الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا مرضع ومصابة بالوساوس القهرية، فهل هناك علاج يناسب وضعي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 24 سنة، متزوجة منذ سبع سنوات، وعندي طفلان، ولا أعاني من أمراض عضوية، ولا أتناول إلا دواء لمنع الحمل الخاص بالرضاعة.

لكني أعاني من وسواس قهري منذ حوالي 4 سنوات، فأنا أوسوس وأخاف جدا من فيروسات الدم، وخاصة فيروس سي، وذلك بسبب إصابة عمين لي بهذا المرض، فأصبحت أخاف من الناس من أن يكونوا مصابين به، وخصوصا أن المرض متفشي في مصر، ووصل الأمر بي إلى أنني أراقب وجوه الناس وأيديهم بحثا عن الجروح حتى أعقم ملابسي أو ما لمسوه.

أصبحت انطوائية وقلقة، وأطرافي باردة معظم الوقت، ولي طفلين أخاف عليهم من أن يلمسوا أي سطح خوفا من العدوى، وأنظف بيتي بالمعقمات، وأكثر من غسل يدي، لدرجة أن الصابون أصابهما بالجفاف، وأصبحت يدي تؤلمني.

لقد زادت حدة الوسواس منذ 3 سنوات، وزوجي لم يساعدني وقتها، ونشبت بيننا مشاكل بالرغم من أنني لم أكن أسيء إليه، فزادت الحالة تدهورا بسوء معاملته لي، ولكثرة صياحه في وجهي، وتطور الأمر للضرب، فذهبت لأهلي، وعزمت على الطلاق، وحدث، وبعدها تحسنت حالتي بمجرد بعدي عنه، لأنه كان يشكل ضغطا كبيرا علي، وينعتني بالجنون، فأنا بالرغم من هذه الوساوس، إلا أنني ذكية ودقيقة الملاحظة، ولست بمجنونة.

رجعت إليه بعد سكون حالتي، وأنا الآن عندي طفل رضيع ثان، وزوجي رافض ذهابي لطبيبة نفسية، وأخاف من أن يستغل ذهابي للطبيبة فيعود لمعايرتي.

الآن كل خوفي من الدماء، فلو رأيت خدشا في يد بائع الخضار أو البائع في السوبر ماركت فإني لا أشتري منه، وأظل أفكر هل هو مريض بالفيروس أم لا؟ وعندما يمر موقف يأتي غيره يخيفني وهكذا، حتى أصبحت طول اليوم في خوف من العدوى بالفيروس، وأصبحت أعاني من رهاب وخوف من المستشفيات، لأن بها مرضى قد يحملون الفيروس.

لقد كنت قبل زواجي وفي بدايات زواجي أعاني من وسواس الطهارة والوضوء، ووساوس في العقيدة، ولكن الله شفاني منها، لذلك فأنا شخصية أتقلب في أنواع الوساوس، مع العلم أنني أحاول أن ألتزم بديني، وأعتبر نفسي منضبطة أخلاقيا، ولكن هذا الوسواس مشكلتي التي تمنعني من كل شيء.

للعلم: فقد أخذت أدوية هرمونية لتحفيز التبويض، لأني مصابة بتكيس في المبايض، والآن لا آخذ سوى مانع للحمل ملائم لفترة الرضاعة، فأرجو إعطائي إرشادات تعينني على التخلص من الوساوس، ودواء يناسب فترة الرضاعة.

جزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من الواضح بالفعل أنك تعانين من المخاوف الوسواسية، وهذا النوع من الوسواس مزعج، خاصة إذا كان يتعلق بمرض منتشر في البلد، ولكن هذه الحالات أيضا سهلة العلاج، إذا أخضعت تفكيرك لهذا لشيء من المنطق، وحرصت على ذلك وقاومت الوساوس أعتقد أنك ستستفيدين كثيرا، إضافة إلى ذلك تناول الدواء.

من المؤكد أن فيروس سي لا ينقل بالطرق التي تحدثت عنها، فهناك مبالغة في ذلك، ولذا لا تلتفتي لهذا الوسواس وحقريه، واحذري أن تعيشي حياة معقمة، وتنظيف البيت بالمعقمات وتغسيل الأيادي، الحرص الشديد على الأطفال في النظافة هذا ليس صحيحا، وأنا أود أن ألفت نظرك لشيء مهم، وهو أن الشخص إذا كان يعاني من الوساوس العملية، أو ما يسمى بالوساوس الطقوسية؛ فهذا يسبب إزعاجا شديدا لمن يعيش معه.

حقيقة أود أن أنصحك وأقول لك: أن زوجك سيكون منزعجا مهما كانت طيبته ومودته لك، ولكن من الصعب أن يعيش إنسان مع آخر يعاني من وساوس الأفعال، وهذا الكلام ليس تخويفا ولا تهديدا، ولكنه يجب أن يكون حافزا لك، لتعالجي هذه الوساوس فعلا، وعليك بتحقير الفكرة، وأن تطبقي خطوات عملية فيما يخص النظافة.

جربي وضع يديك في سلة الأوساخ، ودعي يديك لمدة دقيقتين وحركيها بين الأوساخ ثم أخرجيها، واجلسي لمدة دقيقتين، قطعا ستكونين في حالة خوف شديد، بعد ذلك ضعي ماء في كوب ولا تزيديه أبداً، وقومي بغسل يديك عدة مرات، ولا تغسلي أبداً من ماء الصنبور، فهذا التمرين إذا طبقته مرتين في العام، مع تنويع مصدر الأوساخ، أعتقد أنك ستستفيدين كثيرا، وإذا تحدثت في هذا الأمر مع زوجك؛ أعتقد أن ذلك سيعينك ويشجعك لدرجة أنه يمكن أن يمسك بيديك ويضعها في سلة الأوساخ، وهذا جربناه مع كثير من الأزواج وكان ناجحا جدا، لأن الوساوس لحدتها تمنع صاحبها من التطبيق، ولكن الإنسان حين يجد من يحفزه ويكون مثالا له، يعني حين يضع زوجك الكريم يده في سلة الأوساخ، ويقوم بمسك يديك فهذا سيحفزك كثيرا.

الأدوية مهمة جدا، وبما أنك مرضع، فعقار مودابكس والذي يسمى سيرتلاين سيكون مناسبا جدا، ولكن تحدثي مع زوجك حول هذا الأمر، وأنا متأكد أنه لن يتردد أبداً، وجرعة المودابكس تبدأ بحبة واحدة ليلا، تتناوليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبيتين ليلا لمدة 3 أشهر، ثم حبة واحدة ليلا لمدة 4 أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن الدواء.

الدواء فاعل جدا، وهو من أسلم الأدوية في الرضاعة، بشرط أن يكون عمر الطفل أكثر من 4 أشهر، وإذا كان أقل من ذلك فلا تستعملي الدواء، ويفضل أيضا أن تشطفي اللبن الذي يتكون بعد 8 ساعات من تناول الدواء، ثم أرضعي الطفل بقية الحليب.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً