمدة عدة أشهر تصل إلى ثلاثة أشهر، والعادة أن يتابع العلاج طبيب متخصص، من أجل التأكد من فعالية العلاج، وتحديد مدة العلاج، وكيفية إيقاف الدواء، والذي ينصح أن يكون بالتدريج من أجل تفادي أعراض الانسحاب.

ونحن ننصح عادة وبشكل عام باستعمال الأدوية النفسية تحت إشراف طبيب متخصص، إلا إذا تعذر الأمر كثيرًا.

فأرجو أن لا تتأخر في أخذ موعد مع أحد الأطباء النفسيين، وعندكم في مصر عدد لا بأس به من هؤلاء الأطباء أصحاب الخبرة العلاجية الجيدة.

وفقك الله، وكتب لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر smainnadir

    وننزل من القران ما هو شفاء و رحمة اقرؤا القران فهو السعادة الابدية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً