الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الرهاب الاجتماعي سببه مشكلة عضوية أم نفسية؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 22 سنة, أعاني من بعض أعراض الرهاب في بعض المواقف, مثل التحدث أمام الجمهور, والانتظار لإلقاء كلمة معينة, وكذلك التوتر من بعض الأشخاص, وهذا الأمر بدأ معي قبل 4 سنوات تقريبا.

بحثت في الإنترنت عن سبب هذه المشكلة, وكيف يمكن علاجها, وقرأت عن دواء (الاندرال) وجربت (اندرال 10) عند المواقف التي ذكرتها, وفعلا كانت نتيجة مذهلة، والغريب أن هذا الدواء يعالج فقط نبضات القلب الزائدة, وينظمها ولا علاقة له بالعقل, والأمراض النفسية.

سؤالي هنا: هل هذا الرهاب سببه مشكلة عضوية (القلب) أم هو بالأساس مشكلة نفسية؟ وإذا كان السبب عضويا فهل هناك طريقة للعلاج؟ أو هل هناك رياضة معينة لتقوية القلب, وتنظيم ضرباته, دون الحاجة لأخذ الاندرال عند كل موقف؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الرهاب ليس مرضًا عضويًا، إنما هو حالة نفسية مكتسبة ومتعلمة، غالبًا تكون ناتجة من تعرض الإنسان لموقف ما كان فيه شيء من التخويف، الذي تمركز وتشفّر في نفس الإنسان، وليس من الضروري أبدًا أن يكون الموقف السابق موقفًا صعبًا أو مريعًا، في بعض الأحيان حتى المواقف البسيطة التي يخفق فيها الإنسان اجتماعيًا قد تؤدي إلى ظهور الرهاب الاجتماعي خاصة إذا كان الإنسان لديه استعداد.

الرهاب إذن ليس عضويًا، لكن من المتفق عليه أيضًا أنه تحدث تغيرات في كيمياء الدماغ، هنالك مواد تعرف بالموصلات العصبية، يأتي على رأسها مادة تسمى بـ (سيروتونين)، هذه المادة لا يمكن قياسها في أثناء الحياة، لكن من خلال إفرازاتها الثانوية وبعد الموت تم تحليل أدمغة الذين كانوا يعانون من الرهاب، واتضح أن هذه المادة تلعب دورًا كبيرًا في تسبيب هذه الحالة.

الرهاب الاجتماعي ليس له علاقة أبدًا بالقلق أو مرض القلب، إنما الذي يحدث هو أن الإنسان حين يتعرض لموقف فيه مواجهة - حتى ولو كان موقفًا عاديًا - لا بد أن يستعدَّ الجسم استعدادًا فسيولوجيًا ونفسيًا كاملاً، والمثال الذي نقوله دائمًا هو أن الإنسان إذا واجه الأسد إما أن يقاتله وإما أن يهرب، وفي تلك الحالتين لن يكون للإنسان أي طاقات أو استعداد إلا بعد أن يُفرز الأدرينالين، وهذه عملية فسيولوجية بحتة.

إفراز الأدرينالين يؤدي إلى تسارع في ضربات القلب، وحين يتسارع ضربات القلب يتم ضخ الدم بكميات كبيرة للجسم، وضخ الدم هذا على وجه الخصوص يتمركز في العضلات التي تحتاج لكميات أكبر من الأكسجين حتى تؤدي فعاليتها إما بهدف القتال أو الهروب.

إذًا أيها الفاضل الكريم: العملية عملية فسيولوجية وبسيطة جدًّا، والإندرال حين يُخفض من هذه المادة (الأدرينالين) يعني أنه قد خفض من ضربات القلب وجعلها في حدود المعقول، وحين يتوقف تسارع القلب وقوة نبضه يحس الإنسان بالارتياح، فليس هنالك مشكلة في القلب، ليس هنالك شيء يقوي القلب.

ومن الأشياء التي لوحظ أنها مفيدة: تمارين الاسترخاء، الإنسان الذي يُطبق تمارين الاسترخاء هنا يعطي فرصة كبيرة للعضلات أن تسترخي، وحتى في مواقف المواجهات لا تكون حاجتها كبيرة للدم أو الأكسجين، مما يجعل القلب في حالة سكون نسبي، ولا يحتاج للعمل بقوة أو تسارع.

موقعنا لديه استشارة تحت رقم: (2136015) أرجو الرجوع إليها والاستفادة من تفاصيلها وتطبيقها.

أما الرياضة فجميع أنواع الرياضات مفيدة، لكن في طريقتك قد تكون ممارسة كرة القدم وكرة السلة أكثر فائدة، لأنهما يجمعان الفعالية الرياضية، وفي ذات الوقت تعطيك الفرصة للتواصل الاجتماعي المريح والمفيد, والذي يساعد كثيرًا في علاج الخوف والرهاب الاجتماعي.

وبالمناسبة أقول لك إن أفضل علاج للرهاب الاجتماعي دائمًا هو المواجهة، المواجهة من خلال ممارسة الرياضة كما ذكرنا، زيارة الأهل، التفاعل الأسري، مشاركة الناس في مناسباتهم، الحرص على صلاة الجماعة في الصف الأول، الذهاب إلى حِلق القرآن، حضور المحاضرات والندوات، وأن يكون الإنسان في الصفوف الأمامية، وأن يطور مهاراته التواصلية من خلال النظر في وجوه الناس حين يحييهم، ولا بد أن تكون تحيته تحية الإسلام، وبقوة، ويتذكر الإنسان أن تبسمه في وجه أخيه صدقة.

هذا هو العلاج الأمثل لأي خوف أو رهاب اجتماعي، والإنسان لا بد أن يعتمد على التفكر والتأمل والتدبر أيها الفاضل الكريم، التدبر في كل شيء، والتأمل في كل شيء، لا نقبل الفكر السلبي دون مناقشة، نحاور أنفسنا فيما هو مفيد، ويجب أن يتخذ الإنسان موقفًا توحيدًا عظيمًا، وهو أن الأمر كله بيد الله، أوله وآخره، صغيره وكبيره، وفي ذات الوقت نستفيد بما كرمنا الله تعالى به من خبايا وطاقات نفسية ظاهرة وباطنة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً