الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الاكتئاب الحاد وآثاره المترتبة، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الاكتئاب الحاد منذ10 سنوات وله أعراض كثيرة منها الوساوس والشكوك والقلق والتوتر والأفكار السلبية والضيق وتعكر المزاج والعيش كأنني في حلم، وكأنني شخص آخر، واضطرابات في النوم.

كذلك ضعف القدرات العقلية، مثل التركيز والذاكرة والاستيعاب والفهم السريع والذكاء, والانعزال التام عن الناس والمجتمع وضعف العلاقات مع الناس، والأصدقاء وعدم الشعور بأي شيء مثل الفرح والحزن، وعدم الشعور بالمتعة في الحياة بكل ما فيها.

أيضاً عدم القيام بأداء الصلاة لاختفاء الشعور بالخشوع لله سبحانه وتعالى، بسبب المرض, والشعور بالتعب والإرهاق بسرعة عندما أبذل جهداً، والشعور بالكسل والخمول وعدم الرغبة في ممارسة أي شيء في الحياة.

جاء المرض على شكل صدمة مرتين، الأولى قبل 10 سنوات، والثانية قبل 3سنوات تقريباً, الصدمة الأولى عندما شاهدت الكدمات على وجه شخص حصل خلاف بيني وبينه، وتمت المشاجرة بيننا.

الصدمة الثانية عندما رميت قارورة زجاج من السطح على سقف محل أسفل البيت حيث سمعت صوتاً قوياً، عندما اصطدمت القارورة بالسقف وتأثرت بالصوت، وجاءني المرض للمرة الثانية، حيث أن الدماغ أو القدرات العقلية تأثرت والنفسية تأثرت وحصل ضيق وتغير في التنفس، وحصل تغير في النظر والسمع حيث لا أستطيع التقاط ما أسمعه بسرعة، ومن أول مرة! وأرى العالم حولي وكأنني في حلم أو كأنني أرى ضبابا.

حاليا أستخدم الأدوية التالية:
أبيليفاي 15ملجرام -نصف حبة في اليوم- (غالي الثمن)، وحبة لمدة 8 أشهر ثم نصف حبة لمدة 4 أشهر، ولمدة سنة حتى الآن.

سيبرالكس10ملجرام -نصف حبة في اليوم-، حبة لمدة8 أشهر، ثم نصف حبة لمدة4 أشهر، لمدة سنة حتى الآن، وميرتازابين 30 ملجرام -حبة في اليوم- لمدة شهر وأسبوع حتى الآن.

لاميكتال25 ملجرام -حبتان في اليوم- من تاريخ 1 ذي الحجة، مع أبيليفاي، والحمد لله، قلت الوساوس والأفكار السلبية بكثير.

مع سيبرالكس قل القلق والتوتر والوساوس، والتفكير والوسوسة لأمور تافهة لا تستحق التفكير، ومع ميرتازابين ساعد في تقليل الوساوس والاكتئاب والتركيز بشكل قليل، ومع لاميكتال تحسن بسيط في المزاج.

بشكل عام أعاني حتى الآن من اختفاء الشعور بمتعة الحياة، وقد واجهت صعوبة كبيرة في الدراسة، ولكنني لم أيأس، ولله الحمد، فقد أكملت دراستي الجامعية بفضل الله، ثم بفضل الأدوية التي استخدمتها، وحالياً أبحث عن عمل في مجال الهندسة، وأعلم بأن العمل يحتاج في البداية إلى اجتهاد وتركيز، وأنا أعاني من ناحية الاجتهاد والتركيز.

ما تشخيصكم لهذه الحالة؟ وما هو الحل المناسب أو العلاج المناسب لهذه الحالة؟ وإذا كانت الحالة اختلال الأنية فما هو أفضل علاج لها؟ وبماذا تنصحونني بشكل عام؟

أتمنى منكم جواباً شاملاً، لكل شيء يتعلق بهذه الحالة، ولكم خالص الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تاريخك الطويل مع المرض لمدة عشر سنوات لا شك أنه قد أتاح لك الفرصة؛ لأن تمتلك المعلومات الكاملة عن حالتك من حيث أعراضها وتشخيصها، وما يزيدها وما يجعلك ترتاح منها في بعض الأحيان.

أخِي الكريم: قطعًا لديك أعراض اكتئابية، فإذًا الاكتئاب النفسي مكوّن رئيسي في جملة أعراضك، فالإبليفاي يعطى أحيانًا لعلاج الاكتئاب النفسي المقاوم، لكنه يعرف أنه دواء يستعمل في الحالات الذهانية، كما أنه مثبت جدًّا للمزاج.

عمومًا متابعتك مع طبيبك أعتقد أنها ستكون الأساس الرئيسي لتقدم حالتك -إن شاء الله تعالى-، وأنت تتناول دواءين أساسيين من الأدوية المضادة للاكتئاب، وهما السبرالكس والميرتازبين، وقطعًا نحن في الطب النفسي نفضل أن يتم تناول دواء واحد من كل مجموعة، لكن في بعض الحالات قد يتطلب الأمر تناول أدوية متعددة، لذا هذا الأمر يُترك تمامًا لطبيبك.

هنالك كلمة أو جملة استوقفتني وردتْ في رسالتك، وهي عدم الشعور بالمتعة في الحياة: لا شك أن هذا عرض اكتئابي أصيل، وفي بعض الأحيان الأدوية المضادة للاكتئاب قد تحسن من مزاجك لكن لا تُشعرك بأنك بدأت تستمتع بالحياة.

الآن يوجد دواء يسمى (فالدوكسان) بعض التقارير وتجارب بعض الزملاء مع هذا الدواء تشير إلى أنه ربما ينقل الإنسان من حالة الاستقرار النفسي إلى حالة الشعور بالإشباع والرضا، وهذه تشعر الإنسان بالمتعة في الحياة.

أخِي الكريم: يمكن أن تشاور طبيبك حول إضافة الفالدوكسان، لكن طبعًا إذا أضيف لا بد أن يتم التوقف عن أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، إما السبرالكس أو الميرتازبين، وإن كان السبرالكس دواء فاعلاً جدًّا لعلاج الوساوس والمخاوف.

عمومًا: وددت أن أقدم لك هذا الاقتراح، لكن القرار النهائي سوف يكون لدى طبيبك، وأنا قطعًا سعيد أن أسمع عن إنجازاتك العلمية الهائلة والرائعة، وأسأل الله تعالى أن يوفقك في وجود عمل، والعمل لا شك أنه ضروري جدًّا؛ لأنه يطور مهارات الإنسان، ويعتبر من أفضل وأحسن الوسائل التأهيلية المتاحة لعلاج الاكتئاب والشعور بالإجهاد وضعف التركيز.

أخِي الكريم: اجتهد في هذا السياق، ونسأل الله تعالى أن يرزقك الوظيفة المناسبة.

أرجع مرة أخرى للشعور بالإجهاد وفقدان التركيز وعدم الاستمتاع بالحياة: هي بالفعل أعراض مثبطة، لكن من خلال التفكير الإيجابي والإصرار على الإنجازات من خلال الأفعال وليس من خلال المشاعر فقط، هنا يستطيع الإنسان أن يدخل نفسه إلى مزاج آخر، والرياضة تعتبر قيمة عظيمة وعظيمة جدًّا، أشارت لها بحوث كثيرة جدًّا، فأرجو أن تجعل لنفسك نصيبًا في الرياضة.

كن أيضًا من الحريصين على التواصل الاجتماعي كما ذكرنا، احرص على الصلاة مع الجماعة، والرياضة تفضل أن تكون جماعية، هذا أفضل كثيرًا.

بالنسبة لموضوع اضطراب الأنية أو اختلال الأنية، أو الشعور بالذات من مسافة بعيدة: هذا نوع من القلق، وأعتقد أن ما تتناوله من أدوية إذا أضفت إليه تمارين الاسترخاء وممارسة الرياضة بصورة ممتازة، ولجأت لمنهج التجاهل لهذا العرض أعتقد أنه سوف يزول عنك تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس H

    اتمنى له الشفاء العاجل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً