الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتصرف حيال مضايقة أهل زوجي لي، كيف أنسى ما فعلوه بي؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا متزوجة من شخص أجنبي مسلم منذ 4 سنوات، ولكن أهله ليسوا مسلمين، وللأسف كنت أسكن مع أم زوجي وأخيه وأبي زوجي، وكانوا لا يتركوننا لحظة واحدة في صحونا أو نومنا، وحاربوني نفسيا، ودينيا، ومع ذلك لم أكن أرد عليهم احتراما لزوجي، فكانوا يظنون بأني ضعيفة الشخصية، وبقيت على ذلك الحال صابرة 3 سنوات، حتى أصبحت بحالة نفسية سيئة، فحماتي كانت ترغب بتطليقنا، فكانت تضيق علينا، وتمنع زوجي من أن نسكن لوحدنا، كما أن ظروف زوجي المالية لا تسمح بذلك، ولم يكن لدي سوى خيارين: إما الطلاق، وإما الاستقرار في بيت، لأنني لم أعد قادرة على التحمل أكثر، فقد كانت تطعمني لحم الخنزير، وتضع الكحول في الطعام.

وأحمد الله أن زوجي لم يتركني، فقد انتقلنا إلى بيتنا منذ 4 أشهر، وأنا الآن حامل – الحمد لله -، ولكنني لا أستطيع أن أنسى ما فعلوه بي، فأنا متعبة نفسيا جدا مما أصابني منهم، وشعري بدأ يتساقط، وأصبح تفكيري مشتتا لدرجة أني أتكلم مع نفسي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ dana حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك حسن العرض لهذه المشكلة، ونشكر لك الصبر على أهل زوجك، ومحاولة التأثير عليهم، ونسأل الله أن يعوضك خيرًا، ونعتقد أنك كسبت الجولة -ولله الحمد-، وحُق لك أن تُكرمي هذا الزوج، وتجتهدي في طي تلك الصفحات، فإن الحديث عن أهله مهما كانوا من السوء -حتى لو كانوا غير مسلمين- يجرح مشاعر الزوج، ولذلك نتمنى نسيان ما حصل، والإحسان لهذا الزوج، وأيضًا محاولة تلطيف الجو مع أسرته، فإن الإنسان لا يكسب من العداء خيرًا.

وليس في مصلحتك -وأنت المسلمة، وأنت زوجة ابنهم- أن يستمر هذا التوتر، فاجعلي علاقته مع أهله في حدود معقولة، بحيث لا تتضرري، واعلمي أن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم خير من التي لا تخالط ولا تصبر.

ومخالطتك بأدب بعد أن أصبح لك بيتًا، بالاحترام وبالتقدير، ربما يكون له أثرًا، وأسعدني وأعجبني أن أهلك لا يعرفون هذه المشاكل، فالانطباع الجيد والمشاعر النبيلة مستمرة بين الأسرتين، وهذا ينبغي أن تحافظي عليه، فإنه من النجاح للمرأة أن تحصر مشاكلها في داخل بيتها، وألا تُدخل أهلها، وأن تُدرك أن قضيتها مع زوجها، فما دام الزوج أكرمك، واختار الذهاب معك، واختار هذا البيت رغم الصعوبات التي تواجهه.

وهنيئًا لك بهذا الحمل الذي في بطنك، ونسأل الله أن يعينك ويعين زوجك على تأسيس حياة إسلامية، وتربية أجيال مسلمة -بإذنِ الله تبارك وتعالى-.

وعليك أيضًا أن تحرصي على أن تنشئي الطفل على الإسلام وعلى الإيمان بالله العظيم -سبحانه وتعالى-.

وحقيقة نشكر لك هذا التواصل، ونعتقد أنك بحاجة إلى أن تتوجهي إلى الله، بحاجة إلى أن تواظبي على الذكر والشكر لله -تبارك وتعالى- الذي أعانك وسلَّمك ونجّاك وحفظ لك حياتك الأسرية المستقرة.

لا بد أن تعلمي أن العودة إلى الماضي ليس فيها مصلحة، فلا بكاء على اللبن المسكوب، ولا تندمي على السنوات التي مضت، واعلمي أن الشيطان هو الذي يجلب لك تلك المواقف السالبة، من أجل أن يُدخل عليك الأحزان، وهم هذا العدو أن يُحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئًا إلا -بإذنِ الله-.

ولا بد أن تعلمي أنك في مرحلة لا يصلح معها الخصام، لا يصلح فيها التوتر، لأن المرأة في أيام حملها لا بد أن تكون النفسيات مرتفعة، وبنفسية راضية، هذا معنى ينبغي أن تهتمي به، وتحرصي عليه غاية الحرص حتى تكون أيام الحمل تمر بسهولة، وحتى لا يتضرر هذا الطفل الذي في بطنك من هذا التوتر وهذه النفسيات المتدنية، وحاولي دائمًا ألا تناقشي زوجك حول ما حصل من أهله، فإنه لا ذنب له فيما حصل، بل هو أيضًا يعاني أكثر مما تعانيه، لأنه الآن بين خيارين: (بين زوجته وأهله)، ولكنه -ولله الحمد- اختار دينه، واختار زوجته، واختار هذا المنهج، فعاونيه، وتعاونوا جميعًا على أن ترغبوا أهله في الإسلام، أو على الأقل تعاملوهم معاملة تكفون بها شرهم وإساءتهم عنكم.

ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُديم عليكم النعم، وأن يُلهمك السداد والرشاد، فلا عودة إلى الوراء، ولا تقولي: (لو أني فعلتُ كذا كان كذا)، ولكن قولي: (قدّر الله وما شاء فعل)، وإذا ذكّرك الشيطان -كما قلنا- بالأيام الماضية فاعلمي أن المؤمن يجعل حزنه صبرًا، ويجعل فرحه شكرًا، كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وعجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له.

وحاولي دائمًا حتى في الزيارات القصيرة والعلاقات الرسمية إذا سمعت كلمة سيئة أن تتجنبيها، أو تردي بالتي هي أحسن، فإن الرد بالسيء إضافة شر إلى شر، وصبٌّ للزيت على النار، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والهداية.

أختنا الفاضلة: يمكنك الكتابة إلينا مرة أخرى إذا كان لديك المزيد من الأسئلة، أو استمر معك هذا الضيق.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً