الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي متقلبة المزاج وفي الآونة الأخيرة أصبحت عدوانية!

السؤال

السلام عليكم

أود أن أشكركم على كل ما تقومون به، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أريد أن أطرح عليكم مشكلة خاصة بأختي، وسأحاول أن أجعلها مفصلة لكي تتضح لديكم الصورة.

أختي تبلغ من العمر 30 عاما، وهي امرأة متعلمة، وأكملت الماجستير، وناجحة في حياتها العملية بدرجة كبيرة، وتعتبر شخصيتها قوية في مجتمعنا.

تزوجت في عمر 28، والآن لديها طفلة صغيرة، وكانت تعاني من خوف المناطق المغلقة، وتصاب بحالة هلع شديدة، ولا تكاد تستطيع التنفس! فمثلا عندما تصعد طيارة أو حتى مصعدا كهربائيا غالبا ما تأتيها الحالة هذه، وفي سن 23سنة أقنعتها بوجوب مراجعة طبيب نفسي، ووصف لها دواء زولوفت، واستمرت عليه لمدة سنتين وتحسنت حالتها كثيرا، ثم توقفت عن العلاج.

في السنوات الأخيرة، وخصوصا بعد زواجها أصبحت مثيرة للمشاكل بشكل كبير، حيث إن لسانها حاد جدا، ومستفز في أبسط المواقف، وبدأت مشاكل مع زوجها، وحاولت احتواء الموضوع، فكل مرة تتصل بي وهي تبكي تشكو من زوجها، فأتعاطف جدا معها وأستفز، ولكن عندما أكلم زوجها ويشرح لي المواقف أشعر باقتناع أكثر بكلامه، لكوني أجده منطقيا، وتصرفات ممكنة من طرف أختي، بحكم أني أعرفها تماما.

هي متقلبة المزاج جدا، رغم طيبة قلبها الشديدة، فبينما تكون منشرحة ولطيفة للغاية لا يستغرق الأمر سوى دقائق حتى يتبدل كل شيء، وتوجه الإهانات على أبسط الأسباب، وتجرح كثيرا بالكلام، وعادة تهدأ بعد مدة وتعتذر وتبكي!

المشكلة أنه في الآونة الأخيرة أصبحت لا تطاق أبدا حتى تعاملها مع أبي وأمي وبقية أخواتي أصبحت عدائية، وتوجه الإهانات والكلام الجارح، وتعتبر الجميع ضدها، وما تلبث أن تبكي، وتعتذر وأحيانا لا تعتذر.

عندما نكون أمام أناس غرباء تكون في قمة اللطف واللباقة والاحترام، ولا أكاد أصدق أنها نفسها أختي التي في بيتنا، أحس أنها شخص آخر إذا وجد الغرباء، وأيضا فهي تعطي النصائح للآخرين من صديقاتها عندما يتلفظون على أهلهم، وتنهرهم عن فعل ذلك، وأنه واجب احترام الكبير، بينما هي تفعل عكس ذلك تماما!

إننا نعاني في عائلتنا منها، وننتظر اللحظة لكي تذهب لبيت زوجها عندما تأتي، لكننا نتألم عليها كثيرا، ونخاف على مستقبلها، فقد بدأت تخسر الكثير من الأصدقاء، وأصبح كلامها لامنطقي في غالب الأحيان، وتعتبر رأيها هو الصحيح، وأننا جميعا ضدها، وترى أبي وأمي ظالمين، رغم أنهم يبكون ليلا ونهارا عليها.

لم تعد تسمع لأحد سواي، كوننا قريبين من بعض منذ الصغر، لأنها تكبرني بسنة فقط، وأحيانا توجه لأمي كلمات قاسية، وتأتي بعد ساعات لتقبل قدميها وتبكي، وتعيد الكرة في اليوم التالي!

كما أنها تصرخ أحيانا على ابنتها التي تبلغ من العمر عاما واحدا، ثم تحتضنها وتقبلها.

الموضوع مؤرق لي جداً، فأنا أحبها كثيرا، وأخاف أن تهدم بيتها، وتخسر عائلتها، فمن سيتبقى لها في هذه الحياة؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر الفاضلة أختك، التي أسأل الله لها الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

لا شك أن أختك تتميز بميزات ممتازة كثيرة، كما ذكرت في بداية رسالتك، وظلت حياتها طيبة ومستقرة، إلا أنها بعد ذلك وخلال السنوات الأخيرة بدأت تظهر عليها بعض السلوكيات السلبية التي أضرت بصحتها النفسية، وكذلك بمن حولها.

الذي أستطيع أن أحدده في هذه المرحلة، ومن خلال المعلومات المتاحة هي: أنه غالبًا هذه السيدة الفاضلة لديها تقلب مزاجي مع بعض المشاعر الظنانية – أي الشكوك الظنانية – وهي تحاول أن تُسقط مشاعرها السلبية على الآخرين، خاصة ممن تعرف أنها تستطيع أن تسيطر عليهم وجدانيًا – وهم: الزوج، والوالدان، ومن هم أهلها، وحتى بنتها الصغيرة.

هذا نوع من الإسقاط، والإسقاط في مثل هذه الحالة قد يكون تعبيرًا حقيقيًا عن الاكتئاب النفسي المرتبط بتقلب المزاج، ووجود الشكوك الظنانية البسيطة التي لا أعتقد أنها وصلت لمرحلة الأفكار الاضطهادية البارونية المرضية.

قطعًا أعتقد أن أختك في حاجة للعلاج، وأعتقد أنها سوف تستفيد كثيرا جدًّا من جرعة بسيطة من مضادات الاكتئاب، مع مثبتات المزاج.

أخِي الكريم: هذا النوع من العلل نعتبره علة بيولوجية، بمعنى أن استعمال الأدوية يعتبر هو الركيزة الأساسية التي تؤدي إلى التعافي - إن شاء الله تعالى - .

طبعًا يصعب أن يُقال لأختك بأنها مريضة، وأعتقد أنه لا توجد حاجة بأن ننعتها بأنها مريضة، لكن إذا كان هناك أحد أفراد الأسرة مقربا لها - مثل شخصك الكريم – يمكن أن يتكلم معها بكل لطف ويشرح لها ما يحدث دون أن يجرح مشاعرها، أن يذكر لها (إنك مجهدة بعض الشيء، وأصبحتِ غير سعيدة، هذا نلاحظه من خلال نوعية المزاج الذي يظهر عليك في فترات متغايرة) وهكذا.

إذاً إقناعها لن يكون صعبًا - إن شاء الله تعالى – خاصة أن لديها تاريخا سابقا بأنها قد تعاطت مع العلاج النفسي، وقد استفادت منه كثيرًا.

هذا هو الذي أنصح به، وأسأل الله لها الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً