الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تنصحونني باستعمال الأندارل مع مضادات القلق والتوتر؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ زمن يصيبني ما يشبه الانهيار العصبي, والفتور الكامل في الأعصاب والعضلات, وذلك عند الإرهاق, وأحياناً بدون أي سبب, ودائما يكون ملازما للقلق عند رغبتي في حضور صلاة الجماعة, وحضور المناسبات الاجتماعية وقدوم الزوار, والوقوف أمام الناس, مع رعشة في الرقبة والرأس والظهر, وارتجاف في الأرجل، حيث لا أستطيع ضبط أعصابي، فلو سمعت أي صوت تحدث عندي حركات لا إرادية, ولا أحتمل الأصوات، وأريد أن أغادر المكان؛ مما جعلني أؤدي الصلوات في المنزل, وأعتزل الناس, وأفوت علي كثيرا من المصالح.

علماً بأنه يأتيني ألم في الظهر أشعر به في الحبل الشوكي, وعندما أحني ظهري بسيطاً أشعر برجفة في الظهر, وقد أجريت فحوصات طبية للسكر والضغط والغدة الدرقية, وكانت سليمة.

قرأت لسعادتكم توصية في إحدى الاستشارت بأن الأدوية ترتبزول وموتيفال ودوقماتيل وعددا من الأدوية المضادة للقلق والتوتر, ودواء أندرال لمعالجة الآثار الجسدية للقلق ونبضات القلب المتسارعة أو الرجفة أو التعرق، فهل تنصحونني باستعمال الأندارل مع بعض مضادات القلق والتوتر؟ وما رأيكم في دواء (Seredyn)؟

أرجو من الله عز وجل ثم من سعادتكم مساعدتي، والرد على استشارتي بأسرع وقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن الأعراض التي تُصيبك فيها جوانب نفسية وجوانب عضوية، وتسمى هذه الحالات بالحالات النفسوجسدية، لأنه حتى الأعراض الجسدية التي تشتكي منها من الواضح أنها ناتجة من القلق، والقلق الذي تعاني منه يُسمى بالقلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، وهو -الحمد لله تعالى– من الدرجة البسيطة.

أهم علاج للرهاب الاجتماعي هو أن يتجاهل الإنسان هذا الخوف، وأن يحقره، وأن يقوم بفعل ما هو ضده، ويُقصد بذلك أن يُكثر من المواجهات تدريجيًا، وبعد فترة قليلة من الزمن سوف تجد أنك في حالة طبيعية، بل سوف تُحب لقاءات الناس والاجتماع بهم.

من الأخطاء الكبيرة التي يرتكبها بعض الإخوة والأخوات الذين يعانون من علة الرهاب الاجتماعي هي مكافأة وإشباع هذا الرهاب من خلال الاستجابة له، مثلاً أنت انقطعت عن صلاة الجماعة وبدأت تصلي في المنزل، هذه مكافأة كبيرة للمخاوف، أنت هنا عززت مخاوفك، قد دعمتها، قد مكنتها، وهذا لن يعالج مشكلتك، على العكس تمامًا، سوف يؤدي إلى المزيد من المخاوف، قد تجد نفسك بعد ذلك لا تستطيع أن تدخل من غرفة إلى أخرى داخل منزلك؛ لأنك لا تحس بالأمان إلا داخل الغرفة التي ألفتها وظللت جالسًا بها.

هذا الكلام -أخي الكريم– لا يوجد فيه أي مبالغة، هذا شاهدناه وسمعنا عنه، وهناك من أتانا يطلب العلاج والمساعدة؛ لأن المخاوف وصلت به للدرجة التي جعلته منعزلاً في حيز نفسي وجغرافي ضيق جدًّا، اكسر حاجز هذا الخوف، وأنا أؤكد لك أنه لن يحدث لك أي مكروه، كل المشاعر السلبية التي تأتيك بأنك سوف تفشل أمام الآخرين، أو أن الناس يلاحظونك ويستخفون بك، هذا شعور ليس صحيحًا.

ابدأ من الآن بأن تذهب وتصلي مع الجماعة، واسأل الله تعالى أن يعينك وأن يحفظك، اخرج ومارس رياضة مع أصدقائك، أي رياضة جماعية، اجعل لنفسك برامج يومية، برامج الدراسة إن كنت في مرحلة الدراسة، برامج العمل، برامج الترفيه عن النفس، زيارة الأرحام، التواصل الاجتماعي... هذا كله علاج، وعلاج مفيد ومهم جدًّا.

بالنسبة لبقية العلاجات: من أهمهما -كما ذكرت لك– ممارسة الرياضة، الرياضة مهمة جدًّا خاصة لإزالة كل الأعراض الجسدية التي تعاني منها، وأنت قمت بما هو صحيح وهو أنك أجريت كل الفحوصات الطبية، وهي -الحمد لله تعالى- كلها مطمئنة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنت تحتاج لعلاج بسيط جدًّا، الدواء الذي ذكرتَ اسمه وهو (Seredyn) هذا المسمى مسمى تجاري وغير معروف لديَّ، إن زودتني بالاسم العلمي فيمكن أن أفيدك عنه، وعمومًا الدواء الجيد والمفيد لحالتك يسمى (سيرترالين) بشرط أن يكون عمرك عشرين عامًا أو أكثر، أنت لم تذكر عمرك، إذا كان عمرك أقل من عشرين عامًا لا أنصح لك استعمال دواءً إلا بعد أن تذهب إلى طبيب.

السيرترالين الذي ذكرته لك له مسميات تجارية كثيرة من أشهرها (زولفت) و(لسترال) أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة صغيرة وهي نصف حبة (25 مليجرامًا) يتم تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها خمسين مليجرامًا -أي حبة كاملة– تناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجرامًا -أي نصف حبة– تناولها ليلاً لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا الدواء سليم وفاعل، وغير إدماني، والجرعة الكلية قد تصل إلى أربع حبات في اليوم، لكن أنت جرعتك بسيطة؛ لأن حالتك قطعًا بسيطة.

بالنسبة لعقار إندرال: هو دواء مساعد إذا كان بالفعل لديك تسارع شديد في ضربات القلب عند المواجهات أو شيء من الشعور بالرجفة أو التلعثم، هنا يكون للإندرال دور ممتاز لاحتواء هذه الأعراض، والإندرال يُمنع استعماله بالنسبة للذين يعانون من مرض الربو أو الحساسية في الصدر, الجرعة المطلوبة هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعلها عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً