الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الانطوائية والعزلة والاكتئاب، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب بعمر 24 عاما، أعاني من مرض نفسي منذ 9 أعوام، ولا أعرف ما هو تشخيصه، لأني لم أستطع الذهاب للطبيب.

منذ ذلك الوقت وبدون مقدمات تحولت حياتي فجأة إلى شخص آخر، فقد كنت شخصا مستقرا أعيش حياة طبيعية مثل باقي الأشخاص الطبيعيين، ولكن فجأة تحولت إلى شخص مكتئب فجأة، وحزين بدون سبب، ثم بعد ذلك فقدت ثقتي في نفسي، وأصبحت انطوائيا تدريجيا، حتى أصبحت منعزلا عن الناس، لا أذهب إلى مكان خارج المنزل إلا إذا اضررت لذلك، كما أعاني من الخروج في المناسبات الجماعية التي بها أناس كثر، لأني فاقد الثقة في نفسي.

أشعر أني أقل من الناس، وأنهم يستطيعون التصرف في المواقف، أما أنا فلا، وهذا ما كان يدعوني للانعزال أكثر فأكثر، حتى في أيام الجامعة، لم أكن أذهب إلا في الامتحانات فقط، لم أكن أذهب للمحاضرات لأني كنت أشعر أني ليس مثل الآخرين من الزملاء، ولأني لم يكن لدي القدرة على تكوين صداقات.

انتهت فترة دراستي بعد معاناة، فمكثت في المنزل بعد ذلك، وكنت لم أخرج منه إلا للضرورة، وأتهرب من المناسبات حتى من الأقارب، أصابني الاكتئاب الشديد، وعانيت ألما شديدا، حتى إن فترة نومي تتعدى 15 ساعة في اليوم! ولا يتوقف ألمي، ومعاناتي إلا في وقت نومي، فهو الجنة والراحة لي.

بعد ذلك توترت علاقتي بأهلي في المنزل، توترا شديدا، لا أتحدث مع أحد، وأقل كلمة أو تصرف منهم يجعلني أنهار من البكاء، مثل الطفل الصغير، وأحيانا أجد أشياء أشد وطئا، ولا أستطيع حتى الحزن عليها أو البكاء، ولا أدري ما هذا التناقض؟ كذلك بعد عني أصدقائي تدريجيا، لأنهم شعروا بأني غير طبيعي، وأن شخصيتي اختلفت، وأن هناك شيئا ما.

مرات أخرج من المنزل فترات وأندمج مع الناس، وكنت أحاول ونجحت في أحيان كثيرة، ولو أتتني لحظة من الثقة كنت أكون سعيدا جدا، فأقول في نفسي: ممكن أن أتغير، ثم يحدث فجأة معي أي شيء لا أستطيع التعامل معه مثل الآخرين!

أفقد ثقتي في نفسي مرة أخرى، وأعود إلى المنزل فأنعزل مع نفسي، وتسوء حالتي أكثر من الأول، وهكذا تستمر حياتي بهذا الشكل، وتستمر حياتي هكذا كأني في دائرة لا أستطيع الخروج منها، ولا أستطيع أن أعود طبيعيا مثلما كنت قبل 9 أعوام.

أرجو منكم أن تذكروا لي ما هو تشخيص حالتي هذه؟ علما أني لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي، لأني قرأت كثيرا عن أن الأدوية تدخل المريض في دوامة، ولها آثار جانبية خطيرة، ولا تعالج المريض نهائيا.

هل تنصحوني أن أذهب لطبيب نفسي؟ مستعد لذلك نظرا لما أعانيه من ألم لا يعلمه إلا الله، وهل الأمراض النفسية لا تعالج نهائيا بالأدوية؟ يعني هذه الأدوية عبارة عن مسكنات فقط؟

جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم، لما تفعلونه من عمل عظيم في مساعدة الناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ashrf حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

المعلومات التي أعطيتها عن حالتك هي معلومات ممتازة ورزينة جداً، لكن قطعاً لن تكون كافية أو بديلا للفحص المباشر من الطبيب النفسي.

مجمل ما توصلت إليه واستنبطته من رسالتك: أن شخصيتك قد عكفت على الانطواء، مما قلل من تطويرها، وجعلك تحس بأنك صاحب كفاءة اجتماعية أقل، وهذا نسميه سوء أو ضعف تقدير الذات، إذاً أنت لديك علة عدم تقدير الذات بصورة صحيحة، وهذا قطعاً أدى إلى المزيد من الإحباط والشعور بالضجر وعدم الفاعلية.

أخي: أنت تحتاج إلى أن تجري بعض الاختبارات النفسية، خاصة الاختبارات المتعلقة بنمط الشخصية، هذا سيكون جيدا ومهما وضروريا إذا تمكنت من مقابلة الطبيب النفسي.

أؤكد لك أن الطب النفسي قد تغير تماماً الآن، هنالك الكثير من أمور الحداثة التي أضافت كثيراً للطب النفسي، الطب النفسي ما عاد شيئاً يمارس في الخفاء أو في الظلام أو أنه طقوس أو أنه أدوية مخدرة هذا كلام ليس بصحيح، هو علم حديث في كثير من المدخلات الممتازة للعلاج، والتي تؤدي إلى مخرجات ممتازة أيضاً، وبالنسبة للأدوية، فيها ما هو مسكن وفيها ما هو معالج، وفيها ما هو مانع للانتكاسة، إذاً هي مصنفة ويُعطى المريض حسب تشخيصه الدواء الذي يناسبه.

اذهب أيها الفاضل الكريم لمقابلة الطبيب النفسي، وأنا متأكد أنه سوف يجري لك بعض الاختبارات، وأنت لا تحتاج إلى أكثر من دواء واحد تقريباً، أحد محسنات المزاج ومحسنات الدافعية مثل البروزاك سيكون مفيداً جداً، وبعد ذلك تجتهد وتطور من مهاراتك الاجتماعية، وتؤكد على ذاتك، هذا هو الذي تحتاج له.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً