الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عشت طفولة منعزلة، فأصبحت شخصيتي مهزوزة، بما تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 30 سنة، ملتزمة دينياً، عندي عشرة أخوة وأنا الوسطى، مستواي العلمي جيد.

في طفولتي كنت أقضي وقتي بين البيت والمدرسة، كنت أحب العزلة كثيراً، لأستمتع بأحلام اليقظة، بقيت كذلك حتى دخلت الجامعة، لم أكن أتواصل كثيراً مع أخوتي، وكانوا يعتبرون تفكيري غير واقعي، وأحياناً يكون خارجا عن الموضوع بسبب عدم تركيزي معهم، فيسخرون مني مما كان يغضبني، فوصل الأمر أنني لم أعد أشاركهم الأحاديث ولا الجلسات.

ابتليت بالعادة السرية في الخامسة من عمري، ثم نسيتها لعدة سنوات، وعدت لممارستها في عمر الثالثة عشر، ولم أكن أعلم بحرمتها، ثم بدأت تظهرعندي أعراض كالرجفة في اليدين، وفي الصوت، وخفقان سريع بالقلب، ومع ذلك بقيت أجلس في الصفوف الأمامية بالقاعة الدراسية، وأتفاعل مع المحاضر، ثم ظهرت عندي رجفة ظاهرة حول الفم.

أنا الآن مدرسة علوم، وهذه الأعراض تضايقني لأن المدرسة تنظم ورش عمل وأنا مضطرة أن أتكلم أمام زملاء العمل، مما يجعلني أحياناً أتغيب عن الورش بسبب أعراض الارتباك والتوتر والرجفة التي تصيبني.

هذه الحالة تضعف ثقتي بنفسي كثيراً، وتمنعني من التطوير، واستلام مهام أكبر، وتشعرني أنني ليس لي الحق بالوجود في هذا المكان.

كنت أتهرب دائماً من موضوع الارتباط بشاب، مع ذلك خطبني شاب منذ حوالي ثلاث سنوات، وعند كل لقاء كان يلزمني نحو 30 دقيقة لأستطيع التحدث معه ومحاورته، لذلك انتهى كل شيء بيننا بعد سنة، وبرر ذلك أن شخصيتي ضعيفة ومملة.

أنا قنوعة جداً، أتقبل كل شيء حتى وضعي، وصرت أحاول التعايش معه، لكن على حساب تطوري المهني وطموحاتي، فحياتي باتت جامدة لا مستقبل لها.

زملائي في المدرسة يحبونني كثيراً لأنني خدومة جداً، ولم أتخاصم مع أحد، لكن لا أعلم إن كانت هذه الصفات ضعفاً مني أو صفات جيدة.

قرأت أن الدواء يمثل (30% ) من العلاج، قرأت عن ( seroxat )، وبدأت باستخدامه من فترة قصيرة.

سؤالي: هل سيعطي نتيجة في حالتي؟

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ iffat حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالة الرهاب الظرفي الذي تعانين منه ناتج من أن مقدراتك مرتفعة جدًّا، ولديك مهارات واضحة، وفي ذات الوقت تراقبين أدائك بدقة شديدة، عندما تكونين في أي نوع من المواجهة الاجتماعية، وذلك تحقيقًا لطموحك في أن يكون أدائك دائمًا متميزًا.

هذا الوضع أدى إلى تصادم نفسي بين ما هو واقع وبين ما هو مطلوب وبين ما تودينه أنت، وذلك حسب التكوين النفسي لك، بمعنى آخر: الظاهرة التي تعانين منه -وهي الرهاب الاجتماعي الظرفي، أو رهاب الأداء، هكذا أحب أن أسميه– هو نتاج طبيعي جدًّا لتطلعاتك وطموحاتك، ومحاولتك دائمًا أن تعكسي الصورة الإيجابية عن نفسك، وهذا طموح مستحق، لكن ثمنه هو عدم شعورك بالارتياح عند المواجهات.

وحدث لك أيضًا نوعًا ما نسميه: الارتباط الشرطي؛ بمعنى أن تجاربك ومواقفك البسيطة التي كنت عُرضة فيها لنوع من الإحباط، الذي نتج عن قناعتك، بأن أدائك لم يكن جيدًا من حيث متطلبات المواجهة الاجتماعية، هذه الأحداث البسيطة ضاعفت من مخاوفك.

الذي أود أن أقوله لك أنك -الحمد لله تعالى– مقتدرة، مهاراتك واضحة، مقدراتك ممتازة، ويجب أن يكون لك ثقة مطلقة في مقدراتك، وهذا يجب أن يستصحب بعدم مراقبة ذاتك، عند الأداء وعند المواجهات.

المراقبة المطلقة للذات تؤدي إلى تحفيز فسيولوجي ونفسي أكثر مما هو مطلوب، وهذا قد يُدخل الإنسان في عثرات من حيث أدائه.

ثانيًا: لا تتجنبي المواقف، اكثري من المواجهات، القاعدة السلوكية الرصينة تقول أن التعرض أو التعريض، مع منع الاستجابات السلبية، هو أفضل وسيلة سلوكية لعلاج الخوف والرهاب.

ثالثًا: يجب أن تصححي مفاهيمك، وذلك من خلال القناعة بأن أدائك أفضل مما تتصورين، وأن التغيرات الفسيولوجية التي تحدث لك من تسارع في ضربات القلب، وشعورك بالتلعثم هي مشاعر موجودة، لكن شعورك مبالغ فيه جدًّا، وهذه مشاعر داخلية، وخاصة بك، ولا أحد يطلع عليها، ولا تأخذي انطباع سلبي عنك، لأن الأمر السلبي، قد يؤدي إلى رباط شرطي جديد، مما يُدعّم المخاوف، فأرجو أن تتجاوزي هذه النقطة.

أسفتُ جدًّا لموضوع ممارسة العادة السرية، وهي قبيحة وأكثر قُبحًا حين تمارسها الفتيات، وسوف تضعين وتجعلين لنفسك الكوابح، وترتقين بنفسك في هذا الخصوص.

موضوع تواصلك مع الشاب الذي لم يقترن بك، ولم تستمر الخطوبة: أعتقد أن تواصلك ليس أمرًا محمودًا، قطعًا من الناحية الشرعية هو مرفوض، وحتى من الناحية النفسية والسلوكية والعرفية لا أراه أمرًا جيدًا وحكيمًا، سوف يُدخلك في تنازعات وجدانية، وسوف تملئين فراغاتك العاطفية بأمرٍ ليس فيه جدوى، لأن هذه العلاقة لم تُثمر عن زواج.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أقول لك أن (الباروكستين) دواء ممتاز ورائع جدًّا، فاحرصي على الالتزام به، وفائدته أكثر من ثلاثين بالمائة، فائدته العلاجية قد تصل إلى سبعين بالمائة، لكن يجب أن يُدعم بالممارسات السلوكية حتى لا تحدث انتكاسات بعد التوقف عن الدواء.

أتمنى أن تصل جرعة (الزويركسات) إلى أربعين مليجرامًا في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعليها عشرين مليجرامًا –أي حبة واحدة– يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم تتوقفين عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً