الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم ثقة بالنفس وتفكير في المستقبل وعصبية زائدة!

السؤال

السلام عليكم
أشكركم على ما تقدمونه من خدمات لنا، وأسأل الله العلي العظيم أن يجعله في موازين حسناتكم.

أنا طالب جامعي آخر سنة في الجامعة، تخصص هندسة، أريد منكم مساعدتي قدر ما تستطيعون, أنا مدخن، وأشعر بأني غير مستقر نفسيا، لعدة أسباب:

منها: عندي شعور بعدم الثقة بنفسي، وهذا يتضح عندما يكلفني أحد الدكاترة بعمل فأخاف أن أعمله؛ بسبب أني لا أتقنه، وأرغب أن أحدا يعمله معي.

في بعض الأوقات أشعر بحزن وأني مهوم، وهذا بسبب التفكير بالمستقبل، وبسبب التأخير في عدم تخرجي من الجامعة، لكن أستطيع أن أسيطر عليها عندما أفكر بأن هذا الأمر بإرادة ربي، وأنه أراد لي ذلك.

الحياة لا تساوي عندي أي شيء، ولا أستطيع الاستمتاع بحياتي أو وقتي، وعندي قلة تركيز، وتشتت ذهن، وبطء في الاستيعاب، وهذا هو السبب الكبير الذي جعلني أهم أكثر بسبب ضعف مستواي الدراسي حاليا.

عندي إحباط وعدم رغبة في الدراسة، وعدم قدرة على تحدي الصعاب بعد أن كنت متميزا ومن الطلبة المتفوقين، وكلما جاءتني مرحلة فيها بعض الصعوبة أتوتر وأصبح أكثر قلقا.

كما أن لدي عصبية زائدة، ولا أستطيع النقاش مع أحد، وكثير النوم والكسل أغلب الأحيان، والنوم في أوقات مضطربة، وأشعر بالارتباك أثناء تقديم عمل، مثلا presentation) أمام الدكاترة.

علما أني أحضر له جيدا, وقبل القيام بهذا التقديم بفترة أشعر بضيقة، وأتمنى أن ينتهي هذا التقديم بسرعة، مع الشعور بخوف، وخلال لعبي لكرة القدم عندما تأتيني الكرة أرتبك، ولا أستطيع مراوغة زملائي بسبب خوف في داخلي!

علما أني متميز في هذه اللعبة في النواحي الأخرى، وأشعر في بعض الأحيان بتلعثم في الكلام!

هذه أغلب الأسباب التي جعلتني أفكر كثيرا، وأبحث عن حل، وقد زرت بعض الأطباء النفسيين، وبعضهم قال: لا أحتاج أدوية نفسية، وإنما أحتاج علاجا سلوكيا.

حاولت كثيرا من خلال متابعة بعض برامج البرمجة اللغوية العصبية، وأحب جدا هذا النوع من البرامج، لكن فائدتي منها قليلة جدا.

البعض الآخر شخص حالتي بأنها قلق نفسي، مصحوب باكتئاب بسيط، والبعض الآخر قال: لدي قلق المخاوف, واستعملت دواءين بفترات مختلفة، سبرالكس وبروزاك، السبرالكس استمررت عليه تقريبا 4 أشهر، وشعرت بتحسن بنسبة 60%، وعندما رفع الدكتور الجرعة إلى حبتين في اليوم استمررت أسبوعا وأحسست بأن هناك سائلا داخليا رأسيا، وأشعر به فقط عندما أحركه، فأصابني خوف، وقطعت العلاج.

بعدها بفترة ذهبت إلى طبيب آخر، فوصف لي البروزاك، واستمررت عليه تقريبا شهرا، لكن في الأيام الأولى من الدواء، هناك ثلاثة أيام كانت نفسيتي جدا ممتازة، وأصبحت أكثر تركيز، وأشعر بأني سعيد لكن يتلاشى هذا الشعور، فأوقفت هذا العلاج.

ذهبت لبعض المشايخ وقال: لدي عين قوية، واكتشف ذلك من خلال الرقية، وتعالجت وتحسنت كثيرا، لكن ليس تحسنا كاملا، وأنا مستمر على الأذكار في الصباح والمساء.

مع هذه المعاناة أعلم يقينا أن ما أصابني لم يكن ليخطئني، وأنها من عند الله لكن ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء فأريد أن أبحث عن الدواء.

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ع ب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلك أعراض متعددة تشتكي منها، وقد سببت لك الكثير من الشعور بالإحباط والكدر، ونحن نقدر مشاعرك -أيها الفاضل الكريم- وأول خطوة في العلاج هي أن تغير طريقة تفكيرك، نعم معاناتك كانت لمدة سبع سنوات، لكن الماضي يجب أن تغلق صفحته، والماضي لا يعود، وما كان بالأمس ليس من الضروري أن يحدث اليوم أو غدًا.

الذي أريد أن أصل إليه: لا تعتقد أن حالتك مزمنة ولا يمكن تغييرها، أبدًا، بشيء من المثابرة والتفكير الإيجابي، والجد والعمل والاجتهاد والتأمل والتدبر والتفكر والتوكل على الله قبل هذا كله، مع العمل، أعتقد أنك تستطيع أن تعيش حياة طيبة وهانئة.

أعراضك التي ذكرتها كلها متداخلة مع بعضها البعض، والمسميات التشخيصية ليست ضرورية في مثل هذه الحالات، هي مجرد شوائب نفسية من هنا وهناك، شيء من القلق، شيء من التوتر، شيء من الخوف، شيء من الوساوس، كل ذلك أدى إلى هذا الشعور بالإحباطات، أنا أعتقد أن حالتك ظاهرة وليست مرضًا حقيقيًا.

موضوع العين، ومن قال: إن فيك عينا قوية، يجب أن تعرف أن رعاية الله تعالى أقوى، وهي مطلقة، والله خير حافظا، حصِّن نفسك -أيها الفاضل الكريم- بصلاتك وقرآنك ودعائك وأذكارك، هذا يكفي تمامًا، وانزع من خلدك وتفكيرك ما يسمى بالعين القوية.

تنظيم الوقت مهم في حياتك، وأنا أنصحك بأن تنام مبكرًا، وتستيقظ وتصلي الفجر، ثم تدرس لمدة ساعة ونصف بعد صلاة الفجر، هذا استثمار عظيم جدًّا للوقت، وتحفيز مهم للدماغ، ويعطيك الشعور بالرضا وانشراح الذات والاكتفاء الداخلي؛ لأنك قد بدأت بداية صحيحة، استفدت من البكور، بعد ذلك سوف تجد أن بقية اليوم يسير معك بانسيابية عجيبة وجميلة، فكافئ نفسك بهذا الفعل، هكذا تُدار الحياة.

قطعًا إدارة الوقت في بقية اليوم سوف تنظمها وتدبرها وتشكلها حسب ما هو معهود: وقت للراحة، ووقت للرياضة، ووقت للتواصل الاجتماعي والأسري، ووقت للدراسة، وهكذا.

الأمر بسيط جدًّا، وأعتقد أنه بسيط فوق التصور، لكن كثيرًا ما نضخم ونعظم الشوائب النفسية مما يؤدي إلى انهزام أنفسنا، لا، الثقة تأتي من خلال هذا النوع من نمط الحياة.

التدخين يجب أن تتخذ حياله قرارًا، وأنت أدرى بأضراره، وعليك بالرفقة الطيبة الصالحة، وعليك أن تكون بارًا بوالديك، وأن تكون لك مشاركات إيجابية في أسرتك، هذا الذي أقوله لك علاج وعلاج نافع جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أعتقد أن دوره ثانوي في حالتك، لكن لا بأس به قطعًا، وأعتقد أن الزولفت هو الأفضل لحالتك، ويعرف أيضًا تجاريًا باسم (لسترال) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها ليلاً لمدة خمسة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً