الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس قتلني والشيطان لا يريد تركي من التمتع بالتزامي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأختصر معاناتي حتى لا أطيل على حضراتكم، بعد الدعاء لكم ببركة من الرحمن، والتوفيق بما فيه خير الإسلام والمسلمين.

أنا امرأة في الأربعين من عمري، متزوجة ولدي أطفال، كنت غير ملتزمة بتعاليم الإسلام من حجاب وحشمة، وغير محافظة على الصلوات، لكن -بفضل من الله الرحمن الرحيم- اهتديت إلى الطريق، والتزمت بالصلوات في أوقاتها، وانتهيت عن كل ما ينهى عنه الإسلام –والحمد لله والشكر-، كان حلمي أن ألتزم بالصلاة، وكنت أعاني معاناة نفسية، وكان هناك شيء خفي يمنعني، ولكن فضل الله ورحمته غمرتني وأنا الآن ملتزمة.

لكن هناك شيء استجد بعد التزامي بستة أشهر، ألا وهو الوسواس القوي، هناك وساوس قوية لم أعهدها تحاول زلزلة إيماني واعتقادي، وتؤثر على التزامي، ولكني أقاوم بكل ما أوتيت من قوة، لا أعلم هل سأستمر بالمقاومة أم لا؟ علما أني أعيش في دولة غربية، ولا يوجد مسجد أو شيخ قريب مني، أرجوكم أرشدوني إلى شيء يخلصني من هذا الوسواس، ويعيد إلي قوة إيماني.

وبارك الله فيكم، وجزاكم عنا خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات، ونبشرك بأن الوساوس لا تأتي إلا من قصدت الطريق المستقيم، فالشيطان لا يقف في طريق السكارى أو الحيارى، لأنه تعهّد وقال: {لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم}، فهو لا يقف إلا في طريق الطائعين، ولكن نبشرك أن هذا العدو حقير، وأن كيده ضعيف، وأننا أُمرنا بعداوته وبمخالفته، وعلاج الوساوس في مخالفة هذا الشيطان.

ورغم أنه لم يتضح لنا نوع الوساوس، إلا أننا نؤكد أن الوساوس قد تكون في أمور العقيدة، وأمور الدين والتشكيك في رب العالمين، وهذا ما شكاه بعض الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (يجد أحدنا الأمر في نفسه لزوال السموات أحب من أن يتفوه به) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أوجدتموه؟! ذاك صريح الإيمان) لأن هذا الإنكار وهذا النفور هذا الذي دفعك للكتابة إلينا من الضيق دليل على أنك كارهة، وهذا دليل على الإيمان.

التوجيه الثاني من النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة)، يعني لم يستطع الشيطان أن يفعل شيئًا إلا أن يوسوس بكلام، أو يشوش على الطائعين، فالحمد لله الذي ردَّ كيد الشيطان عندك إلى الوسوسة.

الأمر الثالث: وجهنا النبي - صلى الله عليه وسلم – إليه بأنه إذا وجد أحدنا مثل تلك الوساوس، الأمور السيئة التي لا يطيق الكلام بها، أن يقول (آمنت بالله) ثم ينتهي، أن يتعوذ بالله تبارك وتعالى من الشيطان، وهذه وصفات نبوية يتخلص بها من الوساوس العقدية ووساوس التشكيك التي يأتي بها الشيطان، يُشككنا ويزعزع قناعاتنا في أصول إيماننا.

أما إذا كانت الوساوس في الصلاة فإننا نُجبر خلل الصلاة بسجود للسهو، نجتهد في أن نطمئن وأن نخشع، وأن نستحضر عظمة من نقف بين يديه، وبعد ذلك في ختام الصلاة هناك سجود للسهو، إذا حدث في الصلاة نقص أو زيادة أو شك، وهذا السجود مما يغيظ الشيطان، لأنه يعتزل ويبكي ويقول: (أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فلم أسجد فلي النار) وكأن الشريعة تقول لعدونا (افعل ما شئت بالمصلي، لكن هذا المصلي سيرغم أنفك بالسجود لله رب العالمين سبحانه وتعالى).

وقد يكون هذا السهو أو هذا التشكيك والوسوسة في أمر الطهارة، فعند ذلك لا بد أن نعاند الشيطان ونخالفه ولا نطاوع هذا العدو، وإنما يمضي الإنسان ويخالف هذا العدو، فإننا إذا خالفناه ويقول: (أنت لم تغسلي الرجل، وأنت تشاهدين أثر غسل الرجل)، فلا تطاوعيه ولا تُعيدي الوضوء، ولكن تمضين إلى صلاتك.

قد يصلي الإنسان ويقول الشيطان (هذه غير مقبولة)، نقول (سيقبلها الله) ولا نحاول إعادة الصلاة، لأنه يريد أن نصل للملل بإعادة الصلاة، أو بإعادة الطهارة حتى يتعب الإنسان نفسيًا وبدنيًا فيترك الصلاة.

ولذلك علاج الوساوس هنا بمخالفتها، وبمعاندة هذا العدو، والعداوة للشيطان لا تتحقق إلا بمخالفة أمره، فإذا أمرنا بأمر فعلينا أن نفعل عكس ما يأمرنا به، فنحن نطيع ربنا تبارك وتعالى.

نشكر لك هذا التواصل، ونتمنى أن يحصل ويستمر هذا التواصل، وأن يأتينا مزيد من التوضيح حتى نستطيع أن نتعاون جميعًا في التخلص من هذا الأمر، ونؤكد لك أنك -ولله الحمدُ- على خير، والدليل هو هذا الثبات، هو هذا الضيق من وساوس الشيطان، هو هذا الضيق من مظاهر الانتقاص التي يحاول الشيطان الوصول إليها، ولكن هيهات وهيهات، فالله تبارك وتعالى يعلمنا أن نستعيذ في صباحنا ومساءنا، وأن نحافظ على أذكارنا، وأن نشتغل بما يُرضي ربنا، ونتلوَ كتابه، والبيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة بيت لا يدخله الشيطان، فعمري بيتك بالذكر والإنابة والسجود والتلاوة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً