الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرض الاكتئاب... ما حقيقته؟ وهل هو ناتج عن ضعف الدين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1- هنالك من يقول إن الاكتئاب ناتج عن ضعف الإيمان بالقدر, وعن عدم الرضا بما قسمه الله, ويقول إنه ليس مرض نفسيا عضويا، وأنتم تقولون إنه مرض نفسي عضوي، فالسؤال هو: ما حقيقة الاكتئاب؟ هل هو مرض من الله كالانفلنزول مثلا أم هو ناتج عن ضعف الدين؟

2- أعاني من حساسية في الصدر, وأصبت مؤخرا بقولون عصبي مع جرثومة المعدة, وتعافيت من الجرثومة وأعراضها, وبقي القولون العصبي، وأعراضه: مغص, إمساك, غازات, انتفاخات، عموما القولون في بداية ظهوره كانت أعراضه قوية, والحمد لله تحسنت.

ولكن بقيت مشكلة أتعبتني, وهي الانتفاخ؛ حيث كان في البداية بعد الغداء, دائما أحس بطني قد انتفخت دون خروج غازات, وهذا يضغط على الرئتين، فقال الدكتور إن هذا الانتفاخ مع المعدة يضغط على الرئة؛ لذلك آخذ البخاخ وقتها, لكن دون فائدة؛ لأن المشكلة ليست في الحساسية وحدها, بل في ضغط القولون وعسر الهضم.

كتب لي الطبيب حبوب (يروكربون) ولكن لم آخذها, والحمد لله خفت هذه المسألة مع الأيام من حالة يومية إلى مرة أو مرتين في الأسبوع, وأحيانا أكثر, المهم أنني أتضايق منها؛ حيث إني أحس نفسي أنني مرغم, وعند خروج الغازات أرتاح قليلا, لكن في الغالب لا تخرج الغازات وحدها.

ذهبت مرة أخرى للدكتور, وقال لي إنه القولون والحساسية, ورفعت جرعة البخاخات بخة ثلاث مرات من النوعين (فينتولين وبكوتيد) وكتب لي دواء للقولون اسمه (gazem -x) قرصا.

السؤال: هل لو أخذت هذا الدواء (gazem -x) هل تخف المشكلة السابقة؟ أي هل الدواء له فعالية علاجية طويلة المدى أم مؤقتة؟ لأنه إذا كان مؤقتا لا أريد أن آخذه أو هل آخذه بشكل متقطع؟ وهل هنالك علاج يخفف بشكل عام أعراض القولون يكون له فعالية علاجية؟

قيل إن حبوب الرمان تناولها يعالج هذا العسر في الهضم الناتج عن القولون, ويقوي المعدة, فهل هذا صحيح؟ وكم أتناول من الرمان لذلك؟ وكم هي المدة؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فالاكتئاب النفسي بمعناه العلمي الصحيح هو مرض بيولوجي ونفسي واجتماعي، يعني أن أسبابه بيولوجية عضوية، وقد أُثبت ذلك وبما لا يدع مجالاً للشك، فمثلاً على سبيل المثال اتضح أنه توجد مواد في داخل الدماغ تحدث عدم توازن في إفرازها، وهذه قد تؤدي إلى الاكتئاب النفسي.

الجوانب السلوكية النفسية أيضًا مهمة في أن تكون عاملاً في الاكتئاب النفسي من حيث السببية أو حيث الاستمرارية أو من حيث منع الاستجابة العلاجية، فبعض الناس لديهم هشاشة في شخصياتهم، لديهم ضعف في أبعاد شخصياتهم، لديهم قابلية أكثر للاكتئاب، وهنالك أيضًا من تعرضوا لتجارب مهينة ومذلة وفيها الكثير من الامتهان في طفولتهم، هذا أيضًا قد تؤدي للاكتئاب، وهكذا.

إذن لا أحد يستطيع أن ينكر الجانب البيولوجي في الاكتئاب، والاكتئاب يصيب جميع الناس، أبيضهم وأسودهم، غنيهم وفقيرهم، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم، مؤمنهم وكافرهم، لكن بالنسبة للشخص المسلم القوي في إيمانه والذي يسعى دائمًا لأن يكون في معية الله تعالى وتحت رحمته، هذا قطعًا له القدرة لمقاومة الاكتئاب النفسي أكثر من غيره، والشخص حين يتوجه إلى الله تعالى ويتميز بالصبر على الأذى وتقبل الابتلاء، هذا أيضًا يساعده، لكن لا نقول أن ذلك يمنع الاكتئاب النفسي على الإطلاق، هذا ليس صحيحًا.

ونحن كثيرًا ما يأتينا بعض الإخوة الكرام المتدينين الذين نحسبهم -إن شاء الله تعالى– من الصالحين، وتأتيهم هذه الحالات الاكتئابية، وأول ما نسعى إليه دائمًا هو أن نحاول أن نرفع الحرج عنهم والشعور بالذنب، الكثير حين يأتيه الاكتئاب يرى أن ذلك تقصير منهم أو ضعف في إيمانه وهذا ليس صحيحًا.

ولذا -أيها الفاضل الكريم– من الدعاء المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل) وهذه الأربعة من أعراض الاكتئاب، الهم عرض من أعراض الاكتئاب، والحزن عرض من أعراض الاكتئاب، والعجز –وهو الإنسان يكون غير فعّال– عرض من أعراض الاكتئاب.

فيا أيها الفاضل الكريم: الاكتئاب يُصيب جميع الناس، وحقيقة يجب ألا نتهم أنفسنا بما هو غير صحيح، فمن يأتيه الاكتئاب يجب أن يقدم نفسه للعلاج، ولا شك أن قوة الدين والتدين تساعد -إن شاء الله تعالى– في الشفاء، لأن إرادة التحسن نفسها مقرونة بالتوكل، فالذي يُصاب بهذا المرض إن كان له درجة من الإيمان والتوكل والأخذ بالأسباب لا شك أن فرصته في الشفاء وفي العلاج تكون أكبر -بإذن الله تعالى-.

أما بالنسبة لحالتك فأرى أن الذي تعاني منه يأتي تحت نطاق ما يسمى بالحالات النفسوجسدية، أتفق معك أن أعراض القولون العصبي مزعجة لأصحابها، وكثيرًا ما يكون القولون العصبي مرتبطًا بما يسمى بالقلق المقنع أو الاكتئاب المقنع، وهي حالات نفسية قد لا تظهر على السطح، إنما يعبر عنها من خلال ما يسمى بـ (التجسيد) والتجسيد هو ظهور الأعراض الجسدية، وأكثر أعضاء الجسم تأثرًا هو الجهاز الهضمي.

نصيحتي لك: أن تركز على الرياضة بصورة فعالة جدًّا، وأن تسعى دائمًا لأن تكون مسترخيًا، وأن تنظم وقتك بصورة جيدة، وألا تتردد كثيرًا على الأطباء.. هذه كلها علاجات مهمة جدًّا للقولون العصبي.

ولا شك أن مضادات القلق والتوتر أثبتت فعاليتها، مثلاً عقار مثل (دوجماتيل) وجد أنه جيد جدًّا، ويسمى علميًا باسم (سلبرايد) وجرعته هي خمسون مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة ثلاثة أشهر (مثلاً) ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرين.

وهنالك عقار مضاد للاكتئاب قديم جدًّا يعرف باسم (تفرانيل/إمبرامين) تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ستة أشهر، يعني أيضًا يفيد هذا -بإذن الله تعالى-.

من الأدوية الجيدة والتي لا علاقة لها بالتغيرات النفسية عقار يعرف باسم (دسباتالين) من الأدوية الطيبة، وهو مشتق من النعناع، ويساعد كثيرًا في أعراض القولون العصبي.

الدواء الذي ذكرته وهو الـ (gazem) ليس معروفًا لديَّ (حقيقة)، هذا مسمى تجاري، وتوجد الكثير من المستحضرات التي تستعمل في علاج القولون العصبي.

بالنسبة لحب الرمان: أنا أيضًا سمعت أنه يفيد، لكن (حقيقة) لم أجد ثوابت علمية كثيرة تؤيد ذلك، ولذا يمكنك أن تتناوله وفي حدود المعقول، فالرمان جيد، لكن -كما ذكرت لك- لا أستطيع أن أقول لك أنه علاج متخصص فيما تعاني منه من شكوى.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً