الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من حالة اكتئاب شديد تجعلني أنفر من بيتي وزوجي وأولادي، فما هي نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا متزوجة منذ 7 سنوات، وعندي طفلان، قبل سنة سافرت إلى مدينة، وكان الأسبوع الأول فيها جميلا، ولكني في الأسبوع الثاني مرضت، وشعرت بحالة كتمة فظيعة لا أستطيع التنفس بسببها، وبدأت أبكي، ومن بعدها فقدت الشهية للطعام، ولم أعد أشعر بطعم الحياة، فذهبت لطبيبة نفسية، وشخصت حالتي بأنها قلق الانفصال والاكتئاب، وارتحت مع الأدوية التي أعطتني إياها، فقد أعطتني سيروكسات، ودلمات.

بعد سنة رجعت لمدينتي، وذهبت للدكتورة، فأوقفت العلاج، ولكن بعد فترة بسيطة رجعت لحالتي، وأصبحت عصبية جدا، أرغب بالبكاء، وأشعر بكتمه في الصدر، وأحس بوحدة رغم وجود أهلي وعائلتي وزوجي، ولكن الوحدة أتعبتني.

طموحاتي تبخرت، وأصبحت لا أتحمل بكاء أولادي وأصواتهم وحركتهم رغم تعلقي الشديد بهم وتعلقهم بي، ولا أتحمل الجلوس مع زوجي، وأريد الخروج من المنزل، ولو أن أقف في الشارع، ففي كل يوم أشعر بأن الجدران تنطبق علي، وأخاف أن أعود للأدوية، وأخاف من رجوع الاكتئاب لي.

أرجو إفادتي، وجزاك الله الجنة ونعيمها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مؤمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالذي حدث لك إذا وضعناه في النطاق العلمي، وحسب ما ذكرتْ لك الأخت الطبيبة النفسية، فإنه بالفعل نوع من (قلق الانفصال)، أو ما يمكن أن نسميه بـ (عدم القدرة على التكيف)، والذي أراه أنه في الأصل ربما تكون شخصيتك حساسة، ولديها قابلية لمثل هذه الانفعالات السلبية: (القلق، والتوتر، والمخاوف، وعسر المزاج)، فهي من السمات التي نشاهدها كثيرًا لدى الشخصيات الحساسة.

حالتك - أيتها الفاضلة الكريمة – لا تعتبريها حالة مرضية، إنما هي نوع من الظواهر النفسية التي نشاهدها هنا وهناك.

الذي أنصحك به هو:
أن تحاولي أن تتواءمي وتتكيفي مع وضعك، نعم أنت الآن في بيتك ومع زوجك وأولادك، ولكن لازال الخوف والقلق يطاردك، التكيف هنا أقصد به التكيف النفسي، وليس تكيفًا مع المكان، والتكيف النفسي يأتي من خلال القناعات الإيجابية، وألا تقبلي مشاعرك هذه، وأن تكوني فعّالة جدًّا؛ لأن الفعالية سوف تصرف انتباهك، والفعالية تكون من خلال حسن إدارة الوقت، وحسن إدارة الوقت يعني حسن إدارة الحياة.

قومي بالأنشطة والواجبات الأسرية، والمنزلية، والزوجية، وواجبات الأمومة على أحسن ما يكون، وأكثري من القراءة والاطلاع، وتواصلي مع أهلك، أكثري من الاستغفار والدعاء، وطبقي تمارين الاسترخاء فهي مفيدة ومفيدة جدًّا، مارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة.

وبالنسبة لتمارين الاسترخاء، يمكنك أن ترجعي لاستشارة موقعنا تحت الرقم (2136015).

وبالنسبة للعلاج الدوائي: فلا تنزعجي منه، أنا أتفق معك أن الإنسان لا يريد ولا يحب أن يكون مستعبدًا لهذه الأدوية، ولكنها جيدة وفاعلة إذا تم استعمالها بصورة راشدة ومتقنة وعلمية، وعلى ضوء ذلك أريدك أن تتناولي الزيروكسات مرة أخرى ولكن بصورة مختلفة جدًّا.

ابدئي بنصف حبة فقط - أي عشرة مليجرام – تناوليها يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة (عشرين مليجرامًا) يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين آخرين.

وهذه طريقة جيدة وبسيطة جدًّا، والعلاج الدوائي هنا لا يمثل الركيزة الأساسية للعلاج، ولكنه سوف يساعدك على الدخول في تفكير سلوكي إيجابي وتطبيق ما ذكرناه لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً