الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما زلت أشعر بصعوبة عند السلام على الأقارب!

السؤال

السلام عليكم

بداية: أشكر لكم جهودكم الطيبة، وأود أن أسأل سؤالين.

الأول: أنا أستخدم (السيبرالكس) لعلاج الرهاب الاجتماعي منذ ما يقارب 8 سنوات بدون متابعة من طبيب، ومنذ فترة طويلة قد تزيد عن السنتين أنقصت الجرعة من حبة إلى نصف حبة يوميا 10 ملجم بغرض الإيقاف التدريجي لكن لم أنجح في ذلك، وأرى الآن أنني أحسن حالا عن السابق، وأرغب بالتوقف عن العلاج، لكن كنت أود أن أسأل عن إمكانية التوقف عن أخذه والطريقة لذلك.

الثاني: كما ذكرت في السؤال الأول عن التحسن بحالتي، لكن هنالك نقطة وحيدة لا أرى التحسن فيها، وهي: السلام على الأقارب تحديدا جزئية البداية، المصافحة والسؤال عن الحال عند بداية اللقاء فقط، وبعدما أجلس لا أجد صعوبة أو حرجا أو أيا من أعراض الخجل، أعتقد أنه بسبب أنني محرج منهم؛ بسبب أنني أطيل الغياب عنهم، فما هي نصيحتكم لحل هذه المشكلة البسيطة؟

أكرر شكري لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdulaziz حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن هناك تقدما إيجابيا في حالتك، وما ذكرته من نواقص تتعلق بالصعوبة في السلام على الأقارب خاصة عند البداية، هذا موضوع بسيط ويمكن تجاوزه بشيء من التمارين السلوكية.

هنالك تمارين تسمى بالتعريض في الخيال، أي أن تعرض نفسك للعلة أو النقص السلوكي الذي تتخوف منه، وهذا التعرض يكون في الخيال بأن تتصور بأنك تلتقي بأحد أقاربك، عش هذا الفصل التصوري كاملاً، ابدأ بالسلام عليه، تبسم في وجهه، بعد ذلك تطرق لمواضيع معينة معه، اسأله عن أحواله، أحوال الأسرة، الصحة، وأي أمور أخرى تراها مناسبة في ذاك الوقت.

إذن العب أنت الدورين، العب دور ذاتك والعب دور هذا القريب الذي تسلم عليه، كرر هذا الموقف عدة مرات بشرط أن تغير طبيعة المواجهة، يعني في هذه المرة سلمت على أحد في نفس عمرك، المرة الثانية سلمت على مجموعة أخرى من أقاربك ومعهم بعض الغرباء... وهكذا، عش هذا الخيال بكثافة، بدقة، واجعل هذا السيناريو يرسخ في عقلك بكل تفاصيله.

هذا نوع من التدريب السلوكي المهاري الاجتماعي البسيط جدًّا، وبعض الناس ننصحهم بأن يقوموا بتصوير هذه المشاهد، تصويرها على الفيديو، ثم بعد ذلك يعرض الإنسان على نفسه ما قام بتصويره ويحلله سلوكيًا، سوف يجد أن هناك بعض الإيجابيات وهنالك بعض السلبيات، يحاول أن يعالج الإخفاقات من خلال تكرار نفس المشهد ونفس السيناريو مرة أخرى.

الأمر الآخر وهو: التطبيق الواقعي، بأن تتواصل مع الناس، الناس بجميع فئاتهم، حاول أن تركز على السلام لإخوتك بعد صلاة الجماعة، حين تدخل لمرفق العمل سلِّم على الناس بصوتٍ واضح وبشوش، بهذه الطريقة أنت تكون صاحب المبادرات، ومن يقدم ويبدأ دائمًا مثل هذه المبادرات سوف يكسر الحواجز النفسية تمامًا.

بالنسبة لعقار (سبرالكس): لا شك أنه ممتاز، والإشكالية التوقف عن الأدوية في بعض الأحيان: تكون هنالك صعوبة؛ لأن الإنسان قد رسخ في كيانه الداخلي أنه من الصعوبة أن يتوقف عن هذه الأدوية، أو أنها تُشكل المكون العلاجي الرئيسي حين يتوقف عنها، لا بد أن يُصاب بشيء من الانتكاسة.

هذا النوع من التفكير يجعل من الصعوبة التوقف عن الأدوية، ابنِ قناعة أنك قد تحسنتَ، وأن الدواء هذا يمكن التوقف عنه، والتوقف التدريجي دائمًا جيد، ابدأ مثلاً بنصف حبة، تناولها يوميًا لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها نصف حبة –أي خمسة مليجرام– يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم اجعلها خمسة مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر، هذا توقف تدريجي بطيء جدًّا يُشعرك -إن شاء الله تعالى– بالطمأنينة.

في بعض الأحيان نطلب من الذين يتناولون السبرالكس -والأدوية المشابهة التي يُعرف عنها أنها ربما تؤدي إلى آثار انسحابية بسيطة- نطلب منهم أن يتناولوا عقار (بروزاك) والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين)، البروزاك دواء جيد جدًّا لعلاج الاكتئاب في الأساس، وكذلك القلق والوساوس، واتضح الآن أيضًا أنه يساعد كثيرًا في علاج الرهاب الاجتماعي.

يتميز البروزاك بأن لديه مكوّنا يعرف بالِإفرازات الثانوية، الاسم العلمي للبروزاك هو (فلوكستين) والإفراز الثانوي يسمى علميًا (نورفلوكستين) هذا الأخير يبقى في جسم الإنسان لفترة، لذا التوقف المفاجئ من البروزاك ليس له أي تبعات سلبية، لا يشعر الإنسان بأي نوع من القلق أو التوتر أو الدوران أو شيء من هذا القبيل.

فإن أردت أن تنتهج هذا المنهج الثاني، وهو أن تخفض جرعة السبرالكس إلى خمسة مليجرام يوميًا، وفي ذات الوقت تبدأ في تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم. استمر على هذا الترتيب لمدة أسبوعين، ثم انقطع تمامًا عن السبرالكس، ولن تحدث لك -إن شاء الله تعالى– أي تبعات سلبية، استمر على البروزاك لمدة شهر آخر بمعدل كبسولة واحدة في اليوم، ثم اجعله كبسولة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، هذه أيضًا طريقة جيدة جدًّا.

يعرف أيضًا أن الحرص على ممارسة الرياضة باستمرارية وكثافة وإقدام، هذا يقلل كثيرًا من الآثار الانسحابية للأدوية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً