الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكار وسواسية تتمثل في محاولة معرفة تفاصيل الأشياء من حولي

السؤال

أنا طالب بالصف الثانوي، وعندي مشكلة لا أعرف أهي مرض نفسي أم عقلي أم لعنة؟!
وهي أنني بينما وأنا أذاكر أو أفعل أي شيء أريد أن أعرف كل تفاصيل الأشياء التي حولي، وإن كانت تافهة، وأتأكد من هذه التفاصيل كثيرا؛ مما يضيع عليّ كثيرا من الوقت بصورة شبه قهرية، تأتيني هذه الأفكار بينما أنا أذاكر، فأتأكد من تفاصيل أشياء تافهة جدا، مثل العمارة التي أمام بيتي؛ مما يضيع علي كثيرا من الوقت والجهد، وأتأكد من هذه التفاصيل كثيرا، كذلك نفس الموقف يحدث لي في أي امتحان؛ إذ أتأكد من تفاصيل تافهة أيضا، مثل شكل الحائط الذي خلفي أو غيره؛ مما قد يدفع المراقب لسحب ورقتي ظنا منه أنني أغش، أحيانا أتغلب على هذه الأفكار، لكنها تسيطر علي في النهاية.

علماً بأن هذه الحالة تأتيني في أوقات اللعب أو الإجازة أقل مما تأتيني في أوقات المذاكرة أو الامتحان، وقد تأتيني من جهة حب الفضول أو التأكد من أدق التفاصيل، وأريد حلا نهائيا لهذه المشكلة التي قللت من مستواي الدراسي والتحصيلي.

علماً بأنني أمارس العادة السرية منذ حوالي خمس سنوات، ولكن أنوي أن أوقفها، كذلك في الماضي كانت تأتيني بعض الأفكار الانتحارية، ولكنها لا تؤثر علي الآن.

الرجاء تحديد نوع المشكلة إذا كانت مرضا أو غير ذلك.

مع جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

حالتك هي حالة نفسية، وليست حالة من حالات المس أو أي نوع من أنواع السحر، وهي حالة معروفة لدينا في الطب النفسي، وهي حالة من الوساوس القهرية، وتسمى بوساوس التفاصيل والتدقيق، وهي فعلا لاهية ومضيعة لوقت الإنسان، وقد تتحول إلى ما يعرف بوساوس البطء، يعني أنك قد تستغرق وقتا طويلا وتشغل نفسك بتفاصيل الأشياء للدرجة التي تجعل الشعور القهري يستحوذ عليك مما يبعدك عن ما هو مهم في الحياة، وتنشغل فيما هو أقل أهمية وغير مفيد.

الحالة علاجها يمكن بصورة ممتازة جدا، والوساوس الفكرية علاجها سريع وجيد وفعال أكثر من وساوس الأفعال.

بالنسبة للعادة السرية لا شك أن أضرارها كثيرة، وقد آلمني أنك بدأت ممارستها منذ كان عمرك 12 عاما، وأنت في مرحلة من الوعي العام والفكري والنفسي، وهذه الشهوات يمكن السيطرة عليها والاقتناع بأنها خاطئة، وفكرة الانتحار التي انتابتك سابقا -الحمد لله- أنها قد زالت، وأنت اسمك عمر بن محمد، فكيف تقدم على الفكر القبيح فالدنيا جميلة وجميلة جدا، فركز على ما ينفعك اهتم بدراستك، وعليك بالصحبة الطيبة، فالإنسان يحتاج لمن يخالل لمن يذكره بالله، ويعينه على الطاعة، واسع دائما على توزيع وقتك بصورة صحيحة، وعليك بصلة الرحم، ومارس الرياضة الجماعية مع أصدقائك، واحرص على بر الوالدين.

أما بالنسبة للفكر الوساوسي، فيعالج من خلال التحقير، واستبداله بفكر مخالف، وهذا قد لا يكون كافيا؛ لأن هذه الوساوس لعينة ومستحوذة؛ ولذا لا بد من استعمال الأدوية المضادة للوساوس والآن أمامنا أدوية فعالة جدا، وعلاقة الأدوية بالوساوس هو أنه في السنوات الأخيرة أثبتت الأبحاث أن الذين يعانون من الأفكار النمطية أو الضغوطية أو الصور الوسواسية لديهم اضطراب بسيط في مادة في الدماغ تسمى بالسرتونين، وهذه المادة متمركزة في منطقة تسمى نواة أكوديت، وهذه المادة لا يمكن قياسها أثناء الحياة، فإذن الدواء سيفيدك بصورة ممتازة، ويا حبذا لو قابلت الطبيب النفسي؛ لأن المتابعة مهمة، واستشارة الطبيب ذات فائدة، ونسبة لعمرك فأفضل أن يوصف لك الدواء من خلال طبيب يتابع حالتك، وأنا على ثقة تامة، أن والديك وأسرتك سوف يقتنعون تماما بذهابك للطبيب بعد أن تذكر لهم ما ذكرناه لك خلال إجابتنا لاستشاراتك الطيبة هذه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً