الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحدث الانطواء أو الانسحاب الاجتماعي عند الكبار؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد كتبت استشارة برقم: (2210394) وأشكركم جزيل الشكر على الرد, فليس باستطاعتي الذهاب لزيارة الطبيب، ولكن لدي استفسار بخصوصها, واستفسارات أخرى.

نظرا لأنه ليس بإمكاني الذهاب لاستشارة طبيب العائلة؛ فقد اشتريت دواء بروزاك, ولكني خفت من أعراضه الجانبية, بأن يزيد القلق أو أعراض انسحابية, لذلك لم أبدأ به, فأنا لا أريد أن يزداد قلقي, خاصة في أيام الدوام؛ لأني أشعر بأن قلقي أصبح ملحوظاً أصلا، ما الجرعة المناسبة التي علي تناولها؟ فقد اعتقدت بأن كبسولة واحدة كافية, لكني لم أبدأ بها, فما رأيكم؟

هل يحدث الانطواء أو الانسحاب الاجتماعي عند الكبار؟ أم أنه يكون منذ الطفولة ويستمر؟ وما يحدث معي لا يُعد انسحاباً؟ فكما ذكرت أني أصبحت منطوية كثيرا، فلا أجيد التحدث كثيراً, وأفضل الجلوس وحدي, وأتجنب الاحتكاكات.

لدي استفسار آخر: أختي تشكو من خفقان شديد في القلب, وبرودة في الجسد والأطراف, وتعب ودوخة, وألم في الصدر, وضيق في النفس، فيشحب وجهها، وتغمق شفاهها، وقد أغشي عليها مرتين، وتشتد هذه الأعراض فجأة, ثم تختفي مدة، أو عند القيام بمجهود.

ذهبت للمستشفى, وقاموا بتنويمها, وبعد التحاليل قال الطبيب: إنه التهاب فيروسي في القلب, وأعطاها أدوية, ثم عمل قسطرة, وقال: بأن القلب سليم, ولم يتلف, ولكن يجب الاستمرار على العلاج حتى يتم القضاء عليه, ولكن لم تتحسن حالتها, بل زادت بسبب الأعراض الجانبية للعقاقير.

ذهبت لأطباء آخرين, ونفوا تماما وجود التهاب فيروسي, وقال أحدهم: إنه قد يكون تشنجاً, وقال آخر: بأنه قد يكون خللاً في الغدة فقط, أو بسبب الارتجاع المريئي, أو ضعفاً عاماً, ولكن بعد عمل الفحوصات تبين بأن كل شيء سليم تماماً.

ماذا عليها أن تعمل؟ وإلى من تتجه؟ هل من المعقول أنهم عاجزون عن معرفة العلة؟ وهل يكون الأمر خطيراً ومستعجلاً؟

أرجو المساعدة في أقرب وقت، جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للناس, كتبه الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ d m7md j حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعرف أن صاحب القلق والمخاوف والوساوس دائمًا تأتيه الاجترارات السلبية حول الأدوية وآثارها الجانبية، وتخوفك بالنسبة لي مفهوم جدًّا، وأعرفُ أنه ليس من السهولة إقناعك بسلامة الدواء، لكن أؤكد لك أنه سليم.

الأدوية لها آثار جانبية، كل الأدوية حتى البنادول والأسبرين، والأدوية لها آثار سُمِّيَّة ضارة، الذي نحذر منه هو الآثار السمية الضارة، والآثار السمية لا تأتي إلا إذا تخطى الإنسان الجرعة المطلوبة، أو كان الدواء في حد ذاته له ميولات للتأثيرات الضارة، أو إذا استعمل الدواء مع دواء آخر بجرعات عالية لكلا الدوائين.

البروزاك من أنقى الأدوية، من أفعل الأدوية، من أسلم الأدوية، وهو يُباع في الصيدليات في معظم الدول دون أي وصفة طبية، وهو دواء مجرب جدًّا منذ عام 1988.

أيتها الفاضلة الكريمة: أؤكد لك وأطمئنك حول سلامة الدواء، في قلة قليلة من الناس البروزاك قد يؤدي إلى نوع من القلق البسيط في الأسبوع الأول أو الثاني، بعد ذلك تختفي هذه الظاهرة تمامًا بعد أن يتم البناء الكيميائي.

أما بالنسبة للآثار الانسحابية فالدواء ليس له آثار انسحابية مطلقًا، هذا أؤكده لك، بل هذه ميزة تميز البروزاك على السيرترالين والباروكستين على وجه الخصوص.

الجرعة: دائمًا الوسواس تستجيب لأربعين مليجرامًا في اليوم، لكن جرعة البداية هي عشرون مليجرامًا –أي كبسولة واحدة– وبعد شهر يمكن أن تكون الجرعة كبسولتين في اليوم، وأقل مدة للعلاج هي ستة إلى تسعة أشهر.

بالنسبة لسؤالك الثاني: هل يحدث الانطواء أو الانسحاب الاجتماعي عند الكبار؟ .. نعم، الانسحاب أو الانطواء أو الخجل الاجتماعي قد يكون مكتسبًا، بمعنى أنه قد يحدث للإنسان في أي مرحلة من مراحل عمره، وغالبًا يكون مرتبطًا بتجارب سلبية قد لا يستذكرها الإنسان أو لم يلاحظها، وفي بعض الأحيان يكون الانطواء الاجتماعي ناتجًا من مرض نفسي، الاكتئاب النفسي الشديد قد يؤدي إلى الانطواء، مرض الفصام السالب قد يؤدي إلى الانطواء، حتى الخوف الاجتماعي الشديد في بعض الأحيان يؤدي إلى الانطواء أيضًا.

من المهم جدًّا أن يعالج الانطواء والانزواء الاجتماعي من خلال مواجهته وتحقيره والحرص على التواصل الاجتماعي والصلة الفعلية المفيدة.

أعتقد أن حالتك وانطواءك ليس انطواءً خطيرًا، قد تكون الوسوسة والمخاوف ساهمت في ذلك، كما أن تقديرك لذاتك سلبي، فغيّري فكرك وانطلقي انطلاقات جديدة، وأعتقد أنك تملكين الكفاءة والمقدرة الكافية لتكوني فعالة من الناحية الاجتماعية.

بالنسبة للسؤال الآخر حول أختك –شفاها الله-: الأعراض التي نشأت هي من القلب في جُلها ومعظمها، ولا بد أن يتم استقصاء كامل عن الحالة من الناحية العضوية، أي نتأكد أنه لا يوجد مرض في القلب، أو (مثلاً) زيادة في إفراز هرمون الغدة الدرقية، أو ضعف أو فقر في الدم، هذه من الأسباب الشائعة جدًّا التي قد تؤدي إلى هذه الحالة.

أما من الناحية النفسية، فنوبات الهرع والفزع والهلع شائعة جدًّا وسط الناس، وهي تعطي هذه الصورة: تسارع في ضربات القلب، خوف، برودة في الأطراف، آلام وانقباضات في الصدر، وضيق في النفس, هذا نشاهده قطعًا في حالة نوبات الهرع والفزع.

أختك الفاضلة هذه تم فحصها بواسطة الأطباء، واتضح أنه ليس لديها علة عضوية بفضل الله تعالى، وأعتقد أنه بعد استشارة طبيب القلب يجب أن تكون الاستشارة لطبيب الطب النفسي، الذهاب إلى استشاري نفسي بعد موافقة طبيب القلب أعتقد أن ذلك هو الإجراء الصحيح، هي محتاجة لبعض تمارين الاسترخاء، وهي برقم: (2136015) وأن نطمئنها، وكذلك محتاجة لبعض الأدوية المضادة للمخاوف، وسوف يساعدها ذلك كثيرًا -بإذن الله تعالى–

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

+++++++++
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان، وتليها إجابة الدكتور محمد حمودة استشاري أول باطنية وروماتيزم.
+++++++++

إن التهاب العضلة القلبية يمكن أن يحصل بالعديد من الفيروسات, وعادة ما تكون الأعراض مثل الأعراض التي كانت تشتكي منها أختك, وهذه الأعراض لالتهاب العضلة القلبية هي:

1- آلام الصدر, وقصور في القلب يظهر بشكل انقطاع النفس, واضطراب نبض القلب, أي تسارع في القلب, أو أحيانا تباطؤ القلب, وارتفاع في درجة الحرارة, والأعراض الأخرى للالتهاب الفيروسي نفسه.

2- الحمى (خصوصاً مع الإصابة بالعدوى).

أما التشخيص فيكون بإجراء تخطيط للقلب, وتحليل الدم للأنزيمات التي تخرج من العضلة القلبية, وتكون هذه مرتفعة, ويمكن كشفها أيضاً عن طريق عمل القسطرة، بحيث يتم عمل فحص لنسيج القلب، بحيث يتم أخذ عينة صغيرة من النسيج الداخلي للقلب، ويتم فحصها بالتحليل النسيجي, ويمكن أيضا الكشف عن التهاب العضلة القلبية من خلال استخدام جهاز الأشعة المغناطيسية لمنطقة القلب (cMRI: Cardiac Magnetic Resonance Image).

العلاج يكون باستخدام أدوية خاصة, تسمى بـ (ACE inhibitors)
ومعظم حالات التهاب العضلة القلبية تتحسن تدريجيا, وبعضها تستمر بشكل قصور في القلب مزمن, إلا أن هذا يمكن تقديره من خلال الفحص الطبي, وإجراء الإيكو على القلب.

لذا فإنه إن قال لك الأطباء الجدد أنه لا يوجد التهاب في العضلة القلبية الآن؛ فإما أن يكون الالتهاب قد تحسن, أو أن يكون هناك مشكلة في التشخيص الأولي, وفي مثل هذه الحالة يفضل أخذ نسخة من التحاليل والصور التي تمت للقلب, ونتيجة القسطرة, وعرضها على طبيب قلب متخصص, ويفضل أن يكون في مركز جامعي, فهذا مهم جدا؛ لأنها قد تحتاج لتناول الأدوية لفترة طويلة, والتوقف عنها قد يكون غير صحيح, دون التأكد من أنه لم يكن هناك التهاب في العضلة القلبية, خاصة وأن هذه الأعراض كلها لم تكن موجودة, وهي تدل على عدم وصول الدم للأطراف, وعدم قدرة القلب على الضخ بشكل جيد.

نرجو من الله لها الشفاء والمعافاة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً