الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أوهام وخيالات كثيرة ومرعبة!

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذهبت إلى الطبيب العام منذ شهرين، فشخص حالتي بأني أعاني من الاكتئاب، ووصف لي حبوب البروزاك، ومن ثم ذهبت لطبيب نفسي، وطلبت منه حبوب السيبرالكس، وأنا إلى الآن آخذ هذه الحبوب، وأنا مرتاح جدًا عليها، ولكن كان هناك عرضٌ كنت أحسبه رؤى في البداية، وكان هذا العرض موجودًا قبل أن أصاب بالاكتئاب، أي قرابة السنة من الآن، والعرض هو كالآتي:
أجد صعوبة في استخدام مخيلتي وذاكرتي، ولكنها (مخيلتي) تستخدم نفسها بنفسها، فتفرض نفسها علي فرضا .عندما أرى أمرًا ما يحدث أمامي كأني قد رأيته مسبقا، تبدأ المخيلة بنفسها ببناء أفكار وصور ونتائج وأمور تخبرني أنها ستحدث في المستقبل كأنها رؤى، ولكنها ليست برؤى، وسرعان ما أتفاعل معها فأسرح وأفرح وأمرح؛ لأنها تكوّن أمورا حقيقية مستقبلية جميلة كأنها ستحدث حقيقة، وأحيانا أخرى تأتي بأمور مرعبة، فتخبرني بصور ونتائج كارثية، ومستقبل مظلم متوعد كأنها نهايتي، ولكني بعد ذلك أكتشف أن هذه الأوهام والخيالات والأفكار والصور التي أتت من بُنيّات أفكاري قد خدعتني سواء كانت جميلة أم قبيحة؛ لأنها في النهاية تسقط وتتلاشى فيحدث أمر آخر غير الذي رأيت، فتنغص على أمي عيشتها!.

أريد حلا لعلاج هذا المرض الذي يؤرقني ليلاً ونهارًا، هل يوجد لديكم دواء فعال يمكن أن أخبر طبيبي عنه، ويمكن أن أستخدمه إلى جانب السيبرالكس؟ لأن طبيبي وصف لي دواء (ريسبيريدون) إلى جانب السيبراليكس فاستخدمته لمدة شهر، ولكن بعد هذه المدة سرعان ما أحسست بومضات في الدماغ تحدث في مؤخرة الرأس، هذه الومضات كأنها لسعات كهربائية تأتي فجأة، وبشكل سريع كأني سأدخل في غيبوبة ثم تختفي، وأيضا حين أحرك عيني يمنة ويسرة، فأخبرت الطبيب عنها فأوقف دواء (الريسبيريدون).

بعد أسبوعين تقريبا من عدم أخذ حبوب (الريسبيريدون) اختفت هذه الومضات واللسعات الكهربائية، ولكن ما زالت الأوهام والخيالات تسرح بي، وتأخذني إلى المجهول وتؤرق حالي، وتجعلني، كالبقرة التي تتخبط مجروحة الفؤاد ترثي حالها بعد أن نزعوا منها حليبها بالكامل!

علما أني أداوم على الطاعات والصلوات، وقراءة القرآن، وعمري 33 سنة الآن،

هل هناك دواء يمكن أن نأخذه بجانب حبوب السيبرالكس، يمكن أن يلغي هذه الخيالات السرابية والأوهام المستقبلية الكاذبة، والنزقة، والمقيتة، والمملة؟ وكم من الوقت أحتاج لكي أتعافى من هذه الخيالات والأوهام والسراب الذي أعيش فيه؟

نرجو منكم أن تساعدونا – رحمكم الله – وأن تشيروا علينا ماذا نفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك بالفعل تستحق الانتباه إليها، -وإن شاء الله- هي بسيطة.

أنا تصوري أن ما يتسلط عليك ويتساقط على مخيلتك هذا، هو جزء من النمط التفكيري الوسواسي، هذه الصورة الدماغية التي تُرسم وتظهر عندك بصورة جلية جدًّا أعتقد أنها أحد الأنماط الوسواسية وليس أكثر من ذلك، ولا أعتقد أنك تعاني من حالة ذهانية.

أخي الكريم: هذه الحالات دائمًا تحتاج لعلاج نفسي سلوكي، هنالك ما يعرف بتكتيك إيقاف الأفكار، باختصار شديد: أن تجلس في مكان هادئ، وتطبق تمارين الاسترخاء لمدة خمس دقائق، ثم بعد ذلك تجلس على الأريكية أو كرسي مريح، وتفكر في هذه الأفكار التي دائمًا تستحوذ على مخيلتك، فكّر فيها بعمق شديد، بعد ذلك قل بصوت عالٍ (قف قف قف) ثم فكّر في نفس الأفكار مرة أخرى وقم بالتصفيق على يديك.

هذه من التمارين الجميلة جدًّا والجيدة جدًّا إذا طُبقت بصورة علمية، فهي تجهض هذا النوع من الفكر الوسواسي.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أعتقد أن قرار الأخ الطبيب حين أضاف لك جرعة الرزبريادال كان قرارًا سليمًا وصحيحًا؛ لأن الدراسات تُشير أن هذا النوع من الفكر الوسواسي يتطلب بالفعل تناول عقار مثل الرزبريادون، لكن يظهر أنك حساس جدًّا للأدوية مما ترتب عليه آثار جانبية سلبية نشأت من الرزبريادون، وكان يمكن إعطاؤك دواءً بسيطاً مثل الأرتين بجرعة اثنين مليجرام، وتستمر على الرزبريادون في ذات الوقت، والأرتين دواء ممتاز جدًّا لإجهاض الآثار الجانبية التي تنتج من الرزبريادون.

عمومًا قرار الأخ الطبيب بأن تتوقف عن الرزبريادون أيضًا قرار حكيم وقرار جيد، وأنا أعتقد أن البديل للرزبريادون سوف يكون عقار (سوليان)، والذي يعرف باسم (إيمسلبرايد) بجرعة خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم ترفع إلى مائة مليجرام، بمعدل خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين أو ثلاثة مثلاً، ثم تخفض إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

أعتقد أنك إذا تواصلت مع طبيبك هذا سوف يكون أفضل جدًّا من أجل التطبيقات السلوكية، وكذلك إعطائك الدواء البديل للرزبريادون.

أشكرك على ثقتك في هذا الموقع، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً