الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركتني الفتاة التي أحببتها فأصابني هم وضيق وكرب عظيم، فما الحل؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

باختصار شديد: كنت على علاقة حب مع فتاة، ونصحني صديقي بالابتعاد عنها لكي لا أقع في الحرام، فتركتها لوجه الله، ولكنها تكلمت بكلام أحزنني جدا جدا، وأحسست بالبكاء ولكني كتمته.

وبعد أسبوع -تقريبا- بدأت أشعر بأعراض غريبة جدا: أحسست بشدة الكرب والضيق، والرغبة في البكاء، وثقل وعدم توازن، وبدأت يدي اليسرى تتقوس وكأنها شلت، وبعد ذلك جاء دور القلب فبدأ نبض شديد جدا وبقوة -والله العظيم- أحس وكأنه يريد أن يخرج من صدري، وأتخدر مكاني مثل الميت.

وبعدها بدأت أحاسيس غريبة وكأني على وشك الموت، أموت في اليوم سبعين مرة، وأحس بإفرازات غريبة في الصدر.

مهما تكلمت أعتقد أن الأعراض التي أعاني منها لا يتسع الموقع لها، ولكن الحمد لله على كل حال.

ذهبت لطبيب نفسي وصرف لي (سيبرالكس) 10 و(دوجماتيل)، ولكني لم ألتزم بالجرعة فبدأت أول شهرين أشعر بتحسن قليل، وقررت ترك الدواء ظنا مني بأني شفيت؛ لأني بصراحة خفت من أعراضه الجانبية التي أسمع عنها، وعادت الأعراض ورجعت للسيبرالكس بعد شهر تقريبا، ولكن نفس الشيء تركت الدواء بعد شهر تقريبا؛ كون الذي يراني يجزم بأني شفيت ولكن لا يعلم ما الذي يحصل في القلب من عذاب!

بالرغم من أني نسيت تلك البنت، ولم أعد أفكر فيها مطلقا، ولكن الطامة الكبرى أن هذه الأعراض لم تختف أبدا.

أرجوكم ما هو تشخيص حالتي؟ وما هو الدواء المناسب؟ وهل سأشفى بإذن الله بدون أدوية؟ علما أن الخفقان، والحزن، يرافقني دوما.

ملاحظة: سبب تركي للدواء، هو أنني ولله الحمد منذ طفولتي لم أتعود على الأدوية الصناعية أبدا، ولله الحمد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

التفاعل الذي حدث لك بعد أن فارقت هذه الفتاة من خلال نصيحة هذا الأخ –جزاه الله خيرًا– هذا أدى إلى ما نسميه بـ (كرب الفراق) وكرب الفراق يأتي للناس، وهو: عبارة عن أحزان شديدة تبدأ بعدم تصديق للحدث، ثم بعد ذلك يدخل الإنسان في حالة من الكرب والحزن، وهذا نشاهده بعد الوفيات، أو إذا فقد الإنسان شخصًا عزيزًا عليه أو شيئًا عزيزًا عليه.

وفي حالتك إن شاء الله تعالى الأمر بسيط؛ لأن الفقد كان فقدًا مبررًا، كان فقدًا لأسباب منطقية، أنت أردت أن تعفَّ نفسك وأن تطهرها وألا تقع في الحرام، وقطعًا الصبر والصمود، بل الشعور الإيجابي المعزز يجب أن يكون مسيطرًا على نفسك؛ لأنك بالفعل قمت بفعل يجب أن تكافئ نفسك عليه.

فيا أخي الكريم: أنت محتاج لمحاورة مع نفسك، هذا نسميه بالتفكير المعرفي، الأمر لا أعتقد أن خط علاجه الأول هو الدواء، خط العلاج الأول أن تضع الأمور في منطقها الصحيح، وأن تفكر، وأن تحلل، وأن ترى المنافع والأضرار من فعلك الذي قمت به، وقطعًا المنافع جمة وكثيرة جدًّا.

أنت –أيها الفاضل الكريم– الذي قمت به إن شاء الله تعالى لك به ثواب عظيم، وإن شاء الله تعالى يكون سببًا في أن تُرزق بالزوجة الصالحة التي تحفظك وتحفظها، لا بد من أن تجري حوارات مع نفسك، لا تأخذ الأمر بهذه الطريقة، إن حاولت أن تكتمه أو تعتبر أن غنيمة قد ضاعت من يدك أو شيئا من هذا القبيل، هذا تفكير خاطئ، وتذكر أن من الذين يظلهم الله في يظله يوم لا ظل إلا ظله (شاب نشأ في عبادة الله) هذا إن شاء الله تعالى من الطاعات العظيمة، فأريدك أن تكافئ نفسك سلوكيًا بتذكر هذا الأمر.

والتفاعل النفسي والجسدي الذي عانيت منه من تسارع في ضربات القلب، وأعراض أخرى مصاحبة، قطعًا هو: جزء من أعراض القلق الاكتئابي الظرفي الذي نتج من عدم القدرة على التواؤم –كما نسميه-.

أيها الفاضل الكريم: لا توجد مصيبة، لا توجد طامة كبرى، على العكس تمامًا أنا أراك قد قمت بما يجب أن يقوم به الشاب المسلم الطاهر النقي، فبشرى لك إن شاء الله تعالى، لا تحزن أبدًا، لا تأس أبدًا، لم يضع منك شيء، وأريدك فعلاً أن تستفيد من هذه التجربة لتبني حياة طيبة هانئة وتسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا أرى أنك في حاجة لأدوية كثيرة، لكن العقار المستخرج العُشبي المعروف بـ (عشبة القديس) ويسمى في مصر (صفامود Safamood) ربما يكون جيدًا بالنسبة لك، فهو طبيعي وسليم، وفي نفس الوقت له صفات التهدئة وراحة البال، فحاول أن تتحصل عليه وتناوله بجرعة حبة صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم تناول حبة واحدة في الصباح لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

ولا بأس –أيها الفاضل الكريم– إن تناولت الـ (دوجماتيل Dogmatil) أيضًا بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة شهر آخر.

أدخل على حياتك مدخلات جديدة، أكثر من الاطلاع، أكثر من ممارسة الرياضة، زر أرحامك، وسع آفاقك الاجتماعية، واسع دائمًا في مرضاة ربك أولاً ثم والديك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر طه الغزالى

    جزاكم الله كل خير ووفقكم الى ما يحب ويرضى ويا ريت كل شباب بلدنا وبالاخص من نعرفهم يعملوا بهذه النصائح ويستفيدوا من هذه الارشادات

  • هولندا zaidoon

    الهم حبب الجهاد في قلوب الشباب لا حياة بلا جهاد قال تعال (ياأيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلاقليل/*

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً