الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ساعدني العلاج السلوكي.. ولكني أريد دواء للقلق العام

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا وقبل كل شيء أقدم الشكر للدكتور محمد عبد العليم، على جهوده الجبارة، وحقيقة أنا أعتبرك من الأطباء الذين أثق فيهم، أيضا أشيد حقيقة بالأطباء المتواجدين في هذا الموقع، وأيضا أشكر جزيل الشكر لمن أتاح لنا التواصل معكم، وكل القائمين على هذا الموقع، وأنا من المتابعين لك أستاذي الفاضل محمد، واستفدت منك كثيرا جدا، وسوف أبدأ بعرض مشكلتي.

بداية المرض: لنقل أنني كنت أعاني من قلق عام يرافقه اكتئاب بسيط، والأعراض هي:
- القلق العام أعراضه كالتالي: تفكير مستمر، ضعف تركيز، قولون عصبي شديد نوعا ما (الآن متأقلم معه ولم يعد معه لدي مشكلة) عدم القدرة على الاسترخاء بسبب عدم توقف التفكير، أيضا عدم القدرة على تحمل الضغوط.

- الاكتئاب أعراضه كالتالي: البكاء، وخصوصا مع الإحباط الذي كان يرافقني، خمول صباحي شديد، وخصوصا أنني كنت أدرس في تلك الفترة، كنت لا أطيق الذهاب للمدرسة، نسيان وصعوبة شديدة في الحفظ، انخفاض المزاج فترة الصباح، ويقل مع مرور اليوم، قلة الدافيعة، وافتقاد النشاطات، لا أريد أن أطيل حقيقة، وأتوقع أن الأعراض هذه كافية وأتوقع أن الاكتئاب لدي كان بسيطا إلى متوسط، وهذا المرض سبب لي نوعا من العزلة عن الناس.

طريقي للشفاء: كنت أدعو ربي أن يشفيني، وكنت محافظا على الرقية، انتهى العام الدراسي وأتت الإجازة وعاد النشاط قليلا، بدأت في الاختلاط وبدأت أعود شيئا فشيئا -والحمد لله- خف الاكتئاب كثيرا، وبقي مرض القلق العام التي هي أعراضه كما ذكرتها تفكير مستمر، وضعف تركيز بسيط, وقولون عصبي, بدأت أعالج نفسي سلوكيا من هذه الأعراض -ولله الحمد- نظمت غذائي مما أدى إلى تخفيف القولون كثيرا، أصبحت ذاكرتي -ولله الحمد- قوية رغم وجود ضعف تركيز، وأتوقع أن حلقات حفظ القرآن ساعدتني في تنمية مهاراتي الذي أريد أن أصل له، تأقلمت بشكل ممتاز مع القلق العام -ولله الحمد-.

عودة الاكتئاب: عاد لدي الاكتئاب في مرحلة ضغوطات، وقبل أن يحصل الاكتئاب أتتني نوبة قلق شديدة تزامنت مع الاكتئاب، استمرت نوبة القلق لأسبوع ثم ذهبت وأبقت الاكتئاب، أعراض الاكتئاب خمول صباحي، وانخفاض في المزاج، وصعوبة قليلا في الحفظ وعدم تخزينه بشكل جيد، وقلة دافعية -ولله الحمد- متواصل مع جميع اصدقائي، وأيضا أستمتع عندما ألعب الكرة، وأستمتع بالحديث مع الناس، الذي أقصده أنه لم يكن هناك تغير في المزاج سوى فترة الصباح، أي أنني لست حزينا، ربما أحيانا، لنقل أني الآن أعاني من اكتئاب بسيط، وقلق عام مزمن، لي الآن ما يقارب السنة والنصف من مرضي.

استشرتكم في استشارة سابقة بحساب آخر ووصفتم لي التفرانيل (25) لكن هذا الدواء غير متواجد في الرياض، ولم أبحث عنه بمسماه العلمي، وحقيقة لاحظت أنك لا تصرف مضادات اكتئاب لمن هم ربما دون العشرين، لا أدري ما السبب، هل أنها تؤدي لأفكار انتحارية، أنا أرى أنني في حاجة لدواء بجرعة بسيطة، وهي قادرة -بإذن الله- على عودتي كما كنت، حاولت كثيرا سلوكيا لكني لم أستطع.

أنا استخدمت الدوجماتيل والفلونكسول، ولا أرى منهم أي فائدة ملحوظة في علاج القلق، سواء من ناحية عودة التركيز أو توقف التفكير واسترخاء العقل، أنا أرى العلاج السلوكي أفضل، أيضا هل هناك أدوية جديدة وأبحاث لعلاج القلق العام.

اعذرني -يا دكتور- أنا أعلم أن المرض بسيط، لكني حقيقة أراه منتشرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على ثقتك في هذا الموقع والعاملين فيه، وحقًّا رسالتك أعجبتني كثيرًا، فهي مرتبة ومنظمة، وعرضتَ فيها مشكلتك، وكذلك عرضت فيها الحلول، وهذا أمر جميل، وأنت بالفعل أخذت نفسك من هوّة القلق والاكتئاب من خلال التفكير الإيجابي، ومن خلال التحفيز الذاتي، ومن خلال إشباع نفسك بالدعاء وكتاب ربك والصلاة، وإرادة التحسن لديك واضحة جدًّا، وهذا (حقيقة) يجب أن يطمئن ويطمئنك لدرجة كبيرة.

فأرجو - أيها الفاضل الكريم – أن تسير على نفس منهجك العلاجي الممتاز، وإن كان لي نصيحة وملاحظة واحدة، هي أنني لا أريدك أبدًا أن تعيش تحت القلق والتوتر التوقعي، كثير من الذين انتابتهم نوبات قلقية أو مخاوف أو وساوس أو أي نوع من الاكتئاب إن أتتهم أعراض بسيطة جدًّا تجد أن فكرهم سبقهم بصورة سلبية جدًّا، وبدأوا يفكرون في الانتكاسة مما قد تؤدي إلى الكثير من الأعراض.

الذي أود أن أقوله - أيها الفاضل الكريم: هنالك هفوات وهنالك بالفعل انتكاسات، فيجب ألا نعتبر الهفوات انتكاسات حقيقية، إن أتى شيء من عسر المزاج أو شيء من القلق، نتعامل معه بقوة وبشدة وبأمل ورجاء، وما أتى سابقًا ليس من الضروري أن يأتي الآن خاصة في الأعراض النفسية.

إذن طريقة التفكير والتحفيز والحد من القلق التوقعي وسائل علاجية مهمة جدًّا أريدك أن تعتمد عليها.

شيء آخر: أنت -الحمد لله تعالى- الآن منتقل من مرحلة إلى مرحلة، الحياة الجامعية لا شك أنها مختلفة تمامًا عن حياة المدارس، سوف تجد الكثير من الأنشطة والإضافات الجديدة على حياتك، ونوعًا مختلفًا من التواصل الاجتماعي، وتحمل المسؤولية حيال الذات، ونوعية الدراسة... إذن سوف ترتقي - إن شاء الله تعالى – في سلّم النضوج النفسي والسلوكي، وهذا أيضًا تحفيز علاجي كبير جدًّا.

بالنسبة لسؤالك حول الأدوية المضادة للاكتئاب هو سؤال جميل وممتاز، وأنا (حقيقة) حين لا أصف الأدوية لمن هم دون سن الرشد ليس تقليلاً من قيمتهم، وليس خوفًا، لكنه التزام بالأخلاق المهنية، وفي ذات الوقت لا نريد لأحد أن يتناول دواءً دون علم والديه، والأمر الآخر: قد يُساء استخدام هذه الأدوية، فقد تكون هناك أخطاء في الجرعات، قد تكون هناك معلومات خاطئة تأتي من هنا وهناك، فلذا المتابعة الطبية هي الأفضل.

لكن أنا أعطي أدوية لأطفال في عمر السادسة ما داموا تحت إشرافي وما داموا هم مستحقين لهذا العلاج فلم لا؟ مثلاً الوساوس القهرية الآن مهما تبذل من طرق سلوكية هذه الوساوس حين تأتي لليافعين والأطفال في طفولتهم المتأخرة تكون مؤلمة وممزقة جدًّا لهم، ومعظمهم لا يستجيب إلا من خلال العلاج الدوائي، وبفضل من الله تعالى كل المنظمات التي تهتم بسلامة الأدوية وترخيصها صرحت بأن البروزاك (مثلاً) وكذلك الفافرين هي أدوية سليمة يمكن أن تستعمل في الطفولة، لكن الأمر له ضوابطه، له حدوده، وله تحوطاته.

بالنسبة لموضوع أن هذه الأدوية قد تثير اندفاعات انتحارية؟
هذا موضوع فيه الكثير من الخلاف، واتضح أن الذين يتناولون الأدوية المضادة للاكتئاب ودفعتهم نحو المزاج الانتحاري هم أقلية من الذين هم دون سن السابعة عشر، وكان تشخيصهم خاطئًا، معظمهم لم تكن حالته اكتئابا آحادي القطبية، إنما كان اضطرابا ثنائي القطبية أو اضطرابا مزدوجًا أو مختلطًا كما يسمى.

هذا هو الموقف، وأنا مطمئن لك تمامًا، وأرى أنه ليس هنالك ما يمنعك من تناول الدواء، وأرى أن عقار (بروزاك) والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) هو الأفضل لك، وهو دواء سليم وفاعل، وجرعته هي كبسولة واحدة في اليوم، قد تحتاجه لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، ليس أكثر من ذلك، لكن بالطبع من الجميل أن يكون أن تخطر أسرتك، وتستأذنهم في ذلك، وإن ذهبت إلى الطبيب قطعًا سوف يكون أكثر طمأنينة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً