الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدرك للداء ومدرك للدواء ويسأل: ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سعيد بمراسلتكم، وأتمنى أن تساعدوني، وأن تمدوني ببعض الأمل.

أبدأ قصتي: منذ أن كنت في 16 من عمري كنت إنسانًا عاديًا ومتفوقًا في دراستي، نشأت في أسرة عادية طبيعية محافظة، وفي كنف والدين طيبين، وإخوة كذلك، لكن عندما وصلت إلى هذا السن -16- تغيرت حياتي ولم أعد أشعر بطعم الحياة، والراحة النفسية والرضا عن الذات.

تعرفت على ما يسمى العادة السيئة التي حولت حياتي إلى جحيم لا يطاق، وسقطت في فخها لسنوات، وإلى اليوم وأنا سجين فيها، مرت علي سنوات وأنا أكذب على نفسي أنني سأتركها، وأنني كلما مارستها ستكون آخر مرة، لكن هيهات لقد مرت عشر سنين كلمح البصر وكنسمة ريح باردة، حيث كنت أمارسها 4 مرات في الأسبوع.

لذلك بدأت أشعر بخستي وحقارتي، وأني أقل من أن أتحمل مسؤولية في المجتمع، وعانيت الأمرين في دراستي الجامعية، بسب: الخجل والرهاب الذي أفقدني السيطرة على حياتي، مما زادني انعزالًا، وإدمانًا للمواقع الإباحية، وتقاذفتني أمواج الحياة يمينًا وشمالًا، فلم أشعر بالاستقرار والثقة التي كنت اقرأ عنها كثيرًا، كنت أشعر وأنا في الجامعة أنني أحقر مخلوق، لذلك كنت منعزلًا وخائفًا من كل الطلبة؛ ما إن أتحدث مع غريب إلا وأشعر بعدم الارتياح، ولا أستطيع تكوين صداقات قوية حتى في مجتمعي وأصدقائي.

أشعر بنوع من البلادة في الأفكار وجفاف، فلا أدري ما أقول، وإن قلت أعمل ألف حساب لكل كلمة قلتها ولو كانت بسيطة، وأعتبر أن رأي الناس يهمني في كل شيء؛ لذلك أسعى لاسترضائهم، وأتكلف وأتظاهر بأنني إنسان هادئ وطيب، وعندما أسير في الشارع أشعر بعدم الارتياح، وخوف غريب خاصة إذا التقيت مع إنسان غريب.

وللعلم ليست لدي مشية طبيعية، فمرة أسرع ومرة أمشي ببطء، وأشعر بمغص في بطني، أتمنى التخفي عن الأنظار والتستر عن الناس، أعتبر نفسي دائمًا مخطئًا وهم على حق، لا أستطيع التحدث معهم بطلاقة، والآن تخرجت واصطدمت بالواقع وهو العمل بكل المشاق التي أنتظرها، والتي كنت أتجنبها؛ بمعنى: ضرورة الاحتكاك بالناس، وكيفية التعامل وطريقة نظر أصدقائي ومجتمعي إلى تفكيري وسلوكي كمتخرج من الجامعة.

أشعر أنني إنسان ضائع، أبسط إنسان أشعر أمامه بالنقص لا أعلم ماذا أفعل لأغير حياتي، وأستثمر قدراتي، وأنفع ديني وأغير نظرتي نحو نفسي والقناعات المترسبة في داخلي؟ أريد أن تساعدني بخطوات عملية للتخلص من العادة السرية، وكيف أستعيد ثقتي بنفسي وأغير نظرتي السلبية لنفسي؟

أمامي مشروع الزواج والعمل، وما هي طرق التعامل مع الآخر كإنسان مثلي؟ أتمنى أن تساعدوني بإجابات لكل ما أعانيه دون روابط للاستشارات الأخرى، وجزاكم الله خيرًا وبوأكم من الجنة منزلًا ومقامًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

أنت - أخي الكريم/كريم - مدرك للداء ومدرك الدواء، ومطلع على مشكلتك، إلا أنك لا تعرف الحجم الحقيقي لها، ومهمتنا هنا أن نذكّرك بأنه بالفعل لديك مشكلة، وهذه المشكلة يمكن احتواؤها، وذلك من خلالك أنت وليس من خلال أي إنسان آخر.

إذًا الخطوة العملية الأولى هي: أن تُدرك أن هنالك مشكلة، أن هنالك نواقص في حياتك، أن هنالك سلبيات، لكنها لم تصل لمرحلة الكارثة.

الأمر الثاني: يجب أن تعرف أن التغيير منك أنت، وأن الله استودع فيك طاقات إيجابية عظيمة، متى ما أردت أن تُخرجها وتستفيد منها لمنفعتك يمكنك ذلك، أما إذا تباطأت وتقاعست واتبعت الشهوات الزائفة فهنا لن يحدث التغيير.

الإنسان -أيها الفاضل الكريم- لا يمكن أن يجمع بين المتناقضات، لا يمكن أن يعيش حياة فاضلة هنية -وهي الحياة التي يتمناها-، وفي ذات الوقت يضع عراقيل أمام نفسه بانتهاجه وتطبيقه لأمور يعرف أنها مخلة بالحياة الطيبة الهانئة الكريمة.

الخطوات العملية التي يجب أن تتخذها -أيها الفاضل الكريم- للتوقف عن العادة السرية هي: أن تعرف ضررها -كما ذكرنا لك-، وهذه هي النقطة الأولى؛ لأن القناعة الفكرية هي الأصل في الأمور، والإنسان إذا اقتنع فكريًا يبدأ جماح هذه الشهوات واشتعالها ينخفض تمامًا، هذا أمر تلقائي، حين تكون القناعة قوية ترسل إشارات للدماغ -والدماغ هنا لا بد أن يستجيب- والدماغ يرسل إشاراته للأعصاب التي تحرك هذه الشهوات بأن تتوقف.

أيها الفاضل الكريم: العملية نفسية فسيولوجية بيولوجية سلوكية، هذه هي النقطة الأولى والنقطة المهمة.

النقطة الثانية: حين تحدثك نفسك بالقيام بهذه العادة قل: (لا، لن أقوم بها أبدًا، هي قبيحة، هي كارثية، هي لا تناسبني، هي حطمت شخصيتي، جعلتني أحس بالقلق وبالتوتر وبالانطواء والانزواء، أضعفت نفسي) وهكذا أغرس هذه المفاهيم القوية، وفي ذات الوقت احبس نفسك.

نقطة أخرى: مارس الرياضة، وكن متوازنًا في طعامك، املأ فراغك بالأشياء الطيبة، وكن في رفقة الصالحين، حين تكون في رفقة الصالحين والذين –أصلاً- لا يتحدثون عن هذه الأشياء، سوف تُدرك أن ممارساتك خطأ، وسوف تتوقف عنها.

عليك أيضًا بالصوم، فالصوم جُنة ووجاء، صم يومي الاثنين والخميس، هذا الأمر شبابنا بكل أسف لا يهتم به كثيرًا إلا مَن رحم ربي، لكن أعرف من عالج نفسه من خلال الصيام من الشباب، وأنت مُقدم على الزواج، وهذه مكافأة عظيمة، يجب أن تحفزك على التوقف عن ممارسة هذه العادة القبيحة.

النقطة الأخيرة : يجب أن تربط نفسك ربطًا اجتماعيًا -كما ذكرت لك- وهذا مهم أيضًا، لا تسلط نفسك وملاحظتك ومشاعرك على طريقة مشيك أو على جسدك، هذا أمر كله ليس مفيدًا، وليس مهمًّا في الأصل، ضع لنفسك أهدافًا، وضع الآليات التي توصلك لهذه الأهداف.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن الملثم

    اخي الكريم اقم عهدا مع الله ان تترك هذه العادة فمثلا لمدة يوم او يومين وكلما تنتهي المدة مدد الى فترة بنفسهااو اكثر

  • السعودية روان

    الوحده واصحاب السوء سبب من الاسباب التي تؤدي الى فعل الحرام

  • السعودية ضايع والسبة انت

    انا زيك زقد حولن حياتي الى جحيمن لايطاق .. لكن نصيحتي حاول تقبحها بعقلك وبيرتاح جسمك يعني حاول تاخذها بصورة ثانية يعني مثلا اذا فكرت تسوويها فكر بشينها ولتفكر زينها فهمت؟ يعني هي بالاخيرة جسد وجسد زيك يعني لاتعطيهتا فوق حجمها الله يهديك..

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً