الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي علاقة عمل مع زميلتي لا يرضاها أهلها، ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في كلية الطب في السنة الرابعة، -والحمد لله- أحافظ على صلاتي، ولا أحب إلحاق الضرر بأحد، وأحب مساعدة الناس, عملت مع طالبة زميلة في الطب، وعملنا يتطلب التواصل عن طريق الجوال والإيميل.

كنت أتحدث معها في إطار العمل، وأعطيها بعض النصائح في حياتها، وذات مرة اتصلت عليّ امرأة يبدو أنها من عائلتها تقول: "دع ابنتنا في حالها يا من لا تخاف الله" وسأدعو عليك، ولن أسامحك ليوم الدين".

يعلم الله لم أني لم أمسها بسوء لا فيها، ولا في عائلتها، وأغلب حديثنا عن الدراسة والعمل، وبعض الأمور الحياتية.

كنت أساعدها كثيرا وأعتبرها مثل أختي، ومن بعد هذه المكالمة، وأنا خائف من دعوة قد تؤثر سلبا على حياتي، وكذلك على حياتها، ولا ذنب لي ولها فيها، ويعلم الله ما في نيتي، وأنا أخاف الله وأعمل بإخلاص، وأدعوه، وأصوم، وأزكي، وأعمل الطاعات، وأحب مساعدة الآخرين، ولا ألحف الضرر بأحد، وكذا هي ملتزمة بحجابها الشرعي كاملا، وتغطي وجهها، ولا تختلط بالرجال إلا في إطار الضرورة والعمل.

ما العمل لتفادي أنواع من هذه الدعوات؟ أرجو إفادتي عاجلا فأملي بالله كبير، وأنا أدعوه دوما، وأرغب بفعل الأسباب لأرتاح؛ لأني أحيانا حتى وإن قمت بالصلاة والدعاء لكن لا يزال لدي خشية استجابة دعوة قد تضرني وأفكر بها دائما، وأيضا أخشى ضرر هذه الفتاة، وهي لا ذنب لها، فأنا قلق كثيرا حيال هذا الموضوع.

شكرا جزيلا، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل مع الموقع، نشكر هذا الحرص، ونشكر لك هذا الخوف من الله تبارك وتعالى، والخشية من آثار الدعوات التي قد تُلحق بالإنسان الضرر، وأنت لم تذهب بعيدًا، فإن ابن مسعود كان يقول: (دعوتان أرجو إحداهما وأخاف الأخرى: فأما التي أرجوها فدعوة إنسان نصرته، وأما التي أخافها فدعوة إنسان ظلمته).

وأنت -ولله الحمد- لم تظلم أحدًا، ولكننا نريد أن نؤكد لك أنه ليس هناك مصلحة في الاستمرار في هذه العلاقة، وكم أتمنى أن تجد الزميلة زميلات، وأن يبحث الزميل عن زملاء يشاركهم في الدراسة والنقاش والحوار؛ لأن هذا هو الأصل، أن يكون الشباب مع بعضهم، وأن تكون البنات والبنيات في جانب آخر بعضهنَّ مع بعض، فقد بُلينا وابتلينا بكل أسف بالاختلاط في مدراسنا، وفي جامعاتنا، وفي قاعاتنا، ونحن في زمان حتى البلاد الغربية بدأت تتخلص من آثار الاختلاط؛ لأنها أدركت أن وجود البنات مع الأولاد يُفسد التعليم، ويُفسد الحياة، ويُفسد المستقبل، فقبل سنوات كانت الجامعات في أمريكا التي تمنع وجود الرجال مع الأولاد أكثر من ثمانين جامعة، وهذا ليس لأن عندهم دين، ولكن لأنهم شعروا بالخطر الذي يتهدد مستقبلهم وحاضرتهم.

فمتى ننتبه نحن الذين يُحرِّم ديننا وجود البنات مع الأولاد، نسأل الله أن يردنا جميعًا للحق ردًّا جميلاً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ومن هنا فنحن نحب أن نؤكد لك أن كلام هذه المرأة لا يُلحق بك ضررًا طالما كانت نيتك بهذه الطريقة، طالما كان التواصل في هذا الإطار، لكننا لا نضمن استمرار العلاقة بذات الصفاء، وبذات الروح؛ لأن الشيطان دائمًا يبدأ مثل هذه العلاقات يجعلها تبدأ بريئة، وقد يكون فيها تواص بالحق وتواص بالصبر، لكن الشيطان يكون في المحطات الأخيرة فيحول هذه العلاقة إلى أمور قد يكون فيها توسع، وفيها تجاوزات شرعية.

ومهما كان فإنه ليس هناك مصلحة في استمرار هذه العلاقة، ولذلك الإسلام لا يعرف علاقة بين ذكر وأنثى – بين رجل وامرأة – إلا في إطار المحرمية، أو في إطار الحياة الزوجية.

لذلك نتمنى أن تخفف من هذه العلاقة وصولاً إلى قطعها، ولم يتضح لنا هل الفتاة على علم بما حصل من قريبتها؟ وما هو رأيها في الذي حصل؟ لأننا أيضًا نريد أن نتعامل مع الوضع بحكمة، إذا كانت لا تعلم فليس من الحكمة أن تعلم، حتى لا يحصل الشقاق، ونتمنى أن تنسحب بهدوء من حياتها وتشجعها على الارتباط بأخريات، وتبين لها أن هذا الأمر أنت ترغب فيه لأن الشرع يأمر دائمًا بالمباعدة بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال؛ ولأن هذا أيضًا فيه مصلحة لمستقبل حياتكم، فقد يبدأ التعلق بمسألة التعليم والسؤال، ثم تتعلق القلوب، والإنسان لا يملك قلبه، ثم بعد ذلك يُحال بينك وبينها، فتصبح هي غير ناجحة في حياتها لكون قلبها عندك، وجسدها مع زوجها، والعكس بالنسبة لك أيضًا.

ولذلك الإسلام لا يرضى أي علاقة بين رجل وامرأة إلا بغطاء شرعي، إلا برغبة فعلية أكيدة وإمكانية حصول الزواج، إلا بعلم أهله وأهلها، إلا ببداية هذه العلاقة بإعلانها في شكل خطبة أو عقد زواج، بغير هذا لا يمكن أن يقبل الإسلام بمثل هذه العلاقات.

وليس معنى هذا أنه يُمنع إذا سألتِ الشاب امرأة، احتاجت إلى مسألة وسألته، وأجابها، أما أن تستمر العلاقة، فيكون هناك اتصالات، يكون هناك تواصل، يكون هناك مثل هذا التطويل في المكالمات، وأن تسأل عن مسألة لكن بعدها تبدأ أنت تفتح مواضيع أخرى، وهي تفتح مواضيع أخرى، هذه الأمور نحن لا نشجع التمادي فيها والسير فيها، وأرجو أن تكون حكيمًا في معالجة هذا الوضع.

ولعل هذا أيضًا فيه مصلحة للفتاة، ربما هي لا تعرف أن هناك من ينظر في جوّالها إذا كانت هي لا تعلم بما حصل أو لم تُخبرها بالذي حصل، وإذا كانت عالمة أيضًا فمن النصح لها ولنفسك أن تكون العلاقة محدودة، بل المطلوب أن تتوقف العلاقة، فتبحث هي عن فتيات تراجع معهم، وأن تبحث أنت عن شباب ورجال تبحث وتراجع معهم الدروس، وإذا كان هناك في المستقبل رغبة، فعليك أن تطرق باب أهلها وتأتي البيوت من أبوابها، إذا كان لك رغبة في تطوير هذه العلاقة لتكوين أسرة في مستقبل الأيام.

نسأل الله لك ولها التوفيق والسداد، ونريد أن نؤكد أن هذه الشريعة لها حِكَم عظيمة؛ لأن الله يعلم أن الميل موجود من الرجال للنساء (والعكس) فلذلك كان من حكمة الشريعة أن يحصل البُعد بينهما حتى في مكان الصلاة، التي جعلت أفضل صفوف النساء آخرها لبُعدها عن الرجال، وأفضل صفوف الرجال أولها لبُعدها عن النساء.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً