الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن يقضي الله حاجاتي الدنيوية.. فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أريد من الله جل في علاه بعض الحوائج الدنيوية، فكيف أقضيها؟ وهل هناك قصص مجربة لذلك؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- من أنك تريد من الله تبارك وتعالى أن يقضي لك بعض الحوائج الدنيوية، وتسأل عن كيفية ذلك، ثم تسأل كذلك عن وجود قصص مجربة تؤكد هذا الأمر.

أقول لك -ابني الكريم الفاضل-: اعلم أن الله تبارك وتعالى قال قوله الحق: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ} وقال أيضًا: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، والنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء) وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضًا: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وقال أيضًا: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء) وقال كذلك -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله واحدة من ثلاث: إما أن يعطيه ما سأل، أو يصرف عنه من السوء مثله، أو يدخر له من الخير مثله).

فهذه النصوص كلها مجتمعة تدل على أن إجابة الدعاء أمرٌ مفروغ منه، وأن الله تبارك وتعالى قد وعدنا بذلك، ووعد الله تعالى لا يتخلف، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {وعد الله لا يُخلف الله وعده} وقال أيضًا: {وعد الله لا يخلف الله الميعاد} وقال الله تعالى: {فمن أوفى بعهده من الله}.

فقضية إجابة الدعاء – يا ولدي – هذه قضية ينبغي على المسلم أن يؤمن بها إيمانًا جازمًا صادقًا، وألا يتشكك فيها قيد أنملة؛ لأن التشكك في قدرة الله على إجابة الدعاء يترتب عليه مشاكل كبرى، ومن أهم هذه المشاكل وتلك الخسائر أن الله تبارك وتعالى يحرم العبد من إجابة الدعاء، ولذلك عندما تريد قضاء بعض الحوائج فما عليك إلا أن تتوجه إلى الله تبارك وتعالى بسؤال الله حاجتك، شريطة أن تظن بالله الظن الحسن في أنه سيقضي لك حاجتك، وشريطة أن تكون هذه الحاجة أنت في حاجة إليها، وأن تكون من المعقولة شرعًا وعُرفًا، ومهما كان هذا الأمر فاعلم أن الله تبارك وتعالى على كل شيء قدير، فلعلك سمعت أن سليمان عليه السلام قد ملَّكه الله تبارك وتعالى الدنيا كلها بدعوة واحدة، عندما قال: {رب هب لي مُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدي} فترتب على هذه الدعوة أن الله تبارك وتعالى جل وعلا جعله ملِكًا لأقطار الأرض جميعًا، فأصبح ملِكًا من الملوك الأربعة الذين ملكوا الأرض بجميع جهاتها وأطرافها.

ومهما كان بُعد الإنسان عن الله تبارك وتعالى لا ينبغي أبدًا أن يحول ذلك بينه وبين الدعاء، لأن الشيطان أحيانًا (ولدي عمرو) قد يأتي فيقول: أنت إنسان غير مستقيم فيكف تدعو الله تعالى؟ .. هذا من عمل الشيطان؛ لأنه يريد أن يصرفك عن الدعاء؛ لأنه يعلم أن الله تبارك وتعالى لا يرد الدعاء ما دام الدعاء ليس بإثم ولا بقطيعة رحم، وما دام قد توافرت فيه شروط الإجابة.

فعليك (ولدي) إذا ما أردت أمرًا من أمور الدنيا أو الآخرة أن تتوضأ وتصلي ركعتين، وتجتهد في التركيز عليهما، وفي الخشوع، وفي الطمأنينة فيهما، ثم تسأل الله تبارك وتعالى حاجتك، فإن الله وعدك أن يستجيب لك.

كذلك أيضًا أن يتم ذلك بدون صلاة، فلا يلزم حقيقة الدعاء أن يكون في الصلاة، وإنما المهم أن يكون كما ذكرت مستوفيًا لشروط إجابة الدعاء.

أما عن القصص فهي كثيرة جدًّا، ولعلك سمعت قصة أيوب عليه السلام عندما قال: {رب إني مسَّني الضر وأنت أرحم الراحمين} فقال الله تبارك وتعالى: {فاستجبنا له}، ولعلك قرأت قصة زكريا عليه السلام عندما قال: {فهب لي من لدنك وليًّا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربِّ رضيًا} فاستجاب الله تبارك وتعالى له، وأكرمه بقوله: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سَميًّا}.

ولعلك أيضًا سمعت قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنا دعوة أبي إبراهيم) لأن إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام عندما دعوا الله تبارك وتعالى في مكة قالا: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم} فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- .

والأمر ذلك واقع وأكثر من أن يُذكر أو أن يُحصر، وهو في القرآن الكريم، والقرآن كله مليء بمثل هذه المواقف، وكذلك سنة النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ولعلك تعلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة بدر كان من أعظم الأسلحة التي استعملها سلاح الدعاء، كما قال الله تبارك وتعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم}.

فثق وتأكد من أنك إذا دعوتَ الله تبارك وتعالى بإخلاص وصدق ويقين وحسن ظن بالله أن يُعطيك الله ما سألت، شريطة أن يكون مشروعًا.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر samar

    السلام عليكم
    بجد كم يغير في اجاباتكم عن أسئلة لها علاقه بالدعاء بعدما اكون غارقه في بحار الياس ، وكم هو راقي حقا اسلوب حضرتك في الاجابه بارك الله فيك فاجابتك تكون حقا تدفعني قويا

  • السعودية اسلام حسين

    جزاك الله خيرا

  • أمريكا Safia

    جزاك الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً