الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش مع الرهاب منذ الصغر وقد حرمني من أشياء كثيرة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: أودّ أن أشكر جميع القائمين على هذا الموقع على تصدّرهم لتقديم النفع, أسأل الله أن يجعل عملكم جميعاً في ميزان حسناتكم وأن يجزيَكم خير الجزاء.

مشكلتي تكمن في أنني أعاني منذ الطفولة من الرهاب الاجتماعي، وها أنا على مشارف الثلاثين من عمري، وما زلت كما أنا! فقد حُرمت ممن وظائف كُثُر, ومن فرص كثيرة بسبب هذا المرض, وأنا -الحمد لله- لديّ طلاقة وفصاحة في الكلام, وشخصيتي مرحة, لكن حين تأتي المواقف الجدّية أنسحب وأنزوي، وتبدأ الرجفة تشلّ جسمي ولساني وتزداد نبضات قلبي.

منذ سنين وأنا أتابع المشكلة بصمت من خلال (الإنترنت) ورأيت تجارب ناجحة في تناول الأدوية, والحقيقة أنني لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي لعرض المشكلة, فقررت بعد استخارة الله أن أقوم بتمارين استرخاء في المنزل -وقد بدأت بممارستها- وأن أتناول دواء (السيروكسات) وقد رأيت في موقعكم ومواقع أخرى ما يشجعني على تناوله وقبل أن أقوم بشرائه لدي عدة تساؤلات أحتاج لها إجابات، لا حرمكم ربي الأجر:

1- هل لهذا الدواء مسميات أخرى حتى لا أقع في اللبس عند شرائه؟

2- ما هي الجرعة التي أبدأ بها, وكيف أزيدها, ومتى أتوقف عن تناوله؟

3- هل أستخدم هذا الدواء بمفرده أم أتناول معه دواء آخر؟ وإذا كان كذلك فما هو الدواء الآخر وما هي جرعته؟

4- أنا الآن لست متزوجة، هل في استمرار تناوله بعد الزواج مشكلة؟

5- أنا أعاني من رعشة دائمة في يدي حتى لو لم أكن خائفة، هل تنصحوني بمراجعة طبيب مخ وأعصاب لمعرفة سبب هذا الأمر, أم أنّ الأمر مرتبط بالقلق الداخلي؟

6- حين أغضب تزداد الرعشة وأتلعثم في الكلام ويصبح جسمي كله كأرجوحة من شدة الرجفة، هل هذا مرتبط بالقلق النفسي؟

7- هل هناك وقت محدد ألتزم فيه لتناول هذا الدواء بشكل يومي؟

هذه تساؤلاتي وأعتذر عن الإطالة, وفقكم المولى وأعانكم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الغريبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمن البشريات الطيبة التي حملها لنا الطب النفسي هو أن القلق والرهاب أو أي ظرف اجتماعي يمكن علاجه، وعلاجه بصورة أكيدة جدًّا، بعض المشكلات تواجه بعض الإخوة والأخوات، وهو أن القلق التوقعي التشاؤمي دائمًا يسيطر عليهم، وتجد أن مخاوفهم تجرهم وتقنعهم أن الشفاء ليس بالسهولة، وهذا يؤدي إلى الكثير من الوسوسة وتعقيد الأمر.

إذن ركيزة العلاج الناجحة الأولى هي تغير المفاهيم، تغير المفاهيم حول المخاوف، وإن كانت موجودة منذ الصغر أو نتجت من تراكمات معينة، أو صعوبات تربوية أو خلافه، فهذا لا يعني أنها سوف تكون مستمرة أو تكون أبدية، الإنسان يجب أن يتعامل مع حاضره بقوة ويتعامل مع مستقبله بأمل ورجاء.

وهنالك أمر مهم جدًّا دائمًا نركز عليه، وهو أن الخوف تجربة خاصة بالإنسان، لا يطلع عليه بقية الناس أبدًا، حتى مشاعر المتغيرة داخليًا مثل تسارع ضربات القلب، والشعور بالرعشة وخلافه، حتى وإن كانت ظاهرة في نظر المريض، فهي لن تكون ظاهرة لدى الآخرين، وهذا أمر ضروري جدا يجب أن نحتم عليه ونذكر به الناس، وأعتقد أنه بوابة رئيسية للعلاج.

العلاج الدوائي مهم جدا، ومفيد جدًّا خاصة إذا دُعّم بالعلاج السلوكي، عقار زيروكسات من الأدوية الجيدة جدًّا لعلاج المخاوف الاجتماعية، وحتى نجيب على أسئلك بدقة، وهو يسمى علميًا (باروكستين) والدواء الأصلي موجود تحت اسم (زيروكسات) لكن كما تفضلت هنالك منتجات تجارية أخرى كثيرة، والدواء يوجد على شاكلة حبوب إما عشرين مليجرامًا -وهذا هو الزيروكسات العادي- أو 12,5 مليجرام، وخمسة وعشرين مليجرامًا -وهذا يسمى الزيروكسات CR- ولا توجد اختلافات أساسية بين المنتجين، فقط الـ CR قد تكون آثاره الجانبية أقل نسبيًا، والآثار الجانبية لهذا الدواء بالمناسبة أصلاً ليست كثيرة.

قد يحدث عسر بسيط في الهضم في الأيام الأولى للعلاج، وقد يؤدي إلى بعض الزيادة في الوزن على المدى الطويل لدى بعض الناس، والتوقف عنه يتطلب التدريج؛ لأن التوقف المفاجئ يؤدي إلى اعراض انسحابية تتمثل في ظهور القلق والتوتر، والجرعة تتفاوت من إنسان لآخر -وهذه هي الإجابة على سؤالك الثاني قطعًا- والجرعة لها مراحل، هناك المراحل التمهيدية أو جرعات البداية، ثم الجرعات العلاجية، ثم جرعة الاستمرارية والوقاية، ثم جرعة التوقف.

الجرعة القصوى لهذا الدواء هي 60 مليجرامًا في اليوم -أي ثلاث حبات- ومعظم الناس يستجيبون لجرعة علاجية تتكون من حبتين، أي أربعين مليجرامًا، والبداية المفضلة أن يبدأ الإنسان بنصف حبة، يتم تناولها ليلاً بعد الأكل، ويكون الاستمرار عليها لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة واحدة، ويتم تناولها لمدة شهر، ويتم تناولها ليلاً، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبتين في اليوم، وهذه بالنسبة للحالات المتوسطة أو الشديدة، يستمر عليها الإنسان لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى حبة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

الدواء يمكن أن يستعمل بمفرده، لكن بعض الناس يرتاحون كثيرًا حين يتناولون عقار يعرف باسم (إندرال) ويسمى علميًا (بروبرالانول) حيث إن هذا الدواء يقلل كثيرًا من أعراض الرعشة والشعور بالتلعثم أو تسارع ضربات القلب، وجرعته هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناوله.

السؤال الرابع: الدواء لا يتعارض مع الزواج، وليست هناك مشكلة أبدًا في تناوله بعد الزواج، لكن لا يُنصح باستعماله أثناء الحمل.

بالنسبة لسؤالك الخامس حول الرعشة: أعتقد أنها ناتجة من القلق والتوتر، والإندرال سوف يكون مفيدًا لك، لكن قطعًا إذا قمت بمقابلة الطبيب -أي طبيب الأعصاب- هذا سوف يكون أمرًا جيدًا جدًّا.

بالنسبة للغضب والتوتر: قطعًا حتى بالنسبة للإنسان العادي جدًّا قد يجعله يحس بشيء من الرعشة والتلعثم، فإذن لا تغضبي أبدًا، وحاولي أن تُطبقي ما ورد في السنة النبوية المطهرة حول معالجة وإدارة الغضب حيث ما يحدث لك بالفعل مرتبط بالقلق النفسي.

السؤال السابع: لابد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الدواء في وقته وبالجرعة المطلوبة وللمدة المحددة، وهذا هو سر نجاح العلاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً