الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أجعل زواجي لمرضاة الله تعالى من البداية؟

السؤال

فضيلة الشيخ/ موافي عزب (حفظه الله)
السلام عليكم

يقول الله تعالي‏:‏ ‏{‏‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}‏‏.

أنا شاب مقبل على الزواج، إن شاء الله قريبا، ولكني كنت أمارس العادة السرية منذ عشر سنين، وسترني الله بحلمه ولم يفضحني طول هذه المدة، وأخاف أن يعاقبني الله في زواجي بسبب ذنوبي أسأل الله العافية، فكيف أتوب كما قال الله: (وتوبوا إلى الله) قبل ذكر أية النكاح؟

ثانيا: الزواج نعمة من نعم الله تعالى علينا عندما يقربنا من الله سبحانه وتعالى، ولكنه يكون نقمة وفتنة إذا أبعدنا عن الله تعالى، فكيف أجعل زواجي قربة وعملا صالحا أتقرب به إلى الله تعالى؟

ثالثا: قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف). رواه الترمذي، فكيف أكون صادقا في طلب العفاف، وأصحح نيتي؟ كما قال: (والناكح يريد العفاف) حتى يعينني الله تعالى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يبارك لك وعليك، وأن يمُنَّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يرزقك منها ذرية صالحة طيبة، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فبالنسبة لسؤالك الأول فاعلم أن الله تبارك وتعالى جل جلاله إذا تاب العبد إليه وأناب وكانت توبته توبة نصوحًا صادقة فإن الله تبارك وتعالى يغفر له ويتجاوز عن سيئاته، بل وقد يُبدِّل سيئاته حسنات، مهما كان حجم الذنوب والمعاصي، ومهما كان قدرها، لأن الله تبارك وتعالى فتح أمامنا أبواب التوبة في كلامه المنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم – ومن ذلك قوله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجاهلة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم} وقال أيضًا: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنَّ الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، وأمرنا بالتوبة قائلاً: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} وقال أيضًا سبحانه وتعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}.

كذلك في سورة الفرقان بيّن الله لنا أن الله تبارك وتعالى قد يُبدل سيئات العبد حسنات إذا تاب توبة نصوحًا صادقة فقال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يُبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيما}.

فاعلم أنك إذا تبت توبة نصوحًا بمعنى أنك توقفت عن الذنب حياء من الله، وأنك حزين على فعل هذه المعصية، وكيف أنك كنت تفعلها، ولم تتوقف عنها، كذلك أيضًا الندم على فعلها، وعقد العزم على عدم العود إليها، وأهم شيء أن تكون قد تركت الذنب ابتغاء مرضاة الله، فاعلم أن الله تبارك وتعالى سيغفر لك، ويتجاوز عن سيئاتك، وقد يبدل سيئاتك حسنات، ولن يعاقبك بإذنه تبارك وتعالى بعد أن تبت إليه توبة نصوحًا، لأنه القائل: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى}.

فيما يتعلق كيف تجعل زواجك قُربة إلى الله تبارك وتعالى: أقول لك أولاً باختيار زوجة صالحة، لأن هذا أول عامل من عوامل جعل الزواج عبادة.

الأمر الثاني: أن تكون مراسيم الزواج مراسم شرعية، بعيدة عن الأعراض والعادات والتقاليد التي تتعارض مع الشرع.

الأمر الثالث: أن يكون طعامك حلالاً، والذي تأكل منه وتُطعم منه زوجتك أن يكون حلالاً، وأن تكون نفقتك كلها التي تنفق على العرس وعلى غيره حلالاً.

الأمر الرابع: أن تلتزم سنة النبي - صلى الله عليه وسلم – في معاملتك لأهلك، سواء كان ذلك في العلاقة الخاصة أو في غير ذلك، تحرص على التزام السنة.

الأمر الأخير: أن تدعو الله تبارك وتعالى أن يتقبل منك، وأن يجعل عملك خالصًا لوجه الكريم، وأن يوفقك لإعانة زوجتك على طاعته سبحانه وتعالى، وإعانة زوجتك لك على طاعته أيضًا.

فيما يتعلق بقوله (ثلاث حق على الله عونهم) فتقول كيف أكون صادقًا في طلب العفاف وأصحح نيتي؟ أنت ما دمت تريد أن تعفّ نفسك عن الحرام فهذا يكفيك، لا تحتاج لأكثر من ذلك، أنك تتزوج ليس بقصد الشهوة وليس بقصد الرغبة (مثلاً) في شخصية معينة، وإنما أنت تتزوج بنية أن تُعان على غض بصرك وتحصين فرجك، طبعًا لا مانع أن تتزوج بقصد قضاء الوطر، ولكن أن يكون هدفك ألا تقع في معصية الله، وأن تتزوج امرأة تعينك على طاعة الله.

إذا أكرمك الله تبارك وتعالى بذلك فهذا يكفيك بالنسبة لتصحيح النية، ولذلك عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى (أولاً) أن يغفر لك، وأن يتوب عليك. وأن يمُنَّ عليك بزوجة صالحة، وأن يُصحح نيتك، بمعنى أن يجعل هدفك وغايتك إنما هو الزواج الذي يؤدي بك إلى رضوان الله والجنة، ووجود الذرية الصالحة التي تسبح بحمد الله تعالى، كما كانت دعوة أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والزوجة الصالحة والذرية الطيبة المباركة، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر Chaban mzala

    بارك الله فيكما السائل والشيخ الذي سئل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً