الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالتي النفسية ليست مستقرة مع العلاج الحالي، مما جعلني أزيد في كميته

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا فتاة أصبت قبل خمس سنوات باضطراب وجداني ثنائي القطب، وأخذت علاجاً، عبارة عن (رزبريادون) تركيزه 4 مليجرام، حبة في المساء، وإبرة تركيزها (37) كل أسبوعين، وما زلت مستمرة عليه، ولكن خلال فترة العلاج حاولت الانتحار أكثر من عشر مرات.

أحياناً أشعر بفرح وانشراح، وأحياناً أخرى أشعر بحزن شديد، -وهذا الغالب- ودائماً عند النوم تأتيني الذكريات السيئة، وما مررت به في حياتي، ولا أستطيع النوم، فأصبحت آخذ من علاجي جرعة زائدة لكي أرتاح، وصرت قلقة ومتوترة وكثيرة الحركة، وأعاني من نوبات اكتئاب، وأحب العزلة والانطواء، فكرهت المجتمع والاحتكاك بالناس.

سؤالي: هل أغير علاجي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ر ص م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أريد أن أنصحك وأن أساندك وأحذرك في نفس الوقت، حيال تناول جرعات زائدة من الأدوية، والتي قد تأتي تحت نطاق محاولات الانتحار، أو محاولات شد الانتباه، أو محاولة الخروج من وضع نفسي، يكون الإنسان وجد نفسه فيه محاصرًا ومغلقًا عليه.

أرجو أن تأخذي نصيحتي وتحذيري ومساندتي لك بجدية، هذا الأمر خطير جدًّا، وحتى إن كنت لا تريدين أخذ حياتك عنوة عن طريق الانتحار، فالموت الخطأ قد يحدث، وقد شاهدتُ ذلك، شاهدتُ فتاة ممتازة من أسرة محترمة، بكل أسف تناولت ستة عشر حبة من (البنادول)، ومن وجهة نظري كانت تعتقد أن ذلك سيكون سببًا كافيًا للضغط على أهلها، لكن بكل أسف حدث لها فشل في الكبد وتُوفيت إلى رحمة مولاها.

فمنهجية تكرار محاولات الانتحار، حتى وإن لم تكن بقصد الموت، هو لعب بالنار، فأرجوك وأرجوك وأرجوك وأنصحك أن تأخذي كلماتي هذه بكل اعتبار، وعفا الله عمَّا سلف، وافتحي صفحة جديدة مع نفسك، الحياة طيبة وجميلة، وديننا العظيم كله رحمة وسعة لتحتوينا، تحتوي أفراحنا، وتبدل أحزاننا، وتطمئن نفوسنا، وبفضل من الله -تعالى- الطب النفسي يسير في تقدم كبير.

أنت الآن تتناولين عقار (ريسبيريدون Risperidone) في شكل إبرة كل أسبوعين، وكذلك حبوب بتركيز أربعة مليجرام، هذا علاج جيد وممتاز جداً، ولا أعتقد أنه يحتاج لتعديل، الشيء الذي استوقفني تمامًا هو أنك كثيرة الحركة ومتوترة، وهذا –أيتها الفاضلة الكريمة– ربما يكون ناتجاً من الدواء، هنالك ظاهرة تُسمى بالـ (إكاسيزيا akathisia) والتي ترجمتها هي (التململ الحركي) وأتفق معك أنها مزعجة، ومعسرة للمزاج، و-بكل أسف- كثيرًا من الأطباء لا يشخصونها.

أنا أعتقد أن هذا هو الذي سبب لك التململ وكثرة الحركة، وحتى عسر المزاج، لذا تواصلي مع طبيب، واذكري له ما ذكرناه لك، والعلاج بسيط جدًّا، وهو من خلال تناول دواء يعرف باسم (إندرال Inderal)، واسمه العلمي (بروبرانولول Propranolol)، لست محتاجة أبدًا لأن تضيفي أي أدوية أخرى، لكن أعتقد أن الـ (إندرال) ضروري جدًّا في حالتك، فأرجو أن تتواصلي مع طبيبك، وتذكري له ما ذكرناه لك من تفسير لكثرة الحركة هذه والتململ القلقي الذي تعانين منه.

الجانب الآخر هو: أن تغيري فكرك السلبي كما ذكرت لك، فالحياة طيبة وجميلة، ويجب ألا تستكيني للمرض، لا تعتبريه معطلاً، يجب أن تندفعي إلى الأمام، لا داعي للانطوائية، أنت صغيرة في السن، أنت أمامك فرصة عظيمة لتطوير مهاراتك، فرصة لاكتساب المعرفة، للتعليم، لحفظ القرآن، لممارسة الرياضة، هذه كلها وسائل علاجية توصلك -إن شاء الله تعالى- لغايات الارتياح وراحة البال، فأرجو أن تطبقي هذه الوسائل، ولا تعتمدي فقط على الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً